البناء على قرار مجلس الامن 2334..

بقلم: هاني العقاد

تابع العالم بترقب كبير التصويت علي مشروع قرار دولي يدين الاستيطان ويطالب بوقفه فورا على اعتبار انه غير قانوني وغير شرعي في الضفة الغربية والقدس باعتبار انها اراض محتلة عام 1967 ,ولعل العالم صدم من تدخل مصر وسحبها المشروع بل وسحبها المشروع من التداول نهائيا في خطوة غير مفهومة من قبل مصر الراعي العربي الكبير للقضية الفلسطينية وصاحبة التاريخ الذي نتشرف به كفلسطينيين, الصدمة الكبرى التي حدثت واحدثت عاصفة كبري في الاوساط الامريكية للحزب الجمهوري والرئيس الأمريكي المنتظر دونالد ترامب لأنه لم يكن يتوقع تقدم الدول الاربع التي ناصرت الحق الفلسطيني واثبتت ان القضية الفلسطينية قضية ذات اهتمام دولي كبير لا يمكن ان تنحصر في الاقليم وبالتالي تتحكم دول الاقليم في مسارات حل الصراع ,وكانت الصدمة كبيرة لترامب بامتناع ادارة اوباما عن استخدام حق النقد الفيتو واسقاط المشروع وتعتبر هذه اول صدمة يتلقاها ترامب قبل وصوله الى البيت الابيض بشهر تقريبا هذا باختلاف عن الصدمة التي تلقها نتنياهو الذي بات متأكدا ان القرار لن يمرر وخاصة بعدما قضي ساعات المساء يجري الاتصالات بترامب لكي يمارس ضغطا على مصر وتقوم بسحب القرار ويلعب دورا هاما مع اللوبي الصهيوني في امريكا ليمارس ضغطا على ادارة اوباما حتى يستخدم حق النقد الفيتو في وجه المشروع , لكنها فشلت فشل زريع .
فنزويلا – نيوزلندا – ماليزيا - السنغال اربع دول صديقة قامت على الفور بتقديم المشروع للتصويت امام مجلس الامن بعد سحب القرار من قبل مصر العضو العربي الوحيد بمجلس الامن وبعدما ركنت كل من اسرائيل و ترامب بان القرار سحب من التداول نهائيا بواسطة مصر على اثر اتصالات التي اجراها ترامب بالرئيس السيسي ليفعل ذلك , وما حدث بالضبط هو عمليه بنيت على درجة عالية جدا من الذكاء السياسي فقد احدث سحب مصر للمشروع غضبا فلستينينا وهزة لدي الدول الاعضاء الاصدقاء في مجلس الامن و ما جاء من تلبية طلب القيادة الفلسطينية بالتدخل وتقديم المشروع من جديد من قبل الاربع دول الصديقة وكان كردة فعل على الاجراء المصري وبالتالي رفع المشروع للتصويت وصوت مجلس الامن بأغلبية 14 لصالح قرار دولي يدين الاستيطان ويطالب بوقفة فورا في الضفة الغربية والقدس الشرقية , نعم قرار نصه ضعيف لكنه مفيد في هذا الوقت كورقة مهمة في يد الفلسطينيين تساند نضالهم لإنهاء الاحتلال.
هذا القرار جاء في وقت تتغول فيه اسرائيل في الارض الفلسطينية وتتنكر لحل الدولتين الذي هو بالأساس حل لا يلبي الا الحد الأدنى من الطموح الفلسطيني لكن ينبغي القبول به مرحليا ,ولعل اهمية المشروع اليوم تأتي في وقت حساس جدا باعتبار ان اسرائيل لم تعد تحترم أي قوانين دولية وتمضي باختراع القوانين التي بموجبها تقوم بمصادر الاف الدنمات وتزرع فيها المستوطنات وتعمد الى فصل مدن الضفة الغربية عن بعضها البعض لتجعل امكانية قيام دولة فلسطينية من رابع المستحيلات وتضع الفلسطينيين والعالم امام سياسة الامر