ثمة ما هو مهم في الطبيعة السيكلوجية للقائد الوطني محمد دحلان فهو من النوع التصالحي مع ذاته كما هو مع قضيته وشعبه وما تمثله القدس من عمق تاريخي ووطني له كما هي المخيمات الفلسطينية التي هي عصب القضية ومفاهيمها وميكانيزماتها التي تشكل انسجة وخلايا محمد دحلان ، تلك المقومات التي اسقطت كل اوراق التشويش والتلفيق والادعاء والاتهام ليتبين ان هذا القائد الوطني لم تهزمه او تحبطه او تثنيه عن اهدافه الوطنية كل تلك الاقاويل والادعاءات والافتراءات والقرارات المصوبه نحوه من عباس وفريقه التوريثي لحركة فتح . باختصار :هذا هو محمد دحلان ...
ومن زاوية الالتزام الوطني وماهو واجب في هذه المرحلة ان نكتب وندون ونسجل مواقف هذا القائد الوطني ليس من جانب التلميع كما يدعي البعض ان تناولنا مواقفه التي يطلقها بين الحين والاخر والتي تتماشى مع كثير من المتغيرات وما هو مطلوب من معالجات وطنية وللخروج بأقل الخسائر من حالة وطنية متردية يمربها المشروع الوطني والعوامل التركيبية للشعب الفلسطيني الذي يواجه ازمات متعددة في حياته اليومية وبالتحديد في غزة والمخيمات داخل او اخارج الوطن المحتل .
تلك المعالجات التي انطلقت بمبادرات سواء على صعيد الازمة الداخلية التي تمر بها فتح من تغييب فعلي للحياة النضالية والتنظيمية والثقافية فيها ومن استهداف يطال قادة وكوادر وعناصر فيها بالفصل وقطع الرواتب ، واستمرارية لنهج عباس الاقصائي بعقد ما يسمى المؤتمر الحركي السابع التي كانت مخرجاته ومدخلاته لا تعني شيئا وطنيا اكثر مما هي تعني حالة تورثية خارج النظام واخراج حركة فتح من اخر ما تبقى من ثوبها النضالي وتجربتها وتحويلها لاطار هلامي يخدم سياسة الفرد وتوجهاته ، وكذلك هي تلك الازمة الممتدة للحالة الوطنية برمتها من تفكيك القوى الوطنية وتكريس الانقسام بنظرة المحاصصة والبقاء لكلا الاعبين سواء في السلطة او غزة ، ولمشروع اصبح مكشوفا لحل اقتصادي امني يمارس في الضفة تستغله اسرائيل من خلال التنسيق الامني لمضي اسرائيل قدما في الاستيطان وتجسيد روابط قرى في الضفة ، وهو الفراغ الوطني في منهجية عباس التي دعت كثير من قيادات الاحتلال للمضي قدما لضم الضفة ، واعطاء غزة صفة من صفات الدولة بحكم ذاتي مطور.
كثير من المبادرات اطلقها محمد دحلان في تلك السنوات العجاف على الشعب الفلسطيني وتجاوبه مع كل المبادرات المطروحة اقليميا واخرها مبادرة الرباعية العربية بقيادة مصر والتي قابلها عباس وفريقه بالصد تحت ذرائع واهية تحمل شعار القرار الفلسطيني المستقل ، ولسلطة وحلركة تعيش تحت اعين الشين بيت والادارة المدنية بقيادة مردخاي . لكننا سنركز على بعض المبادرات وبالتحديد مبادرة اطلقها في 15نوفمبر عام 2015م ومن خلال برنامج"" اوراق فلسطينية "" يبث عبر قناة الغد العربي دعى فيها حماس وعباس في ذكرى الرئيس الراحل عرفات لاعادة النظر في الاخطاء السابقة والعمل على اعادة اللحمة الداخلية على اسس وطنية ثابته للخروج من حالة المناكفات والاتهامات قائلا : لا يجوز "لا يجوز الحديث تسعة سنوات عن الماضي، يجب أن نتفرغ سنة واحدة من أجل المستقبل، متوحدين تعمُنا وتُعانقنا روح ياسر عرفات الذي بدأ حياته ونهاها من أجل فلسطين".
وأضاف "ما بيننا وبين حماس كان بحر من الدماء"، هل نستسلم للماضي ؟، أم نعتبر الماضي درسا للمستقبل من أجل أن لا يتكرر الماضي ؟. وأكد أنه دوما مع المستقبل و دراسة الماضي من أجل الاستفادة من دروسه، حتى لا تتكرر تلك الأخطاء.
ولفت دحلان إلى أن تجربته خلال السنوات الماضية علمته أن يرى الصورة أكبر وأشمل وأن الوطن أكبر من الأشخاص وأن فلسطين أكبر من الجميع، على حد تعبيره.
وكشف دحلان في مقابلته، عن جهود يبذلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "بهدف تقوية حركة فتح، وإعادة الوحدة الوطنية".
وأشار إلى أن القيادة المصرية لديها فهم وطني تجاه فلسطين بضرورة تقوية حركة فتح في ظل هذا الوضع الخطير الذي يمر فيه قطاع غزة و تنتهك فيه الضفة الغربية من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال دحلان أنه سيبذل كل جهد مطلوب منه من أجل انجاح هذه المهمة، وسيلتزم بما يتم تقديمه من مقترحات في هذا المجال، "لأنه اختلفنا بما يكفي واختصمنا بما يكفي واختلفنا مع حماس بما يكفي"، على حد تعبيره.
وأضاف "فتح بيتي مهما تعرضت من الظلم فيها من أحد، من أي كان، هذا ظلم يمر مرور الكرام، الزمن كفيل بمسحه"، مؤكداً أن بيته ومأواه وأصدقائه في حركة فتح، ولا يستطيع أن ينسلخ عن هذا التاريخ لأنه لا يوجد بديل له. وأكد دحلان أن تلك اللغة التصالحية التسامحية ليست عاطفية، وقال: "من لا يحركه ما يجري في غزة والضفة والقدس هو ليس فلسطيني، و أنا اتنازل عن كل ذلك من اجل فلسطين و وحدة فتح".
وأردف قائلاً: "اما آن في ذكرى الشهيد عرفات أن نعيد الاعتبار ونصحح الأخطاء الماضية ونضع الجهد الجماعي باتجاه إنقاذ ما يمكن انقاذه في القدس وغزة والضفة".
وتابع "كل من اساء لي انا متسامح معه و أرجو ان نكون على كلمة رجل واحد من اجل الاستمرار ومن اجل تسليم الاجيال القادمة الحد الادنى من المنجزات بدل من ان يتم تسليمهم ركام و وبقايا سلطة وبقايا منظمة و بقايا نظام سياسي".
توقع الكثيرون بردات فعل عنيفة من قبل محمد دحلان ردا على مؤتمر المقاطعة وبعد ذلك رفع الحصانة باستغلال ما يسمى المحكمة الدستورية التي عليها عدة علامات استفهام بقانونييتها ولكن جاء خطابه الاخير في ذكرى انطلاقة فتح 52م ليعبر ويجسد مواقف قائد بحجم وطن وبحجم ازمات هذا الوطن متزنا مركزا خالي من ردات الفعل واضعا من خلاله محددات بعدم الاعتراف بمدخلات ومخرجات المؤتمر السابع مؤكدا موقفه الذي تناوله في عام 2015 بالعمل على وحدة فتح وسيانة تاريخ وتجربة فتح نافيا اي فكرة للانشقاق .
كان خطاب يحمل عدة رسائل تدخل في جوهر الحالة الوطنية وهي خارطة طريق للمرة الثانية والثالثة والتي جاء فيها :-
1-الاعلان الفوري عن انتهاء المرحلة الانتقالية
2- الالتزام بمقررات المجلس المركزي ووقف التنسيق الامني
3-العمل على تنفيذ قرارات الامم المتحدة والقرار لعام 2012 لدولة فلسطين تحت الاحتلال
4-التوقف عن المفاوضات او السعي اليها في ظل التعنت الاسرائيلي
5-انهاء الانقسام والمضي على طريق الوحدة الوطنية
6- انتهاء مرحلة قيادة الفرد وقيادة جماعية للشعب الفلسطيني
7- من حق الشعب الفلسطيني استخدام المقاومة بكل اشكالها
8- العمل مع المجموعة العربية بمشروع قرار يقدم لمجلس الامن لقبول دولة فلسطين في مجلس الامن
9- العمل على عقد مجلس وطني يضم كافة القوى والطاقات الفلسطينية وتجديد الشرعيات .
مبادرة ومبادرات تنطلق بين الحين والاخر على لسان القائد الوطني محمد دحلان في اجواء غاية في القتامة والفشل والانسلاخ الذاتي ....ز والسؤال هنا هل تدرخ كل القوى والسيد عباس اهمية خارطة الطريق المقدمة لانقاذ السفينة الوطنية ام سيبقى محمود عباس ماضيا في النقلابه ليس على فتح فقط بل على الحالة الوطنية وعلى المركب السسياسي والمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني ...؟؟
بقلم/ سميح خلف