واضح بان المحور الأمريكي- الإسرائيلي – الغربي الإستعماري – الخليجي – التركي،يقوم بعملية تصعيد غير مسبوقة وعلى كل الجبهات،وهذا التصعيد بحد ذاته شكل من اشكال الحرب،ولربما يهدف الى تحقيق جملة من الأهداف دون الوصول الى مرحلة الحرب،أو لربما يكون هناك حرب محدودة،على جبهة قطاع غزة،او على الجبهتين اللبنانية والسورية، والمتتبع للتصريحات والمواقف الأمريكية والإسرائيلية من بعد زيارة نتنياهو الى واشنطن في الخامس عشر من شهر شباط الماضي ولقائه مع الرئيس الأمريكي ترامب،فلغة ولهجة التصعيد هي سيدة الموقف،فنتنياهو يعتقد بان الأوضاع الدولية في عهد ترامب واليمين المتطرف عالمياً،والاوضاع العربية والفلسطينية المنهارة والمنقسمة على ذاتها والداخلة في الحروب المذهبية والطائفية،هي فرصة سانحة لإسرائيل لفرض شروطها وإملاءاتها على الفلسطينيين والعرب والحد من نفوذ ايران كقوة اقليمية تشكل هي وذراعها في لبنان حزب الله العدو والخطر الرئيسي على دولة الإحتلال،ولذلك وجدنا ترامب يطلق يد اسرائيل في "التوحش" و"التغول" الإستيطاني،وقبر حل الدولتين،ويوجه تهديداته لطهران بفرض المزيد من العقوبات عليها والتهديد بمراجعة او الغاء الاتفاق معها حول برنامجها النووي،واعتبارها تشكل خطراً على امن المنطقة واستقرارها. بعيداً عن اللغة المجردة،فثمة الكثير من الشواهد بأن الأمور تسير نحو حافة الهاوية،او لربما تنزلق نحو الهاوية. امريكا واسرائيل تسعيان الى تشكل "ناتو" عربي امريكي،هذا "الناتو" المتشكل من ما يسمى بدول المحور السني العربي له عدة مهام،من ابرزها،تشريع وتطبيع العلاقات مع اسرائيل،والشراكة في مواجهة ومحاربة ايران والتصدي لنفوذها المتصاعد في المنطقة،في ظل تصوير امريكا لإيران بانها الخطر الداهم على امن المنطقة وامن العرب،وبالذات المشيخات العربية الخليجية،وكذلك ممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية من اجل التخلي عن خيار حل الدولتين بكل سلبياته،لخيار مسار سياسي جديد ينتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،خيار الحلول المؤقتة وما يسمى بالسلام الإقتصادي.
اسرائيل بدات بشن حرب اعلامية واسعة وتهديدات وتصريحات شبه يومية عن مخاطر الأسلحة التي يمتلكها حزب الله وحماس والمقاومة على وجودها ومستقبلها،وقامت باكثر من عملية قصف داخل الأراضي السورية استهدفت كما تقول شحنات صواريخ لحزب الله كاسرة للتوازن،وكذلك اعلنت عن إمتلاك حزب الله لصواريخ من شأنها تشكيل تهديد جدي لسلاح البحرية الإسرائيلي،وبان حزب الله يمتلك صواريخ قد تطال أي نقطة في دولة الكيان،وكذلك قامت وحدة اسرائيلية خاصة بالتسلل الى داخل الأراضي السورية من جهة الجولان،وقامت بمهام رصد وإستطلاع وتجميع معلومات لغرض شن عملية عسكرية،وعلى جبهة المقاومة في قطاع غزة،كثر الحديث والتهديدات الإسرائيلية ترهيباً وترغبياً،بأنه لا مناص من تدمير الأنفاق وبالذات الهجومية منها،لما تشكله من خطر جدي على عمق دولة الإحتلال،وكذلك مخزون المقاومة وحماس من الصواريخ بانواعها المختلفة،ولعل واحد من الإستنتاجات الهامة التي خلص اليها تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي" يوسف شابيرا" حول الفشل الأمني والعسكري والسياسي في عملية "الجرف الصامد"،هي عدم القدرة على تدمير الأنفاق الهجومية،وتقدير حجم خطرها،وبالمقابل وجدنا ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي يقول بأنه اذا ما تخلت حماس عن مخزونها من