34 عاما على مجزرة صبرا وشاتيلا (1-2)

بقلم: مازن صافي

العام 1982 اجتاحت الدبابات والمصفحات الإسرائيلية الجنوب اللبناني وجعلت من الجنوب مأساة وتقدمت نحو العاصمة بيروت وفي أثناء تقدمها هدمت البيوت وقضت على الأرواح ومضت في خطتها الأساسية والغير المعلنة وهي الإطاحة بقيادة منظمة التحرير، و صمدت القوات الفلسطينية واستمر القتال في المخيمات واضطر الآلاف لإخلاء بيوتهم تحت ضغط الرعب واليأس، ولقد أعلن الفلسطيني انه سيدافع عن وجوده وعن الأرض العربية اللبنانية وعن الديار والقضية والهوية.

لقد كان فجر كل يوم يحمل مزيدا من الموت والضحايا والدمار والألم والتقدم الإسرائيلي صوب العاصمة وإحراق مدن ومناطق بأكملها

لقد قصفت (اسرائيل) مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني بالقنابل وأسقطت القنابل العنقودية على مخيم برج البراجنة والمستشفى الأرمني في بيروت وأصبح عدد الضحايا والشهداء بالآلاف وكانت رائحة الجثث المكدسة تعمّ الجو فحفرت الخنادق لتتحول الى مقابر جماعية

ولقد جاءت الضربة القاضية عندما بلغ العدوان أبشع مراحله خلال مجازر مخيمي " صبرا " و " شاتيلا " في بيروت . فقد كان المنتظر بعد إجلاء قوات وكوادر وقيادات م.ت.ف في أواخر أغسطس، والاتفاقية التي تمت بواسطة من فيليب حبيب، أن تراجع (اسرائيل) موقفها وتصغي الى الاستهجان العالمي لأعمالها، وتمتثل لمطالبه العادلة، غير أن مجلس وزراء الحرب الاسرائيلي قام بالاجماع برفض مشروع " ريجان " للسلام 2 سبتمبر، وشُيدت على الفور ثماني مستوطنات غير شرعية على الأرض العربية المحتلة، وكان ذلك بمثابة لطمة جديدة في وجه الاستنكار العالمي وقرارات الأمم المتحدة .

وفي اليوم السادس من نفس الشهر سلمت لجنة مخيمي " صبرا و شاتيلا " للجيش اللبناني جميع الأسلحة المتبقية في المخيمين، وفي يومي 10و11 سبتمبر تركت القوات الايطالية والأمريكية بيروت وعلى أثر ذلك قرر بيجين وشارون تنفيذ عملية "العقل الحديدي" حيث كان الهدف الأساسي للمجزرة الإرهابية هو القضاء على من تبقى في بيروت من الفدائيين الفلسطينيين، ولقد ابتدأت المجزرة في الساعة الثانية من صباح يوم 15/9 وكانت المؤامرة حيث اشتركت قوات وقادة الكتائبيين في الجيش وجهاز الاستخبارات اللبنانية، ولقد روى عن لسان القادة الكتائبيين قولهم " لقد انتظرنا هذا اليوم أعواما طويلة،؟! وكانوا يشجعون جنودهم بإيهامهم بأنهم المختارون للثأر لمقتل الرئيس اللبناني بشير الجميل وستون من رجاله أثر انفجار قنبلة في مقر الكتائب في بيروت الشرقية، ولقد أثبتت الأحداث والتاريخ أن (اسرائيل) هي من قامت بالقتل كبداية لتنفيذ عملية العقل الحديدي، وكان دوما المقاتل والضحية الفلسطيني هو المتهم.

وخيم الظلام على بيروت بعد غياب الشمس وقد انقطع التيار الكهربائي، وظهرت فوق المخيمين القنابل المضيئة عند منتصف الليل، وتلاحقت أصوات نيران البنادق المتقطعة تعلو داخل المخيمين، كانت المجزرة التي روعت العالم قد بدأت، وفي اليوم التالي أذاعت تل ابيب أن " جيش الدفاع الإسرائيلي يسيطر على جميع المناطق الاستيراتيجية في بيروت، وأنه تم حصار وعزل المخيمات التي تحوي التجمعات الارهابية، يومها كان مستشفى غزة في قلب المخيمين يستقبل الوافدين من المصابين، وارسل المجلس البلدي المسؤول عن المخيمين خمسة من الرجال كبار السن للتفاوض من أجل وقف المجزرة فقُتل أربعة منهم، وهم حامد اسماعيل " 55 عاما "، وأحمد سعيد " 65 عاما "، وأبو سويعد " 62 عاما، وتوفيق حمشة،

وفي اليوم التالي شوهدت خمسة وعشرون عربة " جيب " مليئة برجال مليشات ومجرمي الكتائب تتقدم عبر الطريق المؤدي الى المخيمين، وعندما خرج بعض سكان المخيم الى الضباط الاسرائيلين، طلب هؤلاء منهم أن يعودوا الى المخيم قائلين إنه لا خطر عليهم.

بقلم/  د. مازن صافي