إنتهاك الطفولة الفلسطينية امام المحاكم العسكرية الصهيونية ..!

بقلم: أكرم عبيد

منذ نكسة حزيران 1967 واستكمال احتلال الأراضي الفلسطينية تعرض شعبنا الفلسطيني المقاوم في الاراضي المحتلة ارهاب الدولة المنظم بكل اشكاله الاجرامية الذي استهدف البشر والشجر والحجر ولم يرحم حتى القبر .

ومن اهم هذه الاشكال الارهابية سياسة الملاحقة والاعتقال التي لم تستثني أي فئة من الفئات العمرية من أبناء شعبنا من الرجال والكهول والنساء والشباب والصبايا وحتى الأطفال التي زجت بعشرات الآلاف منهم في غياهب السجون دون مراعاة الحدود الدنيا من القوانين والمواثيق الدولية التي اكدت على حماية ورعاية الطفولة .

وقد صعدت قوات الاحتلال الصهيوني من اعتقالاتها في صفوف الأطفال الفلسطينيين عقب الجريمة البشعة التي ارتكبتها عصابة المستوطنين بحق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير (16 عاماً) وما أعقبها من مواجهات عارمة اندلعت بين الشبان وقوات جيش الاحتلال في مدينة القدس المحتلة وسائر أنحاء الضفة الغربية المحتلة وبدأت المحاكم الاجرامية الصهيونية تغيير سياستها القضائية بخصوص اعتقال الاطفال ولم تعد توافق على طلبات اخلاء سبيل الاطفال قبل صدور تقرير ما يسمى ضابط السلوك الصهيوني الذي يستغرق من 20- 25 يوماً ودون ان يتم الافراج عنهم عقب صدور التقرير المزعوم .

وهذا يعني ان السلطات القضائية الصهيونية المزعومة شرعت اعتقال وسجن الكثر من الاطفال الفلسطينيين بزعم ارتكابهم مخالفات امنية لم يتم التأكد من قوعها او من ارتكابهم لها واليوم لا تقبل المحاكم الصهيونية في المرحلة القضائية التي تسبق الادانة الافراج عن الطفل بل تتعمد اتخاذ قرارات اجرامية جائرة بالسجن المنزلي بعيدا عن منزله واسترته ولا يسمح له بالذهاب الى المدرسة بالإضافة الى تغريمه مبالغ مالية كبيرة .

وهذه الاعتقالات والإجراءات الصهيونية تتم بشكل مُمنهج وبمباركة القيادات السياسية والأمنية الصهيونية حيث دأبت قوات الاحتلال ومنذ استكمال احتلالها للاراضي الفلسطينية إلى إصدار الأوامر العسكرية المتواصلة والتي تفوّض جيش الاحتلال باعتقال الأطفال ليس هذا فقط بل جعلت من قضية اعتقال الأطفال على سُلم ما يسمى السلطة التشريعية الصهيونية ومجلس الوزراء الصهيوني حيث أقرّت قانونًا في نوفمبر عام 2015م بالسماح لقوات الاحتلال باعتقال ومحاكمة الأطفال ما هم دون 12 عامًا ووضعهم قيد الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد .

 وقد تميزت هذه الاعتقالات بطابعها الإجرامي الإرهابي ذات التأثير السلبي على الطفل الفلسطيني حيث العوارض الجسدية والنفسية التي تظهر عليه خلال وبعد عملية الاعتقال وبالرغم من ذلك ما زال يقبع في سجون الاحتلال الصهيوني 300 طفل فلسطيني تقل أعمارهم عن 18 عاما خلف القضبان في ثلاثة سجون هي مجدو وعوشر وهشارون ولا تزال إدانات المنظمات الحقوقية تكشف سجل انتهاكات المحتل الصهيوني وما زالت سلطات الاحتلال تمعن في جرائمها بحق الطفولة الفلسطينية وتصعيد سلوكها الارهابي منذ منتصف العام الماضي بحق أطفالنا في الاراضي الفلسطينية المحتلة بالرغم من الإدانات التي جاءت من تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) الذي تحدث عن سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال الذي ما زال مستمرا لكن سلطات الاحتلال الصهيوني اعتبرت التقرير غير محايد.
وفي الحقيقة لم يكن اعتقال الطفل الفلسطيني المصاب احمد المناصرة البالع من العمر 13عام منذ عام بعد إدانته بمحاولة طعن مستوطنين مع ابن عمه الشهيد الفتى حسن مناصرة في مستوطنة بسغات زئيف شمالي القدس المحتلة إلا نموذجا لسياسة الاجرام الصهيوني بعد الحكم عليه بالسجن 12 عاما ودفع غرامة مالية تقدر ب26 ألف دولار كتعويضات و21 ألف دولار للجندي الصهيوني المتضرر حسب زعمهم .

وقد أظهرت مشاهد فيديو سربت تعرض الطفل الجريح احمد المناصرة لضغوط ومعاملة قاسية أثناء التحقيق معه من قبل أجهزة الأمن الصهيونية التي وجهت له  تهمة مزعومة بمشاركته في عملية طعن جندي صهيوني ومحاولة انتزع اعترافه بالقوة لكنه صمد كما صمد معظم الأطفال الفلسطينيين المعتقلين الذين تعرضوا لجرائم التعذيب والضرب والتنكيل باستخدام الكلاب البوليسية والصعقات الكهربائية والشبح وغيرها من الممارسات الإجرامية الصهيونية القاسية أثناء التحقيق معهم لانتزاع الاعترافات منهم بالقوة مما يشكل انتهاكا جسيما لطفولتهم البريئة التي تنص القوانين الدولية والإنسانية على ضرورة حمايتها .  

وقال السيد المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال خالد قزمار إن الفيديو المسرب عن الطفل مناصرة هو دليل جديد بالصوت والصورة عن حالات التعذيب النفسي والبدني الذي يتعرض له أطفال الفلسطينيين وأضاف أن المحققين " الإسرائيليين " استخدموا بشكل وقح التعذيب النفسي ضد الطفل مناصرة بالصراخ وحرمانه من حقه في استشارة محام وفي اصطحاب أسرته معه وقال إن الهدف من تسريب الفيديو هو التخويف والحرب النفسية التي تشن ضد الأمهات والأطفال لكن ورغم كل ذلك نجح مناصرة في هزيمة المحققين ولم يدل بأي اعتراف، بدليل أنه كان يكرر: لا أتذكر، لا أعرف".

وقد ترافقت عملية إصدار الحكم على الطفل المناصرة مع حكم ا آخر أصدرته المحكمة المركزية الصهيونية على الطفلة الفلسطينية إسراء الجعابيص حكما بالسجن الفعلي لمدة 11 عاما وهي من حي “جبل المكبّر” بعد إدانتها بمحاولة قتل شرطيّ للاحتلال عن طريق تفجير أسطوانة غاز عند حاجز الزعيم قبل حوالي عام، وفرضت على إسراء تعويض للشرطيّ الصهيوني المصاب بمبلغ 7 آلاف دولار.

وفي نفس السياق أكد السيد قزما ران سلطات الاحتلال الصهيوني اعتقلت 8500 طفل فلسطيني بين عامي 2000 و2015, أغلبيتهم تعرضوا لما تعرض له الطفل مناصرة من تعذيب نفسي وجسدي وهي حالات قال إنهم مستمرون في حركتهم في توثيقها لاستخدامها دليلا ضد الاحتلال وقياداته لمحاكمتهم أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب .

ويقول عبد الناصر فروانة مدير وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى، إن الزيادة في أعداد المعتقلين من الأطفال مقلقة ومخيفة، منذ اندلاع الانتفاضة الحالية مطلع أكتوبر الماضي، حيث طال الاعتقال 1800 طفل من أصل 4500 حالة اعتقال في أقل من 6 أشهر بمعنى أن 40 % من المعتقلين هم أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 –  وأقل من 18 عامًا.

وأكد فروانة في حديثه لبوابة "العين" أن 450 طفلاً يخضعون للاعتقال حاليًا في السجون الصهيونية أصغرهم الطفلة ديما الواوي 12 عامًا التي تعد أصغر طفلة معتقلة في العالم .

وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدوره فارس إن السبب في زيادة وتيرة اعتقال الأطفال هو تصديهم لمشروع الاحتلال خاصة في البلدة القديمة من القدس.
وبالرغم من كل شيء ما زال أطفالنا الفلسطينيون الأسرى في السجون والمعتقلات الصهيونية يعانون من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى.  فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته وانعدام النظافة وانتشار الحشرات والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيها تهوية وإنارة مناسبتين بالإضافة للإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية ونقص الملابس وعدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية والانقطاع عن العالم الخارجي والحرمان من زيارة الأهالي وعدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسيين والاحتجاز مع البالغين أو مع أطفال جنائيين صهاينة والعزل والتحرش الجنسي والعقوبات الجماعية وتفشي الأمراض.

لذلك إن الأطفال الأسرى محرومون من الرعاية الصحية والعلاج الطبي المناسب وعادة ما تكون أقراص المسكنات هي العلاج لمختلف أنواع الأمراض .

ووفقاً لإفادات بعض الأطفال الأسرى فإن سلطات وإدارات السجون ترفض إخراج الأطفال المرضى إلى عيادات السجن وحتى إن أخرجتهم فإنهم يتعرضون للضرب والشتائم والمضايقات حتى من الأطباء والممرضين.

 كذلك فإن إدارات السجون لا توفر طبيباً مقيماً بشكل دائم في عيادة السجن ولا تزال سلطات الاحتلال تماطل وأحياناً ترفض إجراء عمليات جراحية للأطفال المصابين بأمراض تستدعي عمليات جراحية فورية.

  فهناك أطفال بحاجة إلى عمليات لإزالة شظايا أو رصاص من أجسادهم وهناك أطفال يعانون من أمراض نفسية أو من أمراض عيون وأذن .

وتفيد إحصائيات وزارة الأسرى أن حوالي 40% من الأمراض التي يعاني منها الأطفال الأسرى هي ناتجة عن ظروف اعتقالهم غير الصحية وعن نوعية الأكل المقدم لهم وانعدام النظافة.

وفي النهاية في ظل الوضع العربي والفلسطيني المتردي ما زال شعبنا الفلسطيني المقاوم يراهن على قوى المقاومة وأجنحتها العسكرية الضاربة في تحرير الأسرى رغم انف الاحتلال وان غدا لنظاره قريب .

بقلم : أكرم عبيد

[email protected]