ظاهرة الارهاب الاسود التي لا زالت على انتشارها داخل المنطقة العربية ....وحتي داخل بعض الدول العالمية .....ظاهرة خطيرة ومدمرة للبنية الثقافية الانسانية ....الاقتصادية والاجتماعية والأمنية داخل الدول ....كما أنها اساءة منظمة للأديان..... بكل مثلها ومبادئها وأخلاقياتها التي انتشرت عبر العصور .
استخدام الارهاب من خلال بعض الجماعات التكفيرية التي تري في نفسها صحيح الدين كما صحيح المبادئ والتوجهات.... وفي الاخرين جماعة كافرة خارجة عن أصول الدين والمبادئ والاخلاق.... ويجب قطع رؤسهم وأياديهم ....وحتي السنتهم .....ووضعهم على أعمدة المشانق للنيل منهم ....وحتي تشريدهم ...تهجيرهم ...افقارهم... تدمير ثقافتهم وحضارتهم وعلاقاتهم الانسانية والاجتماعية ....وحتي الوطنية .....وادخال اليأس في نفوسهم.... وزيادة عوامل الاحباط بداخلهم.... حتي يستمروا في فقرهم واحتياجهم ....باعتبارهم مجتمعات نامية غير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي ....كما أنها غير قادرة على استثمار الطاقات والبناء عليها .
جماعات تكفيرية لا تقف الي حد ما ذكر سالفا ....بل تسعي الي خلق مجتمعات بائسة يائسة تتلقي ضرباتها.... وتتحمل فقرها واحتياجاتها ....وحتي لحظة استعبادها..... واعادة عهد العبودية والاستعمار بثوب جديد وبمضمون مختلف .
ظاهرة الارهاب الاسود تعبر عن حالة ضعف لمن يفكرون وينفذون ...حالة من التشتت والضياع الفكري.... الانساني ....الثقافي والديني ....حالة من الخروج عن الانسانية وحضارتها..... والدين وتعاليمه.... والاخلاق ومبادئه .
أرادت بعض القوي أن تستخدم هؤلاء الارهابيين لتحقيق غاياتها وأهدافها ومصالحها في ظل السؤال كيف يتجمعون ؟!...على أي ارضيه يلتقون ؟! ...وكيف يتسلحون ؟!...وكيف يتدربون ويعيشون ؟!....وكيف يؤثرون ويتنقلون ؟!.
مجموعة كبيرة من الاسئلة الموضوعية التي لا زالت تطرح دون اجابات واضحة وشافية ومتوازنة ....لماذا؟!.
لأن الهدف الذي لا زال عنوان المرحلة..... هو الابقاء على حالة الفراغ والاضطراب والضياع واختلاط الاولويات.... واضعاف الذات ...ومقومات القوة ....وزيادة عوامل الفقر والتخلف .
مواجهة الارهاب حتي الان ليس بالمستوي المطلوب .....ولم يتم حتي اللحظة استثمار كافة الطاقات الثقافية الاعلامية السياسية ....وحتي التنسيقية الامنية والمعلوماتية.... لإحداث المواجهة الشاملة ومحاصرة هذه القوي التكفيرية من منابعها .....وتجفيف مصادرها .
ولا زال السؤال المطروح.... لماذا الاختلاف بالمصالح والاهداف طالما ان الجميع يعلن محاربته للإرهاب؟؟ .....الا اذا كان البعض يري في مشروع الارهاب ظاهرة يمكن البناء عليها ونشرها ....والاستفادة منها لتحقيق غايات وأهداف ....وتنفيذ مشاريع دولية تحقق للبعض ما كانوا يحلمون بتحقيقه .
لم يعد خافيا على أحد ....أن هناك البعض من المستفيدين من ظاهرة الارهاب ممن يوفرون التمويل والتسليح والاحتضان والدعم اللوجستي..... حتي تتمكن تلك الجماعات من ممارسة قتلها وتخريبها داخل المجتمعات التي يتواجدون بها .
الارهاب ليس حالة عشوائية.... تعمل وفق الاهواء وبمنطلقات شخصية ....بل انها حالة منظمة تجمعت وفق مصالحها ...ووفق الممولين لها.... كما وفق الاهداف التي يسعون لتحقيقها.... والتي لا تخرج عن اطار الخراب والتدمير وادخال اليأس والاحباط داخل الشعوب ....وتأخير تقدمها ....ووقف عوامل تنميتها ....وقدرتها على استثمار طاقاتها ....والا لماذا هناك دول يجري الارهاب على ارضها ؟؟....وهناك دول لا يوجد على ارضها أي عمل ارهابي ؟؟.
الاجابة ليست بالصعوبة التي يمكن أن يتصورها أحد..... بل الاجابة وقد اصبحت واضحة وبارزة ومشهود عليها من خلال المتابعة لمجريات الاحداث وتطورها.... حيث لم يعد الارهاب ظاهرة مختصرة داخل دولة محددة .....ولم يعد ظاهرة يسهل مواجهتها بصورة فردية ....بل أنها ظاهرة عالمية .....أصبح يقر الجميع بأنها ظاهرة لا وطن ولا دين لها..... وتحتاج الي مواجهة عالمية حتي يتم استئصالها من جذورها..... وتجفيف منابع تمويلها ....ومحاصرتها وتضييق الخناق عليها .
تحديث الخطاب الاعلامي ....الديني ....الثقافي بما يتلاءم وحداثة العصر.... وما حدث من طفرة تكنولوجية وما يستجد من تطور مجتمعي.... يحتاج الي الاجابة على العديد من التساؤلات في ظل ثورة المعلومات ...وشبكات التواصل الاجتماعي..... ومدي عمق التأثير وتغليب لغة العواطف .....والمصالح الشخصية .....على لغة العقل والمنطق والمصالح العليا لهذا الوطن أو ذاك .
المواجهة وضرورتها أصبحت ملزمة ومشروعة وواجبة.... وعلى الجميع من الذين يؤمنون بالإنسانية والحرية والديمقراطية من يؤمنون بالأديان السماوية ....والحضارة الانسانية وأسس ومبادئ وأخلاقيات الشعوب التي توارثتها عبر الاجيال ....وحقها في الاختيار وتحديد الأولويات وفق مصالحها ....وبما يخدم قضاياها الداخلية .....بعيدا عن أي محاولة لممارسة الضغوط والابتزاز .....استغلالا على ارضية الاحتياجات ....والظروف الطارئة داخل أي دولة .
لقد بات للإعلام بكافة وسائله والعاملين به .....كما لأصحاب الفكر والرأي من صناع الرأي العام للمثقفين والادباء والمبدعين أن يستحدثوا نهضة جديدة بفكر وثقافة ....واسلوب المخاطبة .....بما يمتلكون من مقومات التأثير .... ومن قوة المواجهة لمحاصرة هذه الظاهرة المدمرة للمجتمعات .....والتي تتم تغذيتها بفعل عوامل وظروف داخلية وخارجية .
الخطر الداهم والمسمى بالإرهاب الاسود .....والذي دخل لمنطقتنا..... مع المشروع الامريكي للشرق الاوسط الجديد ومع ما يسمي بالربيع العربي .....والذي أكد للجميع ....أنه مؤامرة مدبرة بفعل قوي ذات مصالح ضيقة ....عنوانها الحكم والسيطرة على حساب المصلحة الوطنية والحقوق.... وهذا ما تم تلمسه ببعض الدول التي جري على أرضها الاحداث دون غيرها..... والذي يؤكد مدي عمق الاستهداف لتلك الدول وما يعانيه البعض منها من ترددات زلزال هذا المسمى بالربيع العربي.... الذي انكشف وجهه الحقيقي لكافة الشعوب .
القوي الاستعمارية وقد انتهجت منذ عقود ماضية أسلوب الاحتلال من خلال الجيوش والعتاد العسكري.... والقواعد الثابتة ....وما طرأ من تطور في اساليب هذه القوي الاستعمارية من خلال السيطرة الاقتصادية ...التجارية ....ومساحة التدخلات السياسية والامنية في ظل أوضاع دولية كانت تسمى حينها بالحرب الباردة ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي .
اليوم تعيد تلك القوي الاستعمارية مخططاتها عبر أجهزتها ومؤسساتها.... وحتي عبر المؤسسات داخل بعض الدول والتي يجري تمويلها وتدريبها على تفتيت الدول وتقسيمها على قاعدة الاديان والطوائف والمذاهب.... والمعتقدات الفكرية .....ليسهل التهامها والسيطرة عليها من خلال مجموعات ارهابية تمارس القتل والتدمير..... ومن خلال مجموعات مؤسساتية تمارس الخطابة والندوات وورشات العمل والمؤتمرات ....والذي يصب بمعظمه حول أهداف خبيثة ممولها واحد ....وأهدافها واحدة ....والنتائج التي تسعي لتحقيقها تجمع بينهم ولا تفرق .....مما يؤكد كشف اللثام عن وجوه المخططين والمنفذين والمستفيدين من ظاهرة الارهاب....الذين أصبحوا على مرمي العين.... ويجب استئصالهم من جذورهم ....وعدم تركهم يسبحون في فضاء السماء من خلال قنوات الارهاب.... وحتي من خلال أرض المنطقة تحت مسميات متعددة .
دول المنطقة وشعوبها ما زال أمامهم الكثير من التحديات الثقافية والتنموية ....العلمية والاجتماعية... حتي يتمكنوا من مواجهة هذه القوي الشريرة التي تواجدت للتدمير والتجهيل ...وقتل الانسان من داخله من خلال قتل الآمال والاحلام ....وضياع خيرات واقتصاد البلاد في حروب هامشية ....تم التخطيط لها بعناية فائقة ....حتي تصبح خيرات الأمة وطاقاتها وجهودها بحالة ضياع .
بقلم/ وفيق زنداح