للأنفاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أسرارها التي تبوح بها أحيانا وتحتفظ بالكثير من الخبايا ، إلا أن هناك من يضحون بأنفسهم من أجل لقمة العيش المغمسة بالسم .
و الفاجعة التي ألمت بقلعة الجنوب " رفح " باستشهاد ثلاثة شبان، أثناء عملهم في نفق تجاري في ظل الحصار الذي يضرب قطاع غزة منذ 11 عاما ، طرحت العديد من الأسئلة بين شرائح فلسطينية مختلفة.
فالعديد من المواطنين وفق ما رصده تقرير " وكالة قدس نت للأنباء " عبر شبكات التواصل الاجتماعي عبروا عن سخط كبير مما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة، فكتب المواطن سامي برهوم على شبكة التواصل الاجتماعي قائلا " رفح ..تلخيص للمشهد الفلسطيني بسوداويته ...رحم الله شبابا بعمر الزهور دفعوا أرواحهم بحثا عن لقمة العيش ...دمائهم في رقاب الساسة ولا استثني منهم أحدا ، رحمهم الله وألهم ذويهم الصبر والسلوان ".
بينما كتب القذافي القططي:" إن دماء شهداء لقمة العيش الثلاثة ستلعن كل من خذلهم وحاصرهم وتراقص على عذاباتهم وقضى على أحلامهم ولم يراعي أدنى مسئولية اتجاههم وأجبرهم على هذا الخيار القاتل " .
أما جمال الشاعر فحمل المسؤولية للحصار قائلا:"إن من يتحمل مسؤولية مقتلهم هو من له مصلحه في استمرار حالة الانقسام المدمر لطموحات الشباب وآمالهم في حياة كريمة نعم لانتهاء الانقسام والعمل على فك الحصار لحل مشاكل البطالة المستشرية في صفوف الشباب.
فصائل: الأنفاق إنسانية في ظل الحصار
الفصائل الفلسطينية من جهتها، أكدت أن من يدفع الشباب للعمل بالأنفاق هو الحالة التي وصل إليها قطاع غزة، مطالبين مصر بأن توفق بين واجبها القومي تجاه غزة وأمنها القومي في سيناء ، و فتح معبر رفح بشكل دائم لإنهاء معاناة غزة وأهلها لأنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار .
وقال نافذ غنيم عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني في حديث لـ" وكالة قدس نت للأنباء" ، معقبا على هذه الحادثة المفجعة :" هؤلاء العمال هم ضحايا اللقمة المغمسة بالدم.. ضحايا الانقسام والحصار وانعدام المسئولية في التعامل مع القضايا المعيشية للناس وبخاصة للفئات الفقيرة والمهمشة.. ما يدفع الشباب للعمل في هذا العمل القاتل والمحفوف بالمخاطر عدم توفر أي فرص بديلة تتسم بالأمن وضمان حياة الناس وعملهم بكرامة... هم عمليا يمارسون الانتحار مقابل مكاسب مادية متواضعة ولم تعد كالسابق في بدايات عمل الأنفاق..
وأضاف غنيم :" إسرائيل مغلقة أمام العمال.. والسلطة الفلسطينية مقصرة في توفير الحد المطلوب من مخصصات البطالة لأمثال هؤلاء الشباب العمال.. وحكومة الأمر الواقع في غزة لا تولى هذا الأمر أي أهمية كذلك، والمعابر مغلقة حتى في وجه من يسعون من الشباب للسفر من اجل البحث عن عمل.. يعني باختصار باتت فئة العمال وبخاصة الشباب محاصرين من كل الجوانب.. ولم يتبقى أمامهم سوى العمل في أنفاق الموت التي جرت الكثير من الماسي لشعبنا وحياة ابنائه."
وفي معرض رده على سؤال حول تجاوز مثل هذه المآسي نوه غنيم، إلى أن المدخل العملي لتجاوز كل هذه المآسي.. هو إنهاء الحالة الشاذة التي يعيشها ابناء شعبنا من انقسام ، وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني.. ووضع إستراتيجية تضع المواطن الفلسطيني وحياته وكرامته في سلم أولوياتها.، كذلك مطلوب إستراتيجية توفر مقومات الصمود وتحقق أقصى درجات العدالة بين أبناء شعبنا دون تمييز أو محاباة على أساس الانتماء أو التصنيف الاجتماعي وغيرها، بذلك نتمكن من تجاوز حالات الموت المجاني والكارثي لأبناء شعبنا سواء كان ذلك في الأنفاق أو غيره."
من جهتها نعت حركة المجاهدين الفلسطينية شهداء لقمة العيش عبد الله وليد النامولي وسلامة سليمان أبو شوشة وعبيد محمد الصوفي على حدود قطاع غزة مع مصر" الذين اضطروا إلى العمل داخل الأنفاق الحدودية وذلك بسبب الحصار على أبناء شعبنا في قطاع غزة. "
وأكدت الحركة على "عدم وجود دواعي لمهاجمة الأنفاق الإنسانية في ظل الحصار والمعاناة التي يعيشها قطاعنا الصابر "
وأضافت أنه" يجب على الإخوة في مصر العمل من أجل فتح معبر رفح البري الذي هو المتنفس الوحيد لقطاع غزة في وجود هذا الحصار الصهيوني" وختمت الحركة تأكيدها على ضرورة أن توفق مصر بين واجبها القومي تجاه غزة وأمنها القومي في سيناء
بدورها عبرت حركة "حماس" عن حزنها إلى أهالي شهداء لقمة العيش "شهداء الحصار" الذين قضوا نحبهم إثر قتلهم بالغاز أثناء بحثهم عن لقمة عيشهم، في ظل الحصار الخانق الذي يتعرض له سكان قطاع غزة."
واستنكرت حماس في بيان لها هذا الحادث الأليم لنؤكد على أنه "لا يوجد أي مبرر لاستمرار السلطات المصرية باستخدام مثل هذه الأساليب الخطيرة في التعامل مع سكان القطاع المحاصرين، كما ندعو الأشقاء في مصر إلى فتح معبر رفح بشكل دائم لإنهاء معاناة غزة وأهلها، ونؤكد على حق شعبنا بالعيش بحرية وكرامة كباقي شعوب العالم، وعلى المجتمع الدولي التدخل لإنهاء هذا الحصار الظالم ."
محلل سياسي: مطلوب مساحات من التعاون وزيادة العلاقات التجارية
وأمام هذه الحادثة الأليمة دعا الكاتب والمحلل السياسي الدكتور فهمي شراب الرئيس محمود عباس أن يتدخل مع الجانب المصري لكي يزيد من مساحات التعاون وزيادة العلاقات التجارية بما يسمح بتوفير فرص عمل أكثر في قطاع غزة.
وشدد شراب في حديث لـ " وكالة قدس نت للأنباء " ،على أن المطلوب من الرئيس عباس أيضا التدخل لكي تزداد وتيرة فتح المعبر لكي تخرج فئات متخصصة من الشباب لكي يعملوا في الخارج بشكل مؤقت وذلك لتخفيف من حالة الاحتقان والبطالة المتكدسة في غزة.
وأوضح شراب ، أن "الرئيس عباس وعد من خلال برنامجه الانتخابي أن يساهم في تسفير خريجين إلى الكويت وقطر والسعودية والامارات.. فلو أن هذا البند تم تطبيقه وتنفيذه فبالتأكيد سوف يساهم في تخفيف الأزمة ويساهم في إيجاد فرص عمل كثيرة داخل غزة وسوف تختفي أزمة العمل الاضطراري في الأنفاق ."
يذكر أن جماهير محافظة رفح جنوب قطاع غزة شيعت ظهر اليوم السبت جثامين ثلاثة شهداء قضوا الليلة الماضية، داخل أحد الأنفاق التجارية أسفل الحدود الفلسطينية- المصرية وهم عبيد الصوفي 25 عامًا، وعبد الله النامولي 23 عامًا، وسلامة أبو شوشة 24عامًا، فيما أصيب خمسة أخرون، و10 عمال من المنقذين، بسبب تعرضهم للاختناق جراء استنشاق غازات سامة ناتجة عن تفجير النفق الذي يعملوا به قبل أيام من قبل الجيش المصري.
