الأوضاع السياسية المبعثرة الأوراق، وما تشهده قمة السياسة في الوطن الفلسطيني من تطورات في العلاقات بين الكل الفلسطيني وخاصة فيما تشهده الأروقه العربية من جهه والمراكز البحثية الدولية من جهه اخرى، من أجراء مباحثات ولقاءات لإنهاء وإغلاق ملف الانقسام بين الأطراف الفلسطينية وما تلاها، أصبحت اليوم بحاجة ماسة إلى وقفة وطنية يقفها الأحرار والشرفاء لتأييدها ودعمها لتمتين جبهه هذا الوطن الداخلية وتقويته وإنقاذه من الأزمات التي لاقاها خلال العشرة سنوات الماضية.
ومن هنا فإن الإسراع في إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تفوت الفرصة على الخونة والمندسين والمتربصين لفرصة التدخل في شؤون دولة فلسطين الداخلية والخارجية، وما يتمنوه من اشتداد للوضع وتراجع فيه، لأن ذلك سيصب في مصلحتهم ويمنحهم الفرصة التي يتمنون من اجل ذلك، وهو اندثار وتآكل وتدمير الوطن الفلسطيني من جميع الجوانب، فعلى الجميع هنا قيادات وومسؤولو وأعضاء الفصائل والحركات والأحزاب السياسية والنخب والصفوة والكتل السياسية والوطنية بكل تنوعها وعناوينها، الاستماع إلى صوت العقل والحكمة من أجل المواطن والوطن الذي عاشوا فيه وترعرعوا في ترابه سنوات وسنوات، فالوقت لم يمضي كثيرا ولا زال فيه بعض المتسع لو أصبح لصوت العقل السلطان في عقول قادتنا وساستنا وتركوا خلافاتهم جانبا وإنتهبوا إلى واقع الوطن الفلسطيني، وما يحتاجه من تمتين في الوضع السياسي والاقتصادي والإجتماعى والثقافي والتأهيلي والعمراني وإعادة الأعمار. فمن غير الممكن ولا المنطقي القول بأن المواطن العادي غير معني بالصراعات والمناكفات والمماحكات التي تحصل في وطنهم، بل أن هناك تأثيرا مباشرا وكبيرا لتلك الصراعات والمناكفات والمماحكات على واقعهم الحياتي اليومي. ويبرز ذلك جليا عند حصول الاختناقات وتزايد الضغوط كما في الانخفاض الحاد بدرجات الحرارة، وتدني واقع الطاقة الكهربائية ليل نهار في ظل برودة قارصة، وغياب واضح لبعض السلع الضرورية التي تحتاجها جماهيرنا، وخاصة الأدوية والعقاقير الطبية وشحه المياه الصالحة للشرب في الكثير من مناطقنا وأريافنا ومدننا وحوارينا بسبب الملوحة الزائدة، وغياب الرقابة على كل مناحي الحياة، والقضية الأهم بالنسبة لقطاع كبير منهم وهي المعابر المغلقة على مدار الساعه.
إن من بين الحلول والمقترحات الكثيرة التي تم طرحت في الأيام القليلة الماضية لإنهاء حالة الانقسام والخروج من الأزمة الوطنية برزت دعوة الأخ الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، وذلك بتشكيل حكومة وطنية تكون على مستوى كبير من الكفاءة والنزاهة تستند إلى مشاركة كل المكونات الوطنية، فلقد جاءت هذه الدعوة رغم تأييد أطراف كثيرة لها إلى إنها لا زالت تحتاج إلى فهمها جيدا لتطبيقها ومنع الأمور من أن تنزلق مجدداً إلى ما لا يحمد عقباه، بعد أن أوصدت أبواب حل الأزمة ولم يتبقى إلا هذا الخيار الذي ينبغي إنجاحه لانتشال الوطن الفلسطيني من واقعه المرير الذي مر به خلال هذه السنوات العجاف التي أكلت الأخضر واليابس.
إن الرئيس أبو مازن الذي اثبت انه رجل السلام والداعي للحوارات والداعي لإنهاء الأزمات مهما كانت قوه تلك الأزمات، فان هذا الرجل يتمتع بجاذبية عجيبة بحيث نرى الجميع يلجأون إليه بأزماتهم كبيرهم وصغيرهم، ونلاحظه انه صاحب مشروع وطني يريد أن يجمع جميع الشعب الفلسطيني تحت خيمة فلسطين الواحدة الموحدة بكل أطيافها وليتمتع الجميع بخيرات وطنهم وان لا يفضل احد على احد بل الجميع لهم حقوق وعليهم واجبات بكل انتماءاتهم، فللحكيم محمود عباس، رسالة واضحة ومشروع وطني سينجح بفضل عقله المتفتح وفكره النير أن يعمم تلك الرسالة ليؤمن بها الجميع وليحقق مشروعة بمساعدة مؤيديه ومحبيه الذين يتزايدون كلما مرت دولة فلسطين بأزمة وما أكثر أزماتها !!!
إن الأيام تمر على الوطن الفلسطيني وأبناء شعبه مثقلين بالهموم ويتمنون أن يتغير واقع حالهم وإن كان اليأس آخذ يدب في أوصالهم وأفكارهم وحتى داخل عقولهم، ووصل بهم إلى مرحلة فقدان الأمل بالتغيير, ومما يعيشونه من ضعف واضح في جوانب الحياة عموما والتي هي في تماس كامل بهم، إلا أن البعض من فئات الشعب لا زالت تأمل وتنتظر المنقذ الذي يمكنه أن يحقق التغيير الذي يأملونه بحياة أفضل ومستقبل مشرق.
ووفقا لهذه الرؤى والأجواء والمبادرات الايجابية التي تحصل اليوم، فان فرص الانفراج ونهاية الأزمات بدأت تلوح في الأفق، إن التزم الجميع بعامل الوقت والجدول الزمني الذي ينفذ ما اتفق عليه وان تحققت الإرادة الوطنية الجادة والصادقة لدى الكل الفلسطيني، والاهم من ذلك توفر عامل الثقة فيما بينهم الذي يضمن تنفيذ ما اتفق عليه وعدم التراجع عنه تحت أي ظرف، حتى تمر هذه الأزمة ونخرج ويخرج منها الوطن على خير.
آخر الكلام:
فلنستمع لبعضنا البعض ولنتصالح مع بعضنا البعض ولنعمل من اجل بناء اساسات فلسطينية صحيحة هذه المرة، فان الاوطان العظيمة تولد في لحظات التحدي والمعاناة ونحن لدينا اليوم هذه الفرصة الكبيرة والتحدي الكبير واسأل الله ان لا تضيع.
بقلم / رامي الغف*
*الإعلامي والباحث السياسي