الصواريخ،ودمرت الأنفاق فإسرائيل مستعدة لرفع الحصار وإقامة مطار وميناء بحري في قطاع غزة. في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة استشعر حزب الله وحماس وايران وكل محور المقاومة مخاطر التصعيد الإسرائيلي- الأمريكي،وخرج الامين العام لحزب الله ليقول بشكل واضح،بأن حزب الله سيطال كل نقطة في دولة الإحتلال،ليس أقلها خزانات الأمونيا في حيفا والتي عمل الإحتلال على نقلها بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله،وكذلك مفاعل "ديمونه" النووي،وحسب ما قاله موقع والاه العبري المقرب من المخابرات الإسرائيلية،فإن حزب الله نشر بنك اهدافه في حال نشوب حرب مع دولة الإحتلال منها موقع "ديمونه" النووي" و"ناحل سوريك" وقاعدة "رفائيل" ومصانع "كيشون" في حيفا،وكذلك المقاومة الفلسطينية وحركة حماس ردا على الغارات التي يشنها طيران الإحتلال على القطاع،بعد عدة عمليات إطلاق لصواريخ من جماعات متشددة،فإنها لن تسمح من الان فصاعداً بإستمرار هذا الوضع،ومعادلة الردع الجديدة ستكون صاروخ بصاروخ وهدف بهدف، وهنيه نائب رئيس المكتب السياسي لحماس يقول بأن حماس انهت تحديد بنك اهدافها لساعة الصفر.
هذه التطورات ليست معزولة عن زيارة وزير الخارجية السعودي الجبير الى بغداد،ومحاولة ثني بغداد عن أن تكون ضمن المحور الإيراني،وكذلك ما قامت به المعارضة السورية المحسوبة على السعودية من محاولات لإفشال مفاوضات جنيف بتشبثها بمواقفها الخشبية بالحديث عن فترة انتقالية ورحيل الأسد،وعدم إدانتها للتفجيرات الإرهابية التي تبنتها ما يسمى بجبهة النصرة في حمص،وما يجري من تفجير للأوضاع في مخيم عين الحلوة الفلسطيني في صيدا،من ضخ للإحتياط البشري الإرهابي للمخيم،وإفتعال الإشتباكات،يكشف عن اهداف خبيثة لهذا الضخ،وعن مخططات تحاك ضد الشعب الشعب الفلسطيني،أقلها تغريبة جديدة وهجرة جديدة،تطال اكبر المخيمات الفلسطينية،وما يعنيه ذلك من أعباء انسانية وامنية وسياسية على اللاجئين الفلسطينيين والحكومة اللبنانية،فالهدف واضح هنا،كما حصل في مخيم نهر البارد ومن ثم مخيم اليرموك،اكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا،الطرد والتهجير،والتوطين لمن يتبقى من اللاجئين،وشطب حق العودة لللاجئين الفلسطينيين،ولكي لا تبقى شاهد على جرائم الإحتلال وتواطؤ المجتمعي الدولي،وهنا في مخيم عين الحلوة،الخطة تتعدى التهجير وتدمير المخيم،بل قطع طريق الجنوب على قوى المقاومة،لحماية دولة الإحتلال الإسرائيلي،كما هو الحال في المفاوضات التي تخوضها امريكا مع روسيا،هو المكاسب التي ستمنح لها في الشام،مقابل موافقتها ومشاركتها في الحرب على الإرهاب،ومن ضمن ما تطرحه،هو عزل جنوب سوريا عن عمقها،لكي تشكل مناطق آمنة لدولة الإحتلال.
واضح بان كل هذا التصعيد والتهديدات لإيران وسوريا وحزب الله وحماس والمقاومة الفلسطينية،هدفه الأول حماية دولة الكيان الصهيوني وضمان امنها،وبقائها كقوة متسيدة في المنطقة،ولذلك هذه التهديدات والتضخيم لترسانة أسلحة قوى المقاومة،قد يكون بهدف شن حرب عليها ،أو لربما دفع الأمور لحافة الهاوية دون حرب،بهدف ردع قوى المقاومة،ولكن الحرب مع حزب الله وحركة المقاومة الفلسطينية باتت قريبة وليست بعيدة،ولكن هذه المرة اسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً،وستسقط مئات الصواريخ،إن لم يكن الآف على جبهتها الداخلية،فعهد الحروب الخاطفة التي تدور على أرض الغير قد ولى الى غير رجعة.
بقلم/ راسم عبيدات