اعتبار الأقصى مكان مقدس لليهود هل يدفع المنطقة لحرب دينية..؟

لا تترك حكومة الاحتلال الإسرائيلي أي طريقة، إلا و تستعملها لتهويد مدينة القدس المحتلة، وطرد سكانها منها، عبر محاولات لصبغ القدس بصبغة يهودية مستخدمة في ذلك مصطلحات تستند على روايات دينية يهودية كما حدث مؤخرا من قبل ما تسمي بـ محكمة "الصلح" الإحتلالية في المدينة، بأن المسجد الأقصى مكان مقدس لليهود، ويحق لهم الصلاة فيه.

ونجد أن المحاكم الإسرائيلية، وفق استنادات لها واستخدامها لمصطلحات وأدوات قانونية لفرض رواية تهويدية للمسجد الأقصى المبارك، لكي تمنع كل محاولات التصدي للاقتحامات اليومية المتكررة من قبل المتطرفين في محاولة منها لفرض قرار التقسيم المكاني للأقصى واعتبار أن ذلك مكان مقدس لأداء الصلوات تلمودية تهويدية.

إجراءات عملية للتقسيم المكاني في القدس

هذا وحذر ممثل منظمة التعاون الإسلامي السفير أحمد الرويضي، من خطوة هذه الدعاية وما تقوم به المنظمات اليهودية المتطرفة ومنظمات المستوطنين لتوسيع الاقتحامات اليهودية للمسجد الأقصى.

وأضاف في تصريحات له "شاهدنا خلال الفترة الأخيرة دخول ثلاث مجموعات للمسجد الأقصى يومياً بحماية الأمن الإسرائيلي، ورافق ذلك محاولة إدخال غرفة زجاجية للمسجد الأقصى المبارك".

وأوضح أن المقصود والمغزى من إدخال هذه الغرفة هو التقسيم المكاني للمسجد، بحيث يتم وضع نقطة في المسجد لإقامة صلوات تلمودية فيها، إذ تهدف الجماعات المتطرفة منها الالتفاف على أي قرار حكومي لمنع الاقتحامات تحت أي ظرف والتحجج بوجود قرار قضائي يلزم الحكومة بالاقتحام.

كذلك أكد رئيس مؤسسة القدس الدولية في فلسطين أحمد أبو حلبية وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، أن قرار ما تسمى بـ"محكمة الصلح" الإسرائيلية باعتبار المسجد الأقصى "أقدس مكان لليهود" ولا يحق لأي أحد منعهم من الوصول إليه، باطل من الأساس وتزييف للحقائق التاريخية.

وقال أبو حلبية في تصريح له: "إن هذا القرار يشكل تعديًا على القرارات والقوانين الدولية التي بينت وأثبتت بشكل جلي إسلامية المسجد الأقصى، والتي كان آخرها قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة- "اليونسكو" الصادر في 18 تشرين أول/ أكتوبر من العام الماضي 2016.

وأضاف أن القرار اعتمد على قرارات ما تسمى بـ"المحكمة العليا" ومحاكم أخرى، وعلى تفسيرات دينية تلمودية، تسعى لإضفاء صبغة دينية يهودية على الأقصى، والصاق أسماء توراتية على مكان وجوده ومحيطه مثل "معبد سليمان"، "جبل الهيكل"، "حائط المبكي" و"مدينة داود" وغيرها من المسميات والادعاءات الكاذبة، دون أدنى احترام للحقائق التاريخية للمكان.

دفع حثيث باتجاه حرب دينية

يذكر ان ما تسمي بمحكمة "الصلح" الإسرائيلية، قضت الاثنين الماضي بأن المسجد الأقصى، مكان "مقدس لليهود"، ويحق لهم الصلاة فيه، فيما لا يحق لأي كان منعهم من الوصول لساحاته والصعود لما أسمته "جبل الهيكل".

وجاء هذا القرار خلال جلسة الحكم بإدانة المواطنتين سحر النتشة وعبير فواز "بتهمة" ما أسمته "منع الوصول إلى الأماكن المقدسة" وذلك عندما هتفتا في وجه مجموعة من المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى عام 2014.

بينما اعتبر وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني الشيخ يوسف ادعيس، ما أعلنت عنه محكمة "الصلح" في مدينة القدس المحتلة، بأن المسجد الأقصى مكان مقدس لليهود، ويحق لهم الصلاة فيه، ما هو إلا دفع حثيث باتجاه حرب دينية سيكون وبالها على المنطقة جمعاء، من خلال تشريع الانتهاكات اليومية لقطعان المستوطنين، وتبرير الاعتداءات على المسجد الأقصى والمرابطين فيه.

وشدد على ان القرارات الصادرة من المحاكم الإسرائيلية ما هي إلا امتداد للنهج الاستعماري بمحاولة "إضفاء صبغة قانونية" على انتهاكاته وجرائمه التي طالت الإنسان الفلسطيني ومكونات هويته الدينية والثقافية والوطنية.

مفردات دينية لتهويد المسجد الأقصى

وقالت "مؤسسة قدسنا لحقوق الإنسان" في بيان صحفي، إن محكمة الاحتلال اعتبرت أنّ المسجد الأقصى هو أقدس مكان لليهود، وقامت المحكمة بتأسيس قرارها على ادعاءات مقتبسة من قرارات المحاكم المختلفة ومنها المحكمة العليا، بالإضافة إلى مصادر دينية يهودية منها التفسيرات الدينية "للرمبام" و"المشناة التوراتية".

وأضافت أن "المحكمة استعملت المفردات الدينية اليهودية لتضفي الصبغة اليهودية على المسجد الأقصى، وأخيرًا فقد حددت حدود قدسية المكان وفقًا للديانة اليهودية".

وحذرت المؤسسة  وفق التقرير الذى أعدته "وكالة قدس نت للأنباء"، من استعمال الأدوات القانونية والقضائية من أجل فرض رواية تهويدية للأقصى، دون الاستناد إلى أية دعائم قانونية، كما أنّ القرار بعيد كل البعد عن أن يوصف بأنّه قرار قضائي لما يحتويه من توظيف سيئ للقانون وللصلاحيات".

واعتبر أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم مراد السوداني، ذلك تعديًا واضحًا وانتهاكًا للحقوق الدينية والحضارية والتراثية للفلسطينيين والعرب والمسلمين، ويضرب بعرض الحائط القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ويخالف المواثيق والمعاهدات الدولية وخاصة قرارات اليونسكو الاخيرة الخاصة بالقدس.

وحذر من خطورة قرار محكمة الاحتلال باعتبار المسجد الأقصى أقدس مكان لليهود والسماح لهم بالصلاة فيه، فيما لا يحق لأي كان منعهم من الوصول للساحات والصعود إلى ما أسمته "جبل الهيكل".

وأوضح أنها ترتكز فقط على تفسيرات دينية مفبركة، بغية تجاوز عدم شرعية الإجراءات الإسرائيلية واستثناء القدس من قرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرارات هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وأضاف أن قرار "اليونسكو" الأخير إلى جانب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خاصة قرارا مجلس الأمن رقم 465 و478 يؤكدان أن مدينة القدس والمسجد الأقصى وحائط البراق إرث ووقف إسلامي وتعود ملكيتهما للفلسطينيين والعرب والمسلمين فقط، وليس لليهود أي حق فيهما.

المصدر: القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء -