لماذا الدعوة لمؤتمر وطني الآن ؟

بقلم: طلال الشريف

مؤتمر وطني أو جبهة انقاذ أو سموها ما شئتم أيا كانت التسميات الكثيرة للتعامل مع حالة أزمة كبيرة وخطيرة يمر بها مجتمع ما يتطلب التداعي السريع من قواه وهياكله المجتمعية والسياسية وشخصياته الوطنية والاعتبارية وحكمائه ومبدعيه ومثقفيه للاجتماع والتفاكر والحوار المسؤول للخروج بحل وخارطة طريق تحمل رؤية موحدة متفق عليها من هؤلاء المجتمعين واختيار أدوات وآليات تتناسب مع الهدف وهو إزالة هذا الخطر الكبير الذي يهدد المجتمع وإن لم يكن امكانية لإزالة هذا الخطر فالمؤتمر منوط به الخروج بخطة لمواجهة تأثيرات هذا الخطر وتداعياته ومضاعفاته بهدف تقليل خسائر هذا الخطر على المجتمع على أقل تقدير.

الدعوة قبل أيام أطلقتها الجبهة الشعبية ودعمها بقوة النائب الفتحاوي محمد دحلان لمواجهة المحاصصة واستمرار عباس وحماس بثنائيتهم في التمظهر بالتعاطي مع قضية المصالحة وانهاء الانقسام الفلسطيني التي تراوح مكانها منذ سنوات وتفردهم بتعطيل القرار الفلسطيني الجامع في ظل مناكفات وإلهاء شعبنا بتصريحات وتصرفات لشراء وقت لبقائهم في الحكم وادارة الانقسام وهذه الطريقة التي يتبعونها أصبحت مكشوفة للجميع ولا تتناسب مع المسؤولية الوطنية والأخلاقية عن قضية شعب مازال تحت الاحتلال ومازال الاحتلال له السيادة والسيبطرة على الأرض والمقدرات الفلسطينية بمجملها. ولكن هل هناك أسباب وجيهة للدعوة للانقاذ وعقد مؤتمر وطني ؟؟ أقول نعم ولو أن الدعوة متأخرة سنوات لكن أن تأتي الدعوة في هذا الوقت وأي وقت أفضل من ألا تأتي وهذه هي الأسباب وغيرها من الخطورة للتداعي لمؤتمر وطني شامل :

1/ خطورة غياب التمثيل والتشريع وانتهاء الشرعيات

أولاً: غياب أو التغييب المتعمد لدور الهيئات والمجالس التمثيلية الفلسطينية وتفرد الرئيس عباس بكل القرارات دون مشاركة ممثلي الشعب في اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني والمجلس المركزي وغيابهم عن المسرح السياسي وكأنهم فقط أعضاء في نادي رياضي أو اجتماعي حتى أن غالبيتهم لا يمارسون العمل السياسي الذي مثلوا شعبنا لممارسته بل يأتي بهم الرئيس عند الحاجة لتمرير أو منع ما يريد.

ثانيا: غياب وتغييب دور المجلس التشريعي ورغم انتهاء شرعيته ومعه الرئيس سواء بسبب الانقسام أو بسبب تقاعس الأعضاء عن ممارسة دورهم في الضغط لإحداث فراغ تشريعي وذلك عبر استقالاتهم الجماعية لو كانوا في موقع المسؤولية والأمانة التي حملهم اياها الشعب وأصبح دورهم غائب وليس بأصلح حال من المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية.

2/ القضية الفلسطينية تراجعت إلى الحد الأخطر سواء على الأرض التي صودرت وهودت من قبل الاحتلال الصهيوني أو من قبل المعاناة والدمار والقتل الذي مارسه الاحتلال دون وجود قيادة تحمي الشعب الفلسطيني وأصبح دورها في إرضاء المحتل والحفاظ على مكتسبات مسؤوليها على حساب قمع شعبنا والتعدي عليه من قبل السلطة والحتلال معا.

3/ خطورة تعطيل الانتخابات والتلاعب من قبل السلطتين في غزة ورام الله بالعملية الديمقراطية ومصادرة حق شعبنا في انتخاب ممثليه من جديد.

4/ رفض مبادرة الرباعية العربية للنهوض بالحالة الفلسطينية مما قد يعرض المصالح والشعب الفلسطيني للخطر والمعاناة الأكبر نتيجة الفشل في بناء علاقات تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني مع الجيران من الإخوة العرب بدل الركوب في محاور هي شديدة الخطر على قضيتنا.

5/ خطورة استمرار تمركز القوة المطلقة بيد الرئيس عباس نتيجة لخلل سابق في النظام السياسي الفلسطيني واستمرار تمتعه بصلاحيات واسعة تحبط أي امكانية لإصلاح النظام السياسي وخاصة وهو يستميت لمواصلة الحالة الآنية والمنقسمة والتفرد في كل شيء وهذا لا يمكن اصلاحه إلا عبر قيادة جماعية ينتخبها المؤتمر الوطني للوصول إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في أسرع وقت ممكن قبل تدهور الحالة الفلسطينية نحو العنف بعد تعمق الدولة البوليسية التي تأتمر بأمر الرئيس وخطرها على السلم الأهلي .

بقلم/ د. طلال الشريف