أعلن وزير الحكم المحلي د. حسين الأعرج أن الحكومة تتجه نحو اجراء الانتخابات المحلية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة في ايار المقبل بشكل متزامن، ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة قراراً بذلك في جلستها القادمة، على صعيد آخر عقد وفد من المجتمع المدني من الضفة الغربية لقاءات مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بهدف تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات المحلية قبل حلول شهر رمضان، إن كنا نؤكد على أهمية اجراء الانتخابات ليس فقط المتعلقة منها بالهيئات المحلية بل وأيضاً التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني لتجديد الشرعيات سيما وأن الولاية القانونية لكل منها انتهت منذ أمد، ولا شرعية لأحد سوى شرعية الأمر الواقع إن كان له شرعية، إلا أن اجراء الانتخابات قبل تحقيق المصالحة وتوحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية هي بمثابة هروب للأمام وتكريس للتقاسم الوظيفي في ادارة الانقسام.
الواضح أن حكومة الوفاق تفكر بمعزل عن الجميع وقد تأخذنا إلى اخفاق جديد أو اضافة المزيد من التعقيد على واقعنا المرير، هل تعتقد الحكومة بان قرار الرئيس بقانون، المتعلق بتشكيل محكمة مختصة بقضايا الانتخابات، يوفر الأجواء الصحية المطلوبة لإجراء الانتخابات بشفافية ونزاهة ويحقق الغرض منها؟، صحيح أن الانتخابات المحلية تعطلت في ردهات المحاكم في قطاع غزة ومن بعدها المحكمة العليا في رام الله، ومؤكد أننا بحاجة إلى محكمة واحدة مختصة بقضايا الانتخابات ليس لأي من القضاة فيها علاقة بهذا الفصيل أو ذاك.
لكن ليس فقط المحكمة المختصة هو ما نحتاجه لإجراء الانتخابات المحلية، فهنالك جملة من القضايا لا بد من توفير المصوغ القانوني المتفق عليه كي لا تتعطل الانتخابات عند أي منها، وبخاصة ما يتعلق بانتخابات الهيئات المحلية في القدس، ومشاركة مخيمات اللاجئين في قطاع غزة في الانتخابات بينما مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية لا تشارك، وايضا بحاجة الى تفسير قانوني واضح حول مفهوم القائمة المغلقة لتجنب اللغط الذي سببته لجنة الانتخابات المركزية حين اسقطت قائمة لمجرد قبول الطعن في احد مرشحيها، وكذلك ما يتعلق بالشرطة والطواقم الفنية التي تستعين بها لجنة الانتخابات المركزية لتأمين العملية الانتخابية والاشراف على التسجيل والتصويت والفرز سيما وأن الانقسام افرز اجساماً مختلفة.
الواضح أن ما يعنينا من انتخابات الهيئات المحلية هو أن يسجل هذا الفصيل أو ذلك انتصاراً تقر به صناديق الاقتراع، نعم قانون الانتخابات النسبي يحتم المشاركة في المجالس المنتخبة من أكثر من فصيل، لكن ما الذي يمكن أن يفعله مجلس منتخب في ظل انقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة؟، المجلس البلدي المنتخب بحاجة لتعاون جاد معه من قبل المؤسسات الحكومية المختلفة، ماذا لو قررت الشرطة في قطاع غزة عدم التعاون مع مجلس بلدي في القطاع تقوده حركة فتح؟، وماذا لو اتخذت الشرطة في الضفة الغربية الشيء ذاته مع مجلس بلدي تقوده حماس؟، كيف يمكن لمجلس بلدي أن يقوم بمهامه في ظل بيئة تقوم على المناكفة؟.
إن الحديث عن انتخابات في ظل الانقسام سواء انتخابات بلدية أو تشريعية أو رئاسية أو مجلس وطني هي بمثابة هروب إلى الأمام ومحاولة يائسة لإخفاء الفشل، ومن يعتقد أن الانتخابات يمكن لها أن تخرجنا من نفق الانقسام فهو واهم، الانتخابات بمعزل عن تحقيق المصالحة وتوحيد مؤسسات السلطة الوطنية إن لم تضاعف من تعقيدات الواقع الفلسطيني الداخلي فإنها تقود بلا شك إلى التقاسم الوظيفي في ادارة الانقسام، لا نريد انتخابات الهدف منها تجميل وجه الانقسام القبيح.
د. أسامه الفرا