بعيدا عن التصفيق والتهليل وسلوك المبايعة التي تجاوزها الزمن كسلوك كان يمارس في القرن العشرين وبقدر ما نحتاج لوقفة هامة وجاده في هذه الذكرى المجيدة في حياة الشعب الفلسطيني وحياة الأمة العربية وكما قال أبو عمار أحد المؤسسين الرئيسيين لحركة النضال الوطني الفلسطيني بل أحد أعمدتها الأساسية ونقطة الإرتكاز المحورية وقائدها عندما قال هذا الحجر الذي يرمى في نهر الأردن سيغير مجرى التاريخ في المنطقة.. ولكن في اتجاه..؟؟ واصبح لصالح من ...؟؟ وهذا هو حال حركة فتح التي غيرت فعلا مجريات التاريخ في منطقة الشرق الأوسط ، فتح التي أحدثت تراجعات هامة في المشروع الصهيوني على الارض العربية حين أخفقت الجيوش الكلاسيكية في مواجهة هذا المشروع وهذا المخطط ، فتح التي أحدثت انقلابا ايديولوجيا على نظرية الصراع العربي الصهيوني.... ولكن لم تصمد وتراجعت ، فتح التي كان لها الإرادة والقدرة والاقتدار على توفير الاجماع الوطني الفلسطيني عليها بما تحمله في ادبياتها من اخلاق سامية وبرنامج نضالي كان نقطة الإرتكاز والإلتفاف حولها من قبل كل الجماهير الفلسطينية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة وتحرير فلسطين .
هذه هي حركة فتح التي عرفتها الجماهير الفلسطينية هذه هي حركة فتح الانطلاقة الاهداف والمبادئ والمنطلقات ولنجعل هذه العناصر نقطة التقييم لما تم إنجازه وما لا يتم إنجازه في الذكرى 52 لانطلاقتها .
وبرغم وجود فئة تهوى النعيق وتهوى ممارسة ما اسقطه الزمن من الصاق التهم وتهوى استخدام التلفيق في الطرح قاصدة التعتيم على كل محاولة اصلاح او تغيير أو تقييم لنهج الحركة الا انني سانطلق في تقييم حركة فتح مرتكزا على أهم ما دار من أحداث على المستوى الحركي عام 2006 .
1-شهدت حركة فتح خسارة فادحة باعتبارها ورقة آولى ومفجرة الثورة وطليعة الشعب الفلسطيني في عام 2006 بسقوط ممثليها في الإنتخابات التشريعية وكان هذا السقوط مدويا مزلزلا هز أركان كل القواعد والكوادر والأطر الحركية ومثل هذا السقوط نتيجة لمقدمات نصح فيها الكثيرون بالمخاطر والسلبيات التي تهدد الكينونة الحركية التي اصيبت بعدة مظاهر سلبية أولها ابتعادها عن الجماهير وظهور طبقة بيروقراطية في أطرها هذه البيروقراطية التي تنامت واستفحلت في عهد السلطة الوطنية والتي شبهها كثير من المواطنين والحركيين طبقة البيروقراطية والاقطاع الفتحاوية التي لها كل المميزات والامتيازات مماجعلها تبتعد أكثر عن الجماهير .
2-حركة فتح التي فشل برنامجها السياسي من خلال السلطة ومن خلال منظمة التحرير من تحقيق اي انجاز سياسي بعد أن سقطت الحجة والذرائع بأن أبو عمار كان هو المعطل للعملية السياسية وابو عمار هو الذي أجهظ اتفاقيات كامب ديفيد وابو عمار هو من لا يريد للعملية السياسية أن تقطف ثمارها ، ذهب ابو عمار ومضى ومعه الإرادة والصمود وعدم الركوع للإملاءات التي كان يريد الأخرون أن ينصاع لها وللأسف الأن يتمسحون في أبوعمار فكما كانو يعيشون في عبائته في حياته متنكرين له في أعماقهم متظاهرين بحبه مستغلين طيبته وحسن أخلاقه وريادته وقيادته اذا ماذا فعلت حركة فتح منذ ذهاب قائدها الى ربه ظهرت فكرة البرايمرز التي اودت بالقرار الحركي الى شبه الهلاك ظهرت مراكز القوى والفلتان الأمني والانقسام وظهور حماس كقوة موازية اصبحت تحكم قطاع غزة واجهزة امنية بنظامها السلطوي تحكم الضفة قوى محورية تفرض نفسها على الإداء الحركي والفلسطيني وعلى أطره ولا اريد أن اطيل في هذا الموضوع الذي يعرفه الجميع .
3-كل المحاولات المطروحة من قبل المجلس الثوري واللجنة المركزية لإصلاح أطر حركة فتح ما كانت الا هي أطروحات نظرية لم تدخل الا واقع التنفيذ الفعلي للإصلاح .
أ / على مستوى المؤتمر العام
لم تفلح حركة فتح في اتعقاد مؤتمرها السابع لأسباب كثيرة ومختلفة وربما اولها يدخل في دائرة المصالح والمصالح الشخصية لفئة تمترست في الصف الاول ولا تريد أن تغادره اما السبب الثاني فهو سبب سياسي ايضا فأصبح المؤتمر الحركي السابع مرهون نتائجه بمدى توافقية نتائج هذا المؤتمر مع الرؤية الإقليمية والدولية للبرنامج السياسي الفلسطيني والخوف من حدوث نتائج لا تعتمد البرنامج السياسي القائم وهو السلام خيار استراتيجي – التشكيك في جدوى الكفاح المسلح – التمسك باتفاقيات اوسلو التي اسرائيل أول من أجهظها في هذا العام وهذه السنة علما ومداخلة بسيطة في نفس السياق أن الأخ ابو عمار عندما لم تحقق اوسلو ما يحلم به سياسيا للشعب الفلسطيني وهو اقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على غزة والضفة والقدس واللاجئين هو اول من شطب اوسلو وكان هذا سببا في عملية اغتياله بالسم .