الواقع وبالتالي لا يبقي في وجه الفلسطينيين سوي كيان مؤقت لا حدود له عبارة عن كانتونات غير متواصلة جغرافيا , يخشي البعض ان يبقي القرار حبرا على ورق لا اكثر ولا اقل ويضاف الى القرارات الأخرى بما فيها 242 و 338 و 181 و194 وبالتالي يتفقوا مع ما قالة داني دانون مندوب اسرائيل في الامم المتحدة , وهذه حقيقة لان القرار مهم وستجند اسرائيل كل ما لديها من قوه وعلاقات مع الادارة الجديدة لتجعل من القرار كأنه لم يكن وخاصة ان ترامب قال في تعليق له على القرار بان الامور ستتغير في الامم المتحدة بعد 20 من يناير العام الجديد ,وهنا لابد من ان يبدأ الفلسطينيين فوار بالعمل مع جبهة دبلوماسية واسعة ومتعددة الاطراف المؤيدة للحق الفلسطيني لتبني على القرار ليكون قاعدة اساسة من قواعد المدخلات في مؤتمر باريس القادم في الخامس عشر من يناير يعتمده المؤتمر بالنص ليحقق حل الدولتين ويعترف العالم بان الارض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس هي ارض فلسطينية لا يحق لإسرائيل التواجد عليها عسكريا او مدنيا باعتبار ان المستوطنات هي مستوطنات يقطنها مدنين إسرائيليين . ونقول ايضا ان قرار مجلس الامن الجديد يحتاج الى استراتيجية عمل دبلوماسي وسياسي فلسطيني كبيرة تشتمل على جهد فلسطيني عربي ودولي مضاعف حتى يصبح واقع ويطبق على الارض وخاصة ان ادارة ترامب القادمة تتجهز لنسف القرار و نسف حل الدولتين واعادة الامور الى مفاوضات مباشرة لا تفضي الى أي حلول تلزم اسرائيل بأنهاء الاحتلال .
لعل القرار يوجب ان يتبع من الساعة الاولى جملة التحركات الدولية لحشد دولي باتجاه طلب وتوفير حماية سريعة للأرض والشعب تحت الاحتلال تطبيقا لاتفاقية جنيف الرابعة وارسال لجان دولية تتواجد على الارض تراقب وترصد اي سرقات جديدة على الارض , كما ان القرار يتطلب منا كفلسطينيين عدم النوم في العسل بل العمل مع كل اعضاء مجلس الامن والدول الصديقة لتمارس ضغطا على اسرائيل لتنفذ القرار ويوقف الاستيطان بالفعل ولابد من الوصول مع تلك الدول الصديقة الى اجراء يهدد بقطع العلاقة مع اسرائيل اذا ما تمادت في انتهاكها لهذا القرار والقرارات ذات العلاقة , كما و يتوجب العمل مع الامم المتحدة والكتل المركزية كروسيا والصين والاتحاد الاوروبي والدول الصديقة والداعمة لعدالة القضية الفلسطينية لفرض عقوبات على اسرائيل في حال استمرت في انتهاكها للقوانين والشرائع الدولية حتى لو جند ترامب كل المؤسسات الامريكية للدفاع عن اسرائيل ,ولا يتوجب علينا الانتظار حتى يأتي ترامب لإدارة البيت الابيض , و يتوجب علينا عدم الانتظار لما قد يفعله القرار من عاصفة في اسرائيل قد تصل الى حد سقوط نتنياهو , وعلينا البدء فورا اثارة الغبار والرمال التي تجعل من العاصفة مدمرة لحكومة نتنياهو تسقطها ,والبدء فورا في الاجراءات التي يمكن ان تساعد وتساهم في جعل قرار مجلس الامن نافذا تحترمه اسرائيل رغم عن انفها ويكون مقدمة لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة.

د.هاني العقاد
[email protected]