بداية فتح انطلقت من عمق الحالة الشعبية ومحصناتها الفكرية والثقافية والوطنية ، ولذلك عندما تتعرض فتح كحركة تحرر وطني لمتغير خطر يخرجها من هويتها فإن الحالة الوطنية كلها تتعرض للخطر، سواء قوى وطنية او اسلامية ، ولأن قدرة الصمود الفلسطيني الذي عمقه القوى والحاضنة الشعبية تتعلق بما تطرحه فتح ومن خلال عمق تنظيمي سياسي امني اجتماعي يقود المرحلة على مستوى الترتيبات الداخلية ومحصناتها او على مستوى الصراع مع الاحتلال او على مستوى ابجديات سياسية ثابته تخاطب دول الإقليم والمجتمع الدولي ، محصنات الحالة النضالية الفكرية والثقافية للشعب لا تتوقف على مرحلة محددة وعلى سبيل المثال ان تتوقف عجلة المحصنات على من صاغوا الفكرة وهم التاريخيون ، فالتاريخيون رحلو إستشهاديين من اجل الفكرة ومن اجل ان تصل حركة التحرر لأهدافها.
لقد ادرك الكثيرين مدى الخطورة التي تقع فيها فتح الآن ومن خلال اختطاف فتح منهجيا وبشكل مضاد ومعاكس لإرادتها وسلوكها واهدافها وما وضعت من مرحليات لإدائها ، هذا الإختطاف الذي قاده ثلاثة ممن يسمون القيادة التاريخية وبعض قيادات الصف الثاني والثالث وعلى رأس هؤلاء محمود عباس الذي اعترف صراحة في خطابه الاخير امام تجمع المقاطعة بأنه عمل من عقود على اخداث انهيار في الفكر التحرري لفتح وهو اختراق كبير اصاب حركة فتح في العمق ومما سهل هذا الاختراق اغتيال ممنهج لقيادات الصف الاول وتدرج حسب معطيات المرحلة .
من العبث ان نتحدث عن الاختراق منذ تسلم محمود عباس رئاسة السلطة او منذ عشر سنوات عندما هيمن على السلطات الثلاث فتح والسلطة ومنظمة التحرير بل هو اختراق تنامى بعوامل امنية وجغرافيه وهو يمثل نهج تروتسكي امام ما واجهته الثورة البلشيفية في روسيا مع اختلاف النظريات بين فتح والثورة البلشيفية .
بالتأكيد ان الضرر الاكبر لحق بفتح والحركة الوطنية عندما تسلم محمود عباس السلطة وبنظرية تهميش فتح وتسطيحها وتسطيح كادرها الثقافي وبروز عوامل النرجسيات الضيقة من خلال الرتب والامتيازات وحوصلت الانجازات الوهمية بما يتمتع فيه الفرد من منافع وهذا يناقض السلوك الادبي والنضالي لفتح.
مؤتمر المقاطعة وما يسمى المؤتمر السابع لفتح كان نهاية لمرحلة لتبدأ مرحلة جديدة وما تم من عملية فرز امني لكافة كوادر فتح في مستوياتها التنظيمية المختلفة ، منهجية ان دلت على شيء فهي تعني تجديد شرعيات الانقلاب على فتح ومعاييرها النضالية واعادة ترتيب قواها امام دول الاقليم والمجتمع الدولي وتثبيت شرعيتها واخراج فتح علنا وليس سرا من ثوبها وما تبقى من هذا الثوب كحركة تحرر ، ومن خلال لغة السلام كخيار وحيد ومن خلال ابجديات مشبوهة لبرنامج يتحدث عن التنمية في حين لا تنمية مستدامة في ظل الاحتلال ولا تنمية مستدامة في ظل القهر وعدم وجود العدالة الاجتماعية لشعب يرزح تحت الاحتلال ، مقاومة سلمية لاتستطيع مواجهة اي تمدد استيطاني ، هذا النهج الذي اخذ بفتح الى القبول المنتظر والى الامام حول تقاسم المنافع مع الاحتلال وباي كيفيات ومكيفات سياسية وامنية .
هي مرحلة تثبيت لاستكمال عملية الاختطاف لتلحق بمنظمة التحرير وبعد فشل في مناورة لعقد المجلس الوطني بمن حضر تمت محاولتها منذ اكثر من عام .
ولكن امام المرحلة الجديدة والتي لم يقتصر الاستهداف لتيار محمد دحلان ومن خلال حملة عنيفة استمرت 5 او 6 سنوات تخيل بمؤتمره ان الظروف سانحة لافتراس هذا التيار واعدامه سياسيا وشعبيا ورسميا ومعه كل التيارات المناوءه لنهج الانقلاب ومنهم يارات ما زالت تعمل بفكر الكفاح المسلح على نهج الاولين ، امام هذه المرحلة الجديدة تحديات امام التيار الديموقراطي الاصلاحي وكافة التيارات التي يجب ان تلتقي جميعا كتيار ثالث التيار الديموقراطي بقيادة دحلان وسمير المشهراوي لانقاذ فتح وتجربتها ورصيدها .. ولكن كيف ...؟؟
هل بمؤتمر سابع او ما تحدث عنه البعض بمؤتمر موازي تدعمه الرباعية العربية ...... ام الاستمرار في التوجه بالعمل من خلال اطر حركة فتح الذي صاغها محمود عباس كبلوكات ...... او من خلال الفعاليات المختلفة والانشطة المختلفة التي توضح ان هناك تيارا ديموقراطيا يعمل وله قاعدة عريضة ...؟؟؟ اعتقد ان المرحلة والتجربة التاريخية في فتح والانشقاقات التي حدثت وعوامل فشلها قد لا تكون مشجعة او الانشطة التي كان معمولا بها وهي انشطة مجتمعية قد تكون غير مجدية امام تحديات تركيبية وسياسية وامنية يحضر لها محمود عباس .
قد يكون من المهم ان لا نقترب من مفهوم الانشقاق وهو ما يريده عباس او تشكيل حزب كما يريد ايضا ، ولذلك قد يكون من الذكاء والانجاز التئام قوى الحركة تحت وعاء مؤتمر الشعب الحركي العام لانقاذ فتح ويضم الكادر التنظيمي والعسكري والمنظمات الشعبية والاهلية والاكاديميين والاعلاميين ، ليضع برنامج له عمق تنظيمي ومؤسساتي ويضع برنامج سياسي من خلال امانه عامة ولجان العمل الحركي في كل المجالات والاعتماد على النظام الاساسي الحركي في صياغة اي عمل لتلك اللجان الشعبية الحركية .
قد يكون مقترح يحتاج لمزيد من التوصيفات والاليات ولكن اعتقد انه خيار لانقاذ فتح.
بقلم/ سميح خلف