ب / فشلت حركة فتح سواء داخل الوطن او خارجه في تفعيل المناطق والاقاليم بما يستند الى النظام فيها هي الاحتجاجات في غزة والاقصاءات واستثناء قاعدة عريضة من قوى فتح التاريخية والعاملة من حضور مؤتمرها السابع وعدم تمثيل صادق لفلسطيني الشتات.
ج/ وبدون مغالاة الذي نستطيع أن نقوله الأن وفي خلال عام فشلت قيادة حركة فتح في بلورة اطر حركية صحيحة سواءا داخل او خارج الوطن فهناك فتحاويون ولكن بلا أطر وهناك أقاليم ليس لها اي تاريخ حركي في حركة فتح ولم يكن لهم اي تدرج تنظيمي في هذه الحركة ومنهم من آتت بخصوصه من التعبئة والتنظيم تقول ان ليس له علاقة بحركة فتح
4-شهد هذا العام زيادة التناقض والتنافر بين كينونة الجسم القيادي في حركة فتح وفشلت في عقد اجتماعات متكاملة لها وشهدت في الأونة الأخيرة تطاولا من غير لائق من قياديي الصف الأول لحركة .
6-شهد عام 2016 قرار المجلس الثوري على الصعيد السياسي المتمسك والمتشبث بما رفضته المرحلة وهو التمسك باتفاقيات اوسلو وتفاهماتها وكذلك تجاوزا للنظام بتنصيب رئيس لحركة فتح في المؤتمر السادس والسابع متجاوزين للنظام وامانة السر ومهامها القيادية.
-7على الصعيد المسلكي لم تستطع حركة فتح التقييم بشكل جاد وفاعل تجربتها في السلطة الوطنية وملاحقة ملفات الفساد التي تصيب شخصيات كبيرة في قيادة الصف الاول واخطاع الرئيس والمركزية لقانون من اين لك هذا....
8-منظمة التحرير الفلسطينية لم تستطع حركة فتح وهي المقررة في منظمة التحرير الفلسطينية تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في حين ان حركة فتح تسند كل آليات العمل السياسي الى منظمة التحرير الفلسطينية التي لجنتها التنفيذية تفتقد الثلثين ومجلسها الوطني الذي لم ينعقد منذ زمن واعتقد ان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية مرهون ليس بارادة فلسطينية فقط بل بارادة اقليمية ودولية ومن العبث المطالبة باصلاحها مادامت لم تكتمل حلقات التفاوض على الحل النهائي فإن أي مجلس وطني ينعقد في الغالب سينبثق عنه قيادات جديدة مناقضة لشخصيات أصبحت قدرا في منظمة التحرير برمزيتها
من خلال ما تم تقديمه باقتضاب عن أهم الظواهر والاحداث التي مرت على حركة فتح في عام 2016 نستطيع القول أن حركة فتح مازالت غير قادرة على النهوض حماية لتاريخها ومنجزاتها وطليعتها للشعب الفلسطيني اما ظواهر شحن العواطف واثارة العصبوية التنظيمية والركوب على أمواج الولاءات فعملية الاصلاح تحتاج لقوى طليعية تؤمن بعمق الثقافة الوطنية والحركية وعلاقتها بالجماهير ومصادر قوة التغيير وخاصة ان الشعب الفلسطيني ما زال لديه قناعة بان فتح اذا صحح مسارها فانها خير وسيلة للوصول الى احلامه الوطنية وامانيه، حركة الاصلاح الذي يقودها القائد الوطني محمد دحلان وكامتداد لنهج الاصلاح التاريخي في حركة فتح والذي لم يؤتي ثماره امام عوامل ومركبات معقدة اقليميا وذاتيا ودوليا ما زال لديه الكثير من بلورة خطاب واضح وصريح وبرنامج يتعامل بدقة مع المتغير الحركي الذي افرزه المؤتمر السابع والذي افرز الاقطاع الحركي التوريثي لقيادة الصف الاول في الحركة ، فما قبل المؤتمر السابع ليس ما بعده من مهام وواجهات وبرامج وخاصة ان العجلة تدور بتسارع سياسي يقوم بها ما يسمى رئيس الحركة على المستوى الداخلي والخارجي والسلوكيات الامنية وتهديجد لمكون الوحدة الجغرافية بين بقايا الوطن في الضفة وغزة وما طرحه نائب رئيس المكتب السياسي لحماس عن طرح كونفدرالية بين غزة والضفة مما يهدد البنية السياسية والمشروع السياسي سيان كان المرحلي او الاستراتيجي ، فمشروع فتح يبنى اساسا علىوحدة الشعب ووحدة الاراضي ووحدة الهدف لكل الفلسطينيين .... مهام كبيرة وعاجلة امام التيار الاصلاحي من حيث الحالة الترتيبية لعلاقاته الداخلية والتنظيمية والخارجية .
بقلم/ سميح خلف