الاستيطان الصهيوني وسرقة الارض العربية الفلسطينية بشكل معلن

بقلم: أكرم عبيد

لقد تميز الاستيطان الصهيوني عن غيره من التجارب الاستيطانية القديمة والجديدة بارتباطها بالعنف الإجرامي الدموي واغتصاب أرضنا الفلسطينية بالقوة وتشريد أصحاب الأرض الشرعيين واجتثاث تاريخهم وحضارتهم وثقافتهم والقضاء على وجودهم

وقد شهدت الضفة الغربية المحتلة في هذه الفترة هجمة استيطانية متسارعة لم تشهد مثيلا لها منذ احتلالها عام 1967 و ترافقت مع التهام المزيد من الأراضي لبناء وتوسيع المستعمرات لاستيعاب المزيد من قطعان المستوطنين من كل أصقاع العالم لتغيير معالمها الجغرافية والديمغرافية وخاصة في مدينة القدس لطمس معالمها العربية الأصيلة وتهويدها  حسب المعطيات التالية:

    أولاً –  تستهدف المستعمرات فك ارتباط المواطن الفلسطيني بأرضه وتاريخية وجذوره
    ثانياً -  اعتمدت سلطات الاحتلال الصهيوني على مشروع ألون الذي شكل البوصلة لتجسيد الإستراتيجية الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة لفرض سياسة الأمر الواقع عليها وخاصة بعدما شجعت التمدد الاستيطاني في غور الأردن لتتمكن سلطات الاحتلال من تحقيق حلمها القديم الجديد لإقامة ما يسمى " يهودية الدولة " العنصرية المزعومة بعد تفكيك وحدة الأرض والشعب الفلسطيني

    وتم توسع هذا المخطط الاستيطاني بشكل متسارع بعد حرب تشرين التحريرية عام 1973 من خلال مشروع غاليلي الأكثر تطرفا وعنصرية بعدما استخدم سياسة الفصل والعزل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والأراضي المحتلة عام 1967 وبين كل مدينة وقرية ومخيم في الضفة المحتلة وأحيانا بين كل حي وحي كما يحل في القدس المحتلة

     وتميز هذا المشروع العنصري ببناء المستعمرات الأمنية والمستعمرات الدينية وانتهاء بالمستعمرات غير الايدولوجية

    وتؤكد الوثائق الصهيونية أن المجرم شارون استعرض أمام الحكومة الصهيونية الأولى التي شكلها السفاح مناحيم بيغن أهم الأهداف لإقامة المستعمرات في الضفة الغربية المحتلة ومنها:

    *- فصل سكان الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة عن إخوانهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 للحيلولة دون التواصل بين العرب وتهديد القطعان الصهيونية في السهل الساحلي الفلسطيني المحتل وسهولة السيطرة الصهيونية عليه لضمان الوصول إلى القدس المحتلة

    *- ضمان السيطرة على غور الأردن بوجود المستعمرات

    *- السيطرة على القدس المحتلة الموحدة بشطريها كعاصمة أبدية للكيان الصهيوني بعد تطويقها بحزام استيطاني من المستعمرات الكبرى يحاصر الإحياء العربية لضمان وجود أغلبية يهودية على المدى المنظور وخاصة بعدما اقترح المجرم شارون بناء جدار الفصل والعزل العنصري لفرض وقائع جغرافية جديدة على الأرض تتمثل بحدود جديدة مصطنعة على حساب خط الرابع من حزيران الحد الفاصل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والأراضي المحتلة عام 1948 والتي تم فصلها بالمخطط الاستيطاني

     وفي هذا السياق ركزت سلطات الاحتلال على مصادرة الأراضي المزروعة لطرد أصحابها بعد إحراق محاصيلهم وقطع أشجارهم المثمرة وفي مقدمتها أشجار الزيتون متجاهلين القرارات الدولية ودعوات المجتمع الدولي الرافض للاستيطان الذي التهم أكثر م60% من أراضي الضفة الغربية و مدينة القدس والتي تتعرض اليوم لهجمة استيطانية مسعورة تمثلت في مصادرة المزيد من أحيائها والكثير من منازلها وتدميرها وتشريد سكانها والتي كان أخرها عدد من منازل حي سلوان والبستان والشيخ جراح
    وقد أكدت أخر التقارير الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2007 أن عدد المستعمرات في الضفة الغربية المحتلة بلغ حوالي /217/ مستعمرات تحتوي على أكثر من نصف مليون مغتصب بالإضافة لحوالي /227/ بؤرة استيطانية
    كما بلغ طول الطرق الالتفافية حوالي /875 كم/ وبلغ عدد القواعد العسكرية المحتلة / 230 / قاعدة أما الحواجز العسكرية المختلفة الثابتة والمتحركة فقد تجاوز / 600 / حاجز
    أما المنازل السكانية التي تم تدميرها منذ عام 1967 / حتى اليوم فقد بلغ أكثر من / 15800 / منزل منها حوالي 6000 منزل بعد انتفاضة الأقصى عام 2000
    أما جدار الفصل والعزل العنصري فقد بلغ طوله حوالي / 725 كم / وقد عزل الجدار من مساحة الضفة المحتلة غرب الجدار حوالي 600 كم ومن المنطقة الشرقية 1710 كم
    أما الجرافات الصهيونية ألاثمة فقد تعمدت جرف واقتلاع ما يزيد عن مليون ونصف شجرة كما صادرت سلطات الاحتلال مئات الدونمات الأخرى
    ولم تكتفي سلطات الاحتلال الصهيوني باستيطان وتهويد معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة بل تعمدت تهويد الجولان العربي السوري وبناء عشرات المستعمرات الزراعية والسياحية والخدمية ومنها مغتصبة كسترين وبلغ عدد مغتصبي هذه المستعمرات حوالي /  19000 / مغتصب وتحاول سلطات الاحتلال الصهيوني تقديم التسهيلات المغرية للشباب لرفع نسبة القطعان الصهيونية المستوردة لعشرات الآلاف لفرض واقع استعماري على الجولان كما تحاول في مدينة القدس المحتلة .
    بالرغم من القرارات الدولية الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة الرافضة للاستيطان و سياسة التهويد والضم والإلحاق والمساس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية ومواصلة الحفريات تحت جدران الأقصى لهدمه وبناء ما يسمى الهيكل الثالث المزعوم .
    لذلك فقد تعمدت سلطات الاحتلال الصهيوني تسريع وتيرة الاستيطان وجدار الفصل العنصري لتغيير معالم مدينة القدس الجغرافية والديمغرافية لتهويدها وفك ارتباطها مع محيطها الفلسطيني لإخراجها من معادلة المفاوضات العبثية النهائية كجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بعد فرض سياسة الإغلاق عليها وحرمان المواطنين الفلسطينيين من دخولها كمقدمة للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس .
    ولتحقيق هذا الحلم الصهيوني القديم الجديد واصلت سلطات الاحتلال الصهيوني وقطعانها المستوردة فصولها الإجرامية الدامية بحق أهلنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والتي ترافقت مع إصدار المزيد من القوانين العنصرية من قانون الولاء للدولة قبل المواطنة إلى تهويد التعليم في المدارس العربية وتغير أسماء المدن والقرى والبلدات العربية وشوارعها لطمس اللغة العربية وتغيير معالم الأرض وهوية إنسانها العربي الفلسطيني وثقافته وتاريخه وانتمائه العربي لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه بالحرب بعد اكثر من ستين عاماً من اغتصاب فلسطين والضغط على سكانها المتمسكين بأرضهم وحقوقهم كالقابض على الجمر كما حصل في قرية ام الحيران لتهجيرهم والتخلص منهم وتحقيق أهدافهم العدوانية.
    ولم تكتفي سلطات الاحتلال بهذه الفصول الإجرامية الدامية بل تعمدت تشديد سياسة الحصار المفروضة على قطاع غزة المحاصر الذي تدهورت أحوال أبنائه بعد العدوان الصهيوني بداية العام 2009 للضغط على الشعب الفلسطيني وقيادته المقاومة لكسر إرادته الصمودية وإخضاعه للشروط والاملاءات الصهيوامريكية .
    لذلك فإن سياسة الاستيطان والتهويد والمصادرة تشكل التهديد الحقيقي لكل المبادرات والمشاريع السلمية المزعومة وفي مقدمتها المشروع الأمريكي لحل الدولتين وتجميد الاستيطان مع العلم أن رئيس حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة النتنياهو رد على المشروع الأمريكي بجملة من الشروط الاعتراضية تمثلت بضرورة اعتراف الفلسطينيين والعرب بيهودية الكيان الصهيوني والتطبيع قبل المفاوضات وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج حدود الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة وفرض مواصفات الدولة الفلسطينية قبل إعلان قيامها بلا جيش ومنزوعة السلاح والسيادة والقدس خارج معادلة المفاوضات بالإضافة لطرح مشروع تشريع المستعمرات العشوائية المقامة في الضفة الغربية المحتلة والذي صادقت علية الكنيست الصهيوني بالقراءة الثانية والثالثة في ظل صمت وتواطؤ سلطة الحكم الاداري الذاتي الفلسطيني التي لا هم لها سوى الهرولة وراء المفاوضات العبثية التي اصبحت خلف ظهر مجرمي الحرب الصهاينة وفي هذا السياق لا ندري ماذا بقي للدولة الفلسطينية الموعودة  .
    وهذا ما يفرض اليوم على الفصائل الفلسطينية التنبه للمخاطر الجدية التي تتهدد القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا التاريخية بالشطب والتصفية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية وتتجاوز الحدود الفصائلية الصغيرة لتكون بحجم الوطن المغتصب وتسارع لردم هوة الانقسام وتتوحد على أساس برنامج وطني يستعيد م 0 ت 0ف لخطها المقاوم وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية على أسس سياسية وتنظيمية ديمقراطية على أساس الميثاق الوطني لقيادة مسيرة شعبنا وتحقيق كامل أهدافه الوطنية في دحر الاحتلال واستعادة حقوقنا الوطنية والقومية المغتصبة وفي مقدمتها العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس

 

بقلم : أكرم عبيد

[email protected]