إذا كان النائب محمد دحلان هو أكثر المتضررين من عقد المؤتمر السابع لحركة فتح في رام الله، فإن حركتي حماس والجهاد هما الأكثر تضرراً من عقد جلسة المجلس الوطني وفق تركيبته الحالية في رام الله نفسها، وهذا يعني أن القضية الفلسطينية هي الخاسر الأكبر من نتائج الجلسة التي ستفرز لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، وستثمن جهد القيادة في مواصلة اللقاءات مع الإسرائيليين، وستدعو إلى استئناف المفاوضات العبثية، ولأجل غير ضنين.
ولأجل عقد جلسة المجلس الوطني في رام الله تحديداً، وجه السيد سليم الزعنون الدعوة إلى حركتي حماس والجهاد لحضور الجلسة التحضيرية في بيروت، ولأجل إغراء الحركتين بالحضور والمشاركة، أشاع بعض قادة حركة فتح خبراً عن استعداد اللجنة التحضرية لمناقشة تمثيل الحركتين بعدد متفق عليه من الأعضاء في جلسات المجلس الوطني.
إن مشاركة حركتي حماس والجهاد في أعمال اللجنة التحضرية في بيروت يوم السبت يعني موافقة الحركتين على برنامج منظمة التحرير السياسي، ويعني إضاعة الوقت في حوار عقيم، لن يصل إلى أي توافق على تمثيل الحركتين، اللتين سيضفي حضورهما الشرعية على جلسات اللجنة التحضيرية أولاً، ومن ثم على جلسة المجلس الوطني التي قرر السيد محمود عباس عقدها في رام الله بحضور حركتي حماس والجهاد أو دونهما.
وطالما كانت هنالك مؤسسة قيادية فلسطينية قادرة على الدعوة لحضور اجتماعات اللجنة التحضيرية في بيروت، فلماذا لا تدعو هذه المؤسسة القيادية إلى عقد جلسة للإطار القيادي لمنظمة التحرير في القاهرة، ليصير التوافق بعد ذلك على عقد جلسة المجلس الوطني في القاهرة أو غزة أو عمان، وما دون ذلك؛ فإن أي لقاء تشاوري أو تحضيري سيكون ورقة التوت التي ستستر عورة التفرد بعقد جلسة المجلس الوطني في رام الله.
فكيف يمكن الوقوف في وجه عقد جلسة مجلس وطني في رام الله، لن يشارك فيها إلا كل من رضي عنه الإسرائيليون، وسمحوا له بعبور الحواجز والمعابر بأمن وسلام؟
اقترح على حركتي حماس والجهاد الإسلامي أن يبادرا معاً إلى عقد لقاء سريع مع النائب محمد دحلان، والذي أضحى يمثل تياراً لا يستهان به داخل حركة فتح نفسها، على أن يصير الاستقواء بالجبهتين الشعبية والديمقراطية والمستقلين، ومن يقبل من التنظيمات أن يتعاضد في تكتل وطني إسلامي يهدف إلى توجيه لكمة وقائية إلى مخطط السيد محمود عباس من زاويتين:
أولاً: استباق موعد عقد جلسة المجلس الوطني بتحديد موعد لعقد جلسة مصالحة وطنية في القاهرة، تدعى لها كل مكونات العمل السياسي والعسكري الفلسطيني.
ثانياً: التهديد بعقد جلسة مجلس وطني توحيدي في غزة أو القاهرة، تضم كل الفصائل الرافضة للتبعية، وتضم بعض المستقلين من المجلس الوطني، وتضم أعضاء المجلس التشريعي من حركتي فتح وحماس، بالتزامن مع عقد جلسة المجلس الوطني في رام الله.
وأن يكون للشعب الفلسطيني مجلسين وطنيين، وقيادتين تنفيذيتين لهو أفضل ألف مرة من أن تكون له قيادة واحدة لا تحترم الوفاق الوطني، ولا تراعي مكونات العمل السياسي الفلسطيني.
قد يقول البعض في حركة حماس: تجربتنا مع محمد دحلان مريرة، ومآخذنا عليه كثيرة،
وقد يقول بعض أنصار محمد دحلان: تجربتنا مع حركة حماس مريرة، ومآخذنا عليها كثيرة.
ولكن الواقع يقول: ما العمل إذا جنحت السفينة التي يعتلي ظهرها كلٌ من النائب محمود الزهار والنائب محمد دحلان، وتعرضت إلى الغرق؟
فهل يتفق الأخوة الأعداء على التحكم معاً بدفة القيادة، وتوجيه الشراع وفق حركة الرياح، أم يتبادل الطرفان اللكمات، ويتركان مقود السفينة، لتغرق بكليهما؟
أزعم أن الأولوية في هذه المرحلة تتمثل في إنقاذ سفينة منظمة التحرير من الغرق، وبعد ذلك اتفقوا فيما بينكم على الشراكة، واحترام رأي الأغلبية، أو وجهوا لبعضكم اللكمات.
د. فايز أبو شمالة