في عشرين من شهر يناير 2017 الجاري سيتربع الرئيس الامريكي الجديد على عرش البيت الابيض الامريكي وباغلبية جمهورية في الكونجرس الامريكي ،وكما وعد الرئيس السابق اوباما في خطابه كمودع بانه سيعمل على تسليم ونقل الرئاسة والادارات بشكل سلس ، ولكن هل القضية تتوقف فقط بأن يعتلي ترامب الرئاسة الامريكية ...؟؟ بل هناك ما بعدها من التحديات امام ترامب .... وهل ترامب هو الامثل لقيادة الولايات المتحدة كما افرزت الانتخابات ...؟؟!! وفي كل الاحوال ارادة الشعب الامريكي تحترم ولكن الى اين تسير الولايات المتحدة الامريكية في قيادة العالم الحر والدفاع عن الديموقراطية التي حملت شعارها ادارات امريكية سابقة ومتتالية ...؟؟ وما هي سلوكيات ترامب وقراراته امام عدة قضايا ملتهبة في العالم . وبالتحديد في الشرق الاوسط .
قد نستطيع وضع الاستقراءات والاستنتاجات بالرجوع الى اقوال الرئيس ترامب أبان الحملة الانتخابية ، وكذلك بعد فوزه في الانتخابات على هيلاري كلنتون التي تلقت صفعة قوية من الجمهور الامريكي وكذلك برنامجها وبرنامج الحزب الديموقراطي .
فل نتذكر ان معظم المؤسسات الاعلامية ومركز قوى مؤثرة في الولايات المتحدة الامريكية وقفت ضد ترامب اثناء مباريات انتخابية لصالح هيلاري كلنتون واصفة ترامب بانه خطر على الامن القومي الامريكي . ولكن كانت النتائج صادمة كما قلت لصالح ترامب .
من الاستنتاجات ودراسة اقوال ترامب قد نجد اسس لتحليل شخصية ترامب السيكولوجية ، وهو المليادير الذي يتسم بالقلق والاضطراب في مواطن كثيرة والتناقض ايضا ولكن الثابت في مواقفه هو الموقف الاندماجي والمساندلاسرائيل والمأخوذ عن تغريداته واقوله الصحفية بخصوص موقفه من القرار2334 لمجلس الامن وانتقاداته الحادة لادارة اوباما وكذلك نقل سفارة امريكا للقدس وكذلك موقفه من الاتفاق 5+1 الذي وقعته امريكا ودول الغرب مع ايران بخصوص برنامجها النووي وفك الحصار التدريجي عنها والذي وعد ترامب بجعل هذا الاتفاق حبر على ورق ، اما المناطق الملتهبة في الشرق الاوسط سوريا العراق ليبيا اليمن ، فهناك التناقض الكبير في مواقفه بخصوص سوريا والعراق وان كانت مواقفه حادة بخصوص تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق وليبيا والذي دعا فيه لشراكة مع روسيا للقضاء على داعش كاولوية وافساح المجال لروسيا لان تلعب دور رئيسي في ذلك وان مشكلة امريكا ليس مع بشار بل مع تنظيم داعش وهو انقلاب على السياسة الخارجية الامريكية السابقة التي ادعت ان وجود بشار يمثل خطر على الامن القومي الامريكي ، ولكن في موقف اخر يدعو لوجود امريكي في مناطق امنه في سوريا والعراق والتدخل النسبي وهذا ما يتعارض مع بعض مواقفه السابقة التي تدعو وتروج اولا وثانيا للقومية الامريكية والانكفاء للشأن الداخلي الامريكي ، اما بخصوص ليبيا فهو يدعو ايضا لتحالف مع روسيا للقضاء على داعش والسيطرة على مناطق النفط في كل من العراق وسوريا وليبيا ... وهي عقلية رجل الاعمال الرأسمالي في استثمار مناطق النفوذ وبدون ادنى خسارة تدفعها امريكا ، فمن اقوله فل ندع الروس يستهلكون قوتهم في تلك المناطق ومن ثم نقوم نحن باخذ كل شيء ...؟؟!! كما هي فرضياته بالنسبة للملكة العربية السعودية الذي طالبها محاربة داعش بشكل مباشر وبامتداد لهذا الموقف التصريح الخطير الذي ادلى به مؤخرا متهما المخابرات المركزية وادارة اوباما بانشاء وولادة داعش ، في حين ان مشروع الشرق اوسط الجديد والفوضى الخلاقة كانت من كوندا ليزا رايس في 2004م وبادارة بوش وسار عليها اوباما. ولكن من المهم ان نأخذ تصريح ترامب وموقفه من التسلح النووي والقدرات النووية واعطائها اولوية امام الروس وهي حرب باردة مبطنة وان مد ترامب يده للروس مرحليا امام داعش ، ولكن قد وصف التدخل المباشر في سوريا قد يشعل حرب عالمية امام القوى الموجودة في سوريا واهمها الروس وايران . ولكن من ناحية ثانية يقول اي تدخل امريكي في المنطقة يجب ان لا يكون بلا ثمن وعلى دول الخليج والسعودية دفع الثمن !!!
1-تحديات وازمات امام ترامب واولها مع المؤسسات الامريكية وعلى رأسها المخابرات المركزية الامريكية فامريكا دولة مؤسسات تعمل باستراتيجية ثابته امام كافة الازمات الداخلية والخارجية والرئيس الامريكي له حرية نسبية في ادارة الازمات واتخاذ القرار وهي الدولة العميقة التي لن تسمح لترامب باحداث انقلاب على السياسة اللخارجية الامريكية ومواقفها من الصراعات في المنطقة فل نتذكر الرئيس الامريكي جون كندي الذي تم اغتياله والذي فاز عن الحزب الديموقراطي وهو مسيحي كاثولوكي بعكس رؤساء امريكا ذو المذهب البروتستانتي والذي تم اغتياله في 22 نوفمبر 1963م ومن اهم الازمات في ظل رئاسته ازمة خليج الخنازير والصواريخ الكوبية وجدار برلين وسباق غزو الفضاء والحرب الفيتنامية . ومن ثم اغتيال اخيه روبرت كنتدي بعد فوزه بالمرحلة الاولى للانتخابات الامريكية في 5 يونيو عام 1968م.
2- ازمة نقل السفارة الامريكية للقدس وتأثيراتها على واقع الاطروحات السياسية التي تبنتها الادارات الامريكية المختلفة والامم المتحدة التي اتهمها بانها تعمل ضد اسرائيل وبشكل مبدأي ليس سهلا على الرئيس الامريكي ترامب اخذ مثل هذا القرار في ظل التفاهم الذي يدعو اليه مع موسكو الا من خلال ترتيبات سياسية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولاخذ اكثر من تصور لمستقبل القدس والمفاوضات المباشرة ، ولكن ما يشجع ادارة ترامب للضغط على الفلسطينيين كحل قصري هو واقع الحالة الوطنية المتفسخة في ظل قيادة الرئيس عباس وواقع عربي قطري له من المشاكل الداخلية المضطربة وواقع اسلامي مهمش بعد ضربات قويه مارستها القاعدة وداعش شوهت الاسلام والدول الاسلامية وموقف ترامب من الاسلام بشكل عام .
3- سوريا :موقف ترامب من سوريا هو محاربة داعش بذراع طولى للروس مع تناقض في بعض المواضع التي يدعو فيها لتواجد امريكي في مناطق امنه ولكن بالتأكيد ان موقف ترامب لصالح الدولة الوطنية ولصالح بشار الاسد ..... ولكن ماذا بعد القضاء على داعش ووجود القواعد الروسية والايرانية في سوريا هل ستنتهي مرحلية التوافق الى صراع جديد من حرب باردة ...؟؟
4- العراق وان كان ترامب ركز على مواجهة داعش واستئصالها فان هناك مواجهة مع ايران على ارض العراق وكذلك مستقبل وحدة الارض العراقية امام تدخل ايراني وتركي ودولة منتظرة للسنة ودولة للشيعة ودولة للاكراد .... ومستقبل تركيا كاحد اعضاء الحلف العسكري الناتو .
5- ليبيا اعتقد ان وجود حاملة الطائرات الروسية على شواطيء ليبيا وزيارة خليفة حفتر لها مؤشر قوي لوجود بصمات روسيا لاول مرة في المعادلة الليبية وبتفاهم امريكي سيغير من المعادلة في ليبيا .
6-- مصر والتي تواجه ايضا ازمات على حدودها في سيناء والحدود الليبية والسودانية وتسلل ارهاب داعش ونشاطات الاسلام السياسي وقوة الدولة الوطنية في مواجهة الارهاب وبالتقارب بين الرئيس السيسي مع ترامب والتقارب مع بوتن في موسكو ستكون مصر هي عنصر التوازن في المنطقة بما يؤهلها لعب دور رئيسي وحيوي مجتازة ازمات الفترة الانتقالية على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي .
7- اليمن بالتاكيد ان موقف ادارة ترامب هو نابع من موقفه من ايران من ناحية وموقفه من السعودية من ناحية اخرى فالولايات المتحدة الامريكية ليس من مصلحتها اضعاف السعودية امام النفوذ الايراني في اليمن ولكن قد تتعلرض السعودية لعمليات قرصنة وابتزاز اقتصادي وامني .
8- اسرائيل ونظرية الامن الاسرائيلي المرتبطة بالامن القومي الامريكي وهو موقف امريكي استراتيجي وقد نرى حل قصري يتعرض له الفلسطينيون بخصوص اطروحاتهم بحل الدولتين وتبني امريكا لاطروحات الوزير بنت وليبرمان بخصوص ادارة غزة والضفة والتصور السياسي والامني لمستقبل ما تبقى من الارض الفلسطينية مع دعم الاستيطان في المنطقة C
9- اوكرانيا ك موقف ترامب واضح بخصوص اوكرانيا بتسليم الملف للروس وهذا سيشجع الروس لامتداد لمصالحهم في دول اوروبا الشرقية سابقا ودول الاستقلال عن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .
10 اوروبا الغربية التي تشهد دولها تململ من الانتماء للاتحاد الاوروبي والسوق الاوروبية المشتركة وخروج بريطانيا وامام النهج القومي والخطاب الذي يتبناه ترامب وما افصح عنه على اوروبا ان تتولى شأنها بنفسها ولا تعتمد على الولايات المتحدة ستجعل من الاوروبيين وخاصة فرنسا والمانيا اعادة الحسابات بالدور الاوروبي ومصالحه في العالم ومن تناقض بين مصالح امريكا واوروبا او بين روسيا واوروبا ولكن حلقة الوصل وهو الغاز الاوروبي وقد يكون هناك تفاهمات اقرب مع روسيا والتي ستمكن الروس بلعب دور محوري في العالم .
الخاتمة : نجد ان نهج ترامب يخالف السياسات الامريكية لجميع الادارات السابقة للولايات المتحدة الامريكية ، فهل يستطيع ترامب فرض هيمنته المطلقة على المؤسسات الامريكية واهمها وكالة الاستخبارات الامريكية والبنتاجون ووسائل الاعلام .... اشك في ذلك ... فهناك خطوط حمر لن يستطيع تجاوزها الرئيس ترامب .... والا سنقف امام مفاجأت ادرامية .
بقلم/ سميح خلف