قال الرئيس محمود عباس في خطابه المطول أمام أعضاء المؤتمر العام السابع لحركة فتح، وعلى مسامع رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهو آنذاك لا يتحدث باعتباره قائدا لحركة فتح فقط بل باعتباره الزعيم الفلسطيني القوي، إن "الانسان عدو ما يجهله" وهو تعبير ذو دلاله في سياقين مختلفين كلاهما يؤديان الى هدف واحد تقوية وتدعيم النظام السياسي أو صانع القرار.
يشير السياق الأول إلى أن المؤسسة الرسمية محمولة على تقديم المعلومات؛ أي الانفتاح على المواطنين من خلال تزويدهم بالمعلومات وتفسير الأفعال وتقديم المبررات لهم عن أفعال المؤسسة. وهذا الامر ينطبق على الحكومة كما ينطبق على أي مسؤول آخر. أي بمعنى آخر أو بالفهم المعاصر وعلى حد قول مؤسسات المجتمع المدني تطبيق مبادئ الشفافية وأنظمة المساءلة التي تعزز نزاهة المؤسسة الرسمية.
والسياق الثاني الانفتاح المذكور أعلاه يساعد المسؤول على بناء التحالفات والتقليل من العداء المزمن مع الأطراف الأخرى، فحجب المعلومات وعدم تفسير الأفعال يدفع بمعارضين أو منتقدين أزيد للسياسات والافعال بسبب غياب المعلومات التي تحدد الإمكانيات ومعرفة الظروف المحيطة أو الضاغطة للقيام بهذا الامر أو ذاك. فالانفتاح هنا يساعد على تفهم الأطراف أو كسب المواطنين لصالح هذا القرار أو الفعل لحسن تقدير المواطن والصحفي والكاتب والناقد وحتى المعارض أي بمعنى آخر تحملهم على الثقة بالنظام والمؤسسة وحتى الاشخاص.
ان الربط ما بين الشعار الذي قدمه الرئيس في خطابه " الانسان عدو ما يجهله" واليوم العالمي لمكافحة الفساد هذه الأيام، وهو كلام قيل على بعد أيام قليلة من الاحتفالية العالمية بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الداعية لتعزيز النزاهة باتباع أقصى درجات الشفافية التي تتيح للجمهور القدرة على الوصول للمعلومات والحصول عليها وفقا لقواعد قانونية ناظمة لها، وهي محددة في مشروع قانون حق الحصول على المعلومات المدرج على جدول أعمال الحكومة منذ ما يزيد عن عامين دون ان يرى النور أو الحياة.
في ظني أن الشعار أو خطاب الرئيس يدعو بل يأمر جميع الأطر الفلسطينية الرسمية احترام حقوق المواطنين في تلقي دروب المعلومات ونقلها دون عوائق من جهة، ويقضي بإصدار قانون حق الوصول للمعلومات من جهة ثانية، ويفتح المجال أمام تبني تحالفات قادرة على الدفاع بعقلانية ومصداقية عن أفعالها.
جهاد حرب