أمريكا ترتكب جريمة أخري في سوريا

بقلم: محمد أشرف البيومي

أكد مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة الامريكية قد أطلقت" في أواخر عام 2015  الآلاف من طلقات اليورانيوم المنضب المشع خلال غارتين على شاحنات النفط في سوريا تسيطر عليها "الدولة الإسلامية. هذا على الرغم من تعهد بالامتناع عن استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب في ساحة المعركة في العراق وسوريا. تعتبرهذه الهجمات الجوية أول استخدام مؤكد لهذا السلاح منذ غزو العراق عام 2003، حيث استخدمت قذائف اليورانيوم المنضب مئات الآلاف من المرات في أماكن آهلة بالسكان،مما سبب الغضب الشديد لدي المواطنين المحليين، التي تعتبر هذه القذائف شديدة الضرر علي الصحة و تسبب السرطان والتشوهات الخلقية

وكما جاء في مجلة فورن بوليسي بعددها الصادر في 14 فبراير الماضي فإن المتحدث باسم  القيادة المركزية الأمريكية CENTCOM)  ميجور جوش جاك قال: أن القوات الجوية الأمريكية أطلقت قذائف خارقة للدروع عيار 30 ملم والتي تحتوي على اليورانيوم المنضب (DU) من الطائرات الثابتة الجناحين A-10  في 16 نوفمبر و 22 نوفمبر 2015، مما أدي إلي تدمير  350 من المركبات في الصحراء الشرقية في سوريا.  هذا بالرغم من أن مسئولين أمريكيين من قوات التحالف(جون مور) أكدوا في وقت سابق أن هذا النوع من الذخيرة لم ولن يستخدم في عملياتها !

 

لقد تناولت من قبل موضوع قذائف اليورانيوم المنضب والاستخدام الاجرامي لهذه القذائف عدة مرات كما شاركت في مؤتمرات دولية تندد بهذا السلاح وتنادي بتحريمه دوليا. وعند معرفتي باستخدامه في سوريا وجدت من الضروري الكتابة مرة أخري مناديا بتكثيف الجهود لادانة استخدام أمريكا لهذا السلاح الرهيب و لتعرية المحاولات الامريكية لالصاق تهمة استخدام الدولة السورية لسلاح كيمائي في الوقت التي تعترف باستخدام سلاح اشعاعي له آثار خطيرة علي صحة المواطنين والاجيال القادمة. وبالتالي أصبح من المهم تعريف القاريء بهذا السلاح ومدي خطورته.

تتصف قذائف اليورانيوم بفاعلية كبيرة في خرق الدروع وذلك بسبب الكثافة العالية لليورانيوم (1.7 مرة أكثر كثافة من الرصاص) وخاصاية الاشتعال الفوري. هناك الآن ما يزيد على 1 مليون طن من اليورانيوم المستنفد نتيجة أكثر من 50 عاماً من انتاج الأسلحة النووية و الوقود النووي في الولايات المتحدة مما خلق مشكلة للحكومة الأمريكية بالنسبة إلي تخزين كميات كبيرة من المواد المشعة والسامة على الرغم من اسمها بالمنضب أو المستنفد مما يوحي بأنها غير ضارة وغير مشعة وهذا بعيد عن الواقع. استخدام اليورانيوم المنضب لإنتاج فذائف خارقة للدروع يوفر تكاليف التخزين وينتج سلاحا ذات كفاءة عالية كما أن  ذلك  يمكن الشركات المنتجة من جني أرباحاً طائلة.  بالطبع فإن هذه الشركات ومستخدمي هذا السلاح الرهيب يهملون تماما الأضرار الكبيرة علي صحة المواطنين الذين يتعرضون للقذائف مباشرة أو للغبار الناتج عن انفجارها في شكل جسيمات صغيرة (أيروسول) من اليورانيوم المتأكسد المشع وأيضا ذو سمية شديدة لكون اليورانيوم من العناصر الثقيلة. تنتشر هذه الجسيمات في الجو ممتدة لمسافة 40 كيلومترا أو أكثر. يدخل هذا الغبار السام والمشع جسم الانسان عبر استنشاقه وابتلاعه أو عبر الحيوانات والمياه والنباتات التي تعرضت للغبار المشع السام.

من الطبيعي أن ينكر مستخدمي سلاح اليورانيوم كافة الاُثار الضارة لأن هذا الاعتراف يجعلها عرضة لتعويضات مالية هائلة بالاضافة للضرر السياسي الكبير جراء استخدام سلاح يمتد ضرره لأجيال عديدة فبعض النظائر المشعة يستمر نشاطها للآلاف السنين.

نتذكر في هذا المجال الجهود التي اضطلع بها العديد من النشطاء لفضح الآثار المدمرة للصحة والمسبب للسرطان جراء استخدام العامل البرتقالي  Agent Orange وهو مادة عالية السمية استخدمته القوات الأمريكية  في فيتنام ولاوس بدرجة واسعة لإبادة الغابات والمحاصيل ولتعرية المحاربين الفيتناميين الساعين لتحرير بلادهم في عملية أطلق عليها اسم Operation Ranch Hand. (يطلق اسم العامل البرتقالي علي المبيد السام لكونه يخزن في براميل عليها علامات برتقالية اللون) ورغم الانكار المتكرر لمضاره والذي امتد ضرره للجنود الأمريكيين جاء الاعتراف الرسمي بأن المبيد له علاقة بالسرطان بعد أكثر من عقدين !!

ختاما أجد من الضروري الاعتراض وإدانة استخدام سلاح اليورانيوم في سوريا وفي أي مكان آخر وهناك دلائل قوية يأن الكيان الصهيوني يستخدم هذا السلاح أيضاً. لا بد من تشكيل حملة تساهم فيها الدولة السورