في اكثر من مناسبة واكثر من قضية نضالية مفصلية في الداخل الفلسطيني- 48- برز التناقض ما بين اساليب نضال الشارع الفلسطيني وخيارات قياداته السياسية...وفي ظل ما نشهده من هجمة ومجازر ترتكب من قبل دولة الإحتلال العدوانية بحق الحجر الفلسطيني في الداخل الفلسطيني- 48 - كما حدث في بلدة قلنسوة وقرية ام الحيران..وأيضاً في ظل ما يشهده المجتمع الصهيوني وحكومته من عنصرية وتطرف وإنزياحات واسعة نحو اليمين القومي والديني المتطرف،والتنكر للحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني...تتعالى الأصوات في الشارع الفلسطيني،وبالذات في أوساط الفئة والجسم الحي من المجتمع الفلسطيني،فئة الشباب،عن جدوى النضال البرلماني...والمشاركة في إنتخابات البرلمان " الكنيست" الصهيوني،حيث بات عند الكثير من الشباب قناعة بأن ما يتخذ من قرارات وما يمارس من اشكال نضالية "مدجنة" هي فقط لستر جرائم الإحتلال والتغطية على عنصريته،وإظهاره ككيان ديمقراطي،في وقت يتنكر فيه لشعبنا الفلسطيني وينكر حقه في الوجود ويتعامل معه كتجمعات سكانية وليس شعب له حق في السكن والمأوى،والتعبير عن هويته ووطنيته وقوميته....في حين يرى فريق أخر من المؤمنين بالنضال البرلماني،بأن هذا الشكل من النضال له اهميته في فضح وتعرية حكومة الإحتلال من داخل برلمانها...وهو نضال يسهم في لجم انفلات وتطرف و"تغول"و"توحش" حكومة الإحتلال ضد شعبنا وحقوقه....بالإضافة الى أنه يفتح نافذة على اليهود المؤمنين بحق شعبنا في الحرية والإستقلال.
المتغيرات والتطورات كبيرة ومتسارعة وما كان صحيحا بالأمس قد لا يصبح صحيحاً اليوم،وعلينا على ضوء ما حدث في قلنسوة وام الحيران ومظاهرة عرعرة وجنازة الشهيد ابو القيعان،ان نلتقط اللحظة المناسبة،والنضال وأشكاله يجب ان تستجيب للحس الشعبي والجماهيري،وكذلك عدم خلق تناقض او تعارض من شأنه إشغال الجماهير في نقاشات سفسطائية،او الدخول في مناكفات ومهاترات لا يستفيد منها،إلا أصحاب المشروع المعادي.
علينا ان نناقش بعمق وبنضج ومسؤولية عالية،البحث عن الخيارات واشكال النضال التي يمكن لنا خوضها في القدس والداخل الفلسطيني ضد "التغول" و"التوحش" على حقوقنا ووجودنا من قبل حكومة المستوطنين الصهاينة،حيث ثبت بان المسؤول عن مجازر الحجر الفلسطيني في قلنسوة،هو مستوطن متطرف يسكن في مستوطنة غير شرعية ،مستوطنة "عيلي" على طريق نابلس،وفي بيت غير مرخص المحامي أفي كوهين،كما هو حال رئيس بلدية الإحتلال المقدسية العنصري "نير بركات" ونائبه المغرق في الحقد والتطرف "مائير ترجمان" واللذان دعيا علناً الى هدم الآلاف البيوت المقدسية تحت حجج وذرائع البناء غير المرخص،حتى ان "ترجمان" قال بشكل واضح وبشكل عنصري بأن بلدية الإحتلال وجدت لهدم منازل المقدسيين لا بنائها.
نقاش بعيد عن الإنفعالية والعاطفية والتخبط والعشوائية والتهريج السياسي،وأيضاً بعيداً عن التخوين او الطعن بالوطنية...نقاش يجب خوضه على قاعدة الكل موحد في سبيل الدفاع عن أرضنا وحقوقنا ووجودنا،كما تتجند حكومة الإحتلال بكل اطيافها ومنابرها ومركباتها السياسية في العدوان على شعبنا.
التناقض ما بين يطرحه ويؤمن به قادة ودعاة النضال من داخل البرلمان الصهيوني "الكنيست" والجماهير العربية،من أشكال للنضال يستوجب خوضها للدفاع عن الحقوق والوجود العربي الفلسطيني من داخل "الكنيست" الصهيوني،وبين جسم واسع من الجماهير العربية،والتي للإنصاف القول بان نسبة منها لا بأس بها لا تشارك في الإنتخابات ل"الكنيست" الصهيوني،وقدر برز هذا التناقض في اكثر من محطة نضالية،ففي إنتفاضة يوم الأرض 30/أذار/1976،ومشروع المتطرف" أريه كنج" لتهويد الجليل،وجدت الجماهير العربية،بأن المسيرات السلمية والنضال الصامت،لن يحمي أرضهم من المصادرة والتهويد،فكان يوم الأرض الخالد،محطة نضالية مهمة في حماية الأرض من التهويد،دفع ثمنها شعبنا هناك دماً وتضحيات،وكذلك هبة اكتوبر2000،كرد على تدنيس المغدور شارون للمسجد الأقصى وسقوط (13) شهيداً ومشروع " برافر" لتهويد النقب،وغيرها من المحطات الهامة في سفر النضال الوطني الفلسطيني.
النضال البرلماني العربي من داخل البرلمان" الكنيست"،يحاجج القائلين بعدم جدواه بأن لن يمنع هدم الآلاف البيوت الفلسطينية هناك،حيث يجري سن القوانين والتشريعات العنصرية المستهدفة للوجود الفلسطيني العربي وحقوقه ووجوده على أرضه وفي وطنه،وهي تشريعات الهدف منها تجريم النضال السياسي للشعب الفلسطيني،وملاحقة قياداته واحزابه ومؤسساته،تحت حجج وذرائع نصرة شعبنا واهلنا في القدس وغزة والضفة الغربية،فالحركة الإسلامية كقوة رئيسية في الداخل الفلسطيني،جرى تجريمها وملاحقتها سياسياً واخراجها عن القانون،وإغلاق عشرات المؤسسات المرتبطة بها،تحت حجج وذرائع دعم "الإرهاب" المقاومة الفلسطينية،وكذلك جرى مع التجمع الوطني الديمقراطي،ناهيك عن حركة أبناء البلد التي تقع في دائرة الإستهداف الأول للمحتل،ناهيك عن أن اعضاء الكنيست العرب أنفسهم استهدفوا وعوقبوا،بالحرمان من حضور جلسات للكنيست وسحبت بعض حقوقهم،كعقاب لهم على الإلتقاء مع اهالي شهداء القدس،ومطالبة وزير الداخلية الصهيوني وقائد شرطة الإحتلال بتسليم جثامين شهدائهم.
من هنا في ظل يجري وما تقوم به حكومة الإحتلال من عقوبات ومجازر بحق الحجر الفلسطيني ومخططات تهويد للأرض الفلسطينية،هدم واقتلاع لقرى بأكملها وجودها سابق لوجود الإحتلال،قرى النقب ال(46) ،يزداد النقاش صخباً وتطرح الكثير من التساؤلات المشروعة عن جدوى النضال من داخل البرلمان الإسرائيلي،فإذا كان من يقولون،بأن الأحزاب والقوى السياسية،عليها أن تواصل دورها النضالي،من داخل البرلمان الصهيوني "الكنيست" لأن ذلك يفضح ويعري حكومة الإحتلال ويكشف عنصريتها،ويساهم في حماية حقوق شعبنا والدفاع عن أرضه ووجوده،فلعل إنتظام كل القوى والأحزاب العربية هناك في لجنة المتابعة العربية،كجسم تمثيلي سياسي علني للجماهير العربي،يعطي الزخم الكبير لوحدة الجماهير العربية،وكذلك تستطيع ان تخوض نضالاتها بأشكالها المختلفة،بعيداً عن قيود وتعقيدات البرلمان الصهيوني.
بقلم/ راسم عبيدات