ربما هي الصدفة فقط التي ستجعل يوم 11/ نوفمبر لهذا العام يوما مميزا وذات دلالات قوية على قوة ومتانة العلاقة الفلسطينية المصرية ، مهما حاول العابثون تلويثها علاقة لا تنفصم أواصرها ابد فهي علاقة فرضتها عوامل التاريخ والجغرافيا منذ أقدم الأزمنة وحتى يومنا هذا ، فلسطين هي بوابة مصر إلى بلاد الشام وعلى أرضها ومنها بدأت حركة تاريخ منطقتنا العربية منذ هجمات الهكسوس في عهد الحكم الفرعوني مرورا بالحكم الإغريقي والروماني ،ثم الفتح الإسلامي والغزو الصليبي والمغولي، ثم التركي إلى الاستعمار الانجليزي ،مرحلة تلو مرحلة وفي جميع هذه المراحل كانت فلسطين ومصر جنبا إلى جنب في المواجهة، والتصدي لكل الهجمات التي استهدفت المنطقة وكأن القدر قد فرض عليهما دائما للوقوف عند ثغور الأمة .لحمايتها والدفاع عنها متحملين الأعباء والمعاناة ، وهنا تأتي المصادفة يوم 11/11 لتعانق فيه مصر فلسطين ويتجدد العهد .
هنا 11/11 الفلسطيني ، الذي تحل فيه الذكرى الثانية عشر لرحيل القائد الرمز ياسر عرفات ، بعد حصار طويل فرضه أعداء الأمة عليه وفي النهاية استطاعوا الوصول إليه ، وعلى الرغم من انه لم يصدر أي بيان رسمي حول نتائج التحقيق لبيان أسباب الوفاة، إلا أن أصابع الاتهام تتجه إلى إسرائيل بقيامها بتنفيذ عملية اغتيال جبانة لتتخلص من رجل وقف في وجهها وأعاد لشعبه مكانته ومكانة تحت الشمس أملا في التحرير والعودة ، ولم تفلح معه كل محاولات التطويع فكان الخلاص ، ولكن وان غادر أبو عمار فلسطين وشعبه فشعبه لم يغادر أبو عمار فما زال هو المدرسة التي يتعلم منها الأجيال ، لذلك في الوقت الذي يقف فيه شعبنا لإحياء ذكراه لا بد من الإصرار على استمرار نهجه وسياسته ونضاله وتضحياته من اجل تحقيق أهدافنا المشروعة .
يأتي هذا اليوم والحال الفلسطينية في أسوأ مراحلها ، من انقسام منذ عشر سنوات ، وانقسامات فرعية تشهدها بعض الفصائل ا ، تراجع في موقع قضيتنا بين القضايا العالمية بعد أن كانت تقف على راش القضايا ، تراجع الاهتمامات العربية والإقليمية بها في ظل ما تشهده المنطقة من صراعات وحروب ، ويأتي هذا اليوم في الوقت الذي تستعد حركة فتح، حركة أبي عمار لعقد مؤتمرها السابع والساعي لعلاج جميع القضايا التي تواجهها الحركة ، لذلك فإننا نرى ضرورة جعل يوم 11/11 يوما فلسطينيا بامتياز ، لا لتكرار أمجاد أبي عمار وذكراه فأبي عمار ذكراه محفورة في قلب كل فلسطيني ، ولا يحتاج أبو عمار لان يكون هذا اليوم لإلقاء الخطب وتسيير المسيرات ورفع الرايات بقدر ما نتذكرا هتافه الشهير للقدس رايحين شهداء بالملايين .
نعم يجب أن يكون هذا اليوم يوما للإصرار على إنهاء مشاكلنا سواء على صعيد التنظيم ، أو على صعيد الانقسام ووحدة الشعب والتفرغ إلى مواصلة طريق التحرير والعودة ، وتفويت الفرصة على كل من تروق له نفسه من تعكير أجواء شعبنا وحرفه عن مساره .
من ناحية أخرى هناك 11/11 المصري ، حيث تفيد الأخبار الواردة من مصر عن جهود يقوم بها البعض لإحداث فوضى جديدة في مصر تحت دعاوى انهيار الاقتصاد وصعوبة العيش ، لذلك أطلق عليها ثورة الجياع أو ثورة الغلايا ، والجميع يعلم أن قضايا متراكمة منذ عشرات السنين تعاني منها دولة كبرى في حجم مصر لا يمكن علاجها في سنة أو سنتين ، أنها تطلب برامج وخطط لسنوات ،على أن تكون هذه السنوات سنوات استقرار يسوها الأمن والسلام والعمل ، أننا وإذ نأمل فشل محاولات نشر الفوضى في مصر ، نأمل لان يتحول هذا اليوم إلى يوم للتحدي لحماية مصر من الانزلاق في آتون الفوضى المدمرة التي ربما تحرق الأخضر واليابس لا سمح الله فمصر ليست في حاجة أبدا للفوضى بل في حاجة إلى الاستقرار والأمن والسلام من اجل البناء والتنمية ، في حاجة إلى الجهد والعمل ، نتمنى ان يفشل شعبنا في مصر هذه الدعاوى وليجعل هذا اليوم يوما للتحدي بالذهاب الى المزارع والمصالح والى جميع مرافق الدولة لحمايتها .
نعم ليكن يوم 11/11 فلسطينيا مصريا للتحدي ، من اجل وحدة الشعب في كل من مصر وفلسطين ، تحدي من اجل المستقبل الواعد ، تحدي للإرهاب الدموي في مصر والإرهاب الإسرائيلي في فلسطين ، تحدي من اجل لحمة الشعب ووحدته في كل من مصر وفلسطين .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطيني
6/11/2016