المتابع للأوضاع في قطاع غزة، خلال الأسبوع المنصرم، سواء كان بإطلاق صاروخ تجاه المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، و كذلك القصف العنيف التي تعرضت له مواقع المقاومة، وما رافق ذلك من توجيه رسالة شديدة اللهجة من قبل كتائب القسام للاحتلال، والتصريحات الإسرائيلية النارية ضد غزة بعد تقرير مراقب دولة الاحتلال بشان العدوان على غزة2014، يؤكد أن غزة على صفيح ساخن.
على الأرض يرى العديد من المختصين والمحللين السياسيين، بأنه سيكون هناك جهدا استثنائيا لمنع أي تدهور وانزلاق للأمور، إلا انه وبخلاف التقديرات السابقة التي تحدثت عن أن المقاومة تستطيع أن تمتص أي استفزازات إسرائيلية في قطاع غزة إلا أن التوجه العام حالياً بات ينذر بأننا سنكون أمام مرحلة عدم الصمت والرد وفرض حل يوقف هذه السياسة الهوجاء، والسؤال هل الحرب مسألة وقت أم ما يحدث مجرد ردات فعل ؟
التحذير من معركة لا يريدها احد
ويوضح المحلل السياسي وجيه أبو ظريفة بأن غزة على صفيح ساخن، وسقوط قذيفة صاروخية ثقيلة وربما تكون صاروخ جراد على عسقلان تطور خطير في مشاغلة إسرائيل بالسلاح ومن المحتمل أن تؤدى إلى رد إسرائيلي خاصة بعد ازدياد حالة الاحتقان خلال الأيام الماضية.
ويؤكد أبو ظريفة و فق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، في ظل هذا التصعيد، أن الأمر يتطلب مزيد من الحرص والحذر والتعقل حتى لا تتحقق أهداف مطلقي الصواريخ بجر القطاع إلى معركة لا يريدها احد .
حديث أبو ظريفة بمحاولة مطلقي الصواريخ جر غزة لمعركة لا يريدها أحد، يؤكده أيضا المختص بالشأن الإسرائيلي محمود مرداوي وفق ما كتبه ونشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي بقوله :" نحن أيضا في وضع ليس أقل منه تعقيدا وحيرة؛ لكن تصريح أبو عبيدة الذي صدر قبل أيام خفف عنا الكثير وجعل طلب التعقُّل موجهاً للعدو من أي طرف سيتدخل قبل أن يوجه لنا ".
وأضاف مرداوي، و"مع ذلك لا نملك خيارات كثيرة والعدو سيتحمل المسؤولية عن أي تصعيد ينتج عن هذا الصاروخ وغيره لان سياسة الاستغلال التي اعتمدها شجعت مطلقي الصواريخ بالرهان على حالة التوتر التي يهيئها الجو الملبد بالغضب والاستفزاز لاندلاع حرب، لكن باعتقادي سيبذل الطرفين جهدا استثنائيا لمنع أي تدهور وانزلاق الأمور".
مواجهة مقبلة سيكون اهتمام العالم بها أكبر
بينما في إسرائيل الحديث عن قطاع غزة لا ينقطع في ظل تصاعد الأوضاع مؤخرا، فنجد أن كبار القيادة العسكرية والسياسية للاحتلال يتحدثون بوضوح تام عن تأزم الأمور ، خاصة في ظل الاستطلاع الذي أجرته صحيفة هآرتس أمس الجمعة، واظهر أن 43% من الإسرائيليين يفضلون العمل العسكري ضد "حماس" .
وفي هذا الصدد عقب فراس حسان الباحث بالشأن الإسرائيلي ، على هذا الاستطلاع وفق تقرير لـ "وكالة قدس نت للأنباء" قائلا:" عندما اطلع وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمن على استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحافه الصهيونية أمس حول أدائه مع قطاعغزه وكيفيه التعامل مع القطاع والمقاومة الفلسطينية وان هذه الاستطلاعات كانت سلبيه بمجملها تجاه ليبرمن الذي وصفته هذه الاستطلاعات بالضعيف بالأداء والتعامل ..هذه الاستطلاعات التي اطلع عليها ليبرمن وأخذها بعين الحسبان الآن ستفتح شهيته لأداء أقوى هذا الأداء يتمثل بتشديد الضربات والاستعداد لشن حرب طاحنه على القطاع ليحقق رغبه الجمهور الإسرائيلي الذي أعطاه وفق هذه الاستطلاعات الضوء الأخضر ليشن هذا العدوان الذي بات قريبا ".
إسرائيل تتخذ دوما ذرائع لشن العدوان على غزة، وقال الكاتب في صحيفة هآرتس " جدعون ليفي": إسرائيل تحب الحروب... تحب غزة لأنها تجد فيها دائما المبرر لشن الحروب غير المتكافئة .
ونقلت القناة العاشرة الإسرائيلية ، عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، هرتسي هليفي في تعقيبه على ما يحدث قائلا:" غزة على حافة أزمة إنسانية وإحتمالات ضئيلة لمواجهة مع المقاومة وحزب الله والأوضاع في الضفة الغربية قابلة للانفجار بسبب غياب الأفق السياسي والوضع الاقتصادي المتردي.
وتؤكد القناة في تحليل لها، أن إطلاق الصواريخ يزيد من فرص اندلاع مواجهة مع غزة وأي مواجهة مقبلة سيكون اهتمام العالم بها أكبر من ذي قبل .
تسيفكا يحزكيلي من كبار المسؤولين الأمنيين و محلل الشؤون العربية في القناة العاشرة الاسرائيليه ، له رؤية بأن الأوضاع ربما ستتطور و يكون هناك رد فلسطيني بقوله :" يقولون بأن حماس ليست مهتمة بالمواجهة ولكن الأحداث الجارية تقول عكس ذلك و حماس بالفعل اتخذت أسلوبا جديدا وسترد في حال تجدد قصف سلاح الجو بغزة .
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن "الكثير من المزيج القابل للانفجار الذي جرّ إسرائيل وحماس إلى الحرب في أشهر صيف العام 2014، والذي تم استعراضه بالتفصيل في تقرير مراقب الدولة، عادت لتحوم في الأجواء مع اقتراب ربيع 2017".
ونقل موقع واللا العبري، عن تقديرات الجيش الإسرائيلي في الحرب القادمة سوف تحاول حماس مفاجأة الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة من خلال استخدام عدة أنفاق وهجوم أعداد كبيرة من عناصر النخبة لديها مسلحين ببنادق ورشاشات وصواريخ مضادة للدبابات والانقضاض على أحد المجتمعات مثل سديروت واحتلال مواقع الجيش الإسرائيلي هناك.
وذكر موقع مفزاك لايف العبري في تساؤل له ما هي خلاصة الأحداث حاليا؟ الجواب واضح - الحرب على غزة ليست سوى مسألة وقت .
لعبة كلام أم لعبة ردع
كذلك يتساءل الدكتور يوسف رزقه الكاتب و المحلل السياسي هل ما يحدث في غزة لعبة كلام أم لعبة ردع؟ ، ويوضح في مقال تحليلي نشره على صفحته الشخصية بشبكة التواصل الاجتماعي قائلا وفق ما رصده تقرير " وكالة قدس نت للأنباء " :"إن الطرف الإسرائيلي يريد أن يتعامل مع المقاومة في غزة من خلال ما يسميه هو سياسة الردع، وفرض الأمر الواقع، ويحسب أن التعامل مع المقاومة هو شبيه للتعامل مع السلطة( الضغط يولد مزيد من التنازلات؟!).
ويشير رزقه إلى أن هذا يعني أنه لا يريد أن يفرق بين التعامل مع السلطة، والتعامل مع المقاومة، بحسبان أن المقاومة في غزة لا تريد حربا موسعة في هذه المرحلة، وأنها تعيش مرحلة ردع ذاتي وخارجي معا، وهو حساب في نظري خاطئ ، فالمقاومة ليست السلطة، بل هي متمردة على السلطة، وهي بالتأكيد متمردة على معادلة الردع التي يحاول الجيش فرضها ، لا سيما بعد ثلاث حروب طاحنة خاضتها المقاومة وأثبتت فيها جاهزية لإيلام العدو داخل مناطقه وفي غلاف غزة، لذا يجدر بالعدو مراجعة حساباته، والالتزام بالتهدئة، والابتعاد عن فرض معادلات عسكرية جديدة؟! هذا على الأقل بحسب رؤية المقاومة وتفكيرها.
هذا و نشر محلل موقع المجد الأمني المقرب من كتائب القسام تحليلا حول تصاعد الأوضاع و هل تكون معادلة غزة الجديدة صاروخ بصاروخ وموقع بموقع ؟ ، كون التحدي الأخير الذي باتت المقاومة في مواجهته، ينذر أننا أمام سيناريو مواجهة مشابه لمعادلة التوغلات وصولاً لكسر هذه المعادلة، حتى وإن تصاعدت الأمور وأصبحت أكثر سخونة.
وأضاف محلل المجد الأمني بأن القصف وإن كان شديداً قياساً بصاروخ صغير سقط في منطقة مفتوحة، إلا أن الحدة في القصف تعكس تخبط وارباك يعكس الحالة التي وصل إليها نتنياهو جراء تحمله مسئولية الفشل في اتخاذ بعض القرارات في اجتماعات الكابينت أثناء الحرب الماضية، تحدثت عن ذلك مصادر إعلامية عبرية استهجنت حدة الرد الإسرائيلي على غزة الذي قد يجلب للعدو حرب غير مستعدين لها.
وأكد في ختام حديثه عن احتمالية وقوع مواجهة واسعة من عدمه، أن طرفي المعادلة غير معنيين بتوسيع المواجهة في الوقت الحالي، وأن السبب الرئيسي الذي يمنع العدو من ذلك هو افتقاره لمعلومات حقيقية تمكنه من شن عملية عسكرية ضد غزة تكون ذات فائدة حقيقية لا توقعه في مزيد من الفشل أمام الرأي العام الإسرائيلي والذي ما زال يعاني من تبعاته المنعكسة من نتائج الحرب الماضية على غزة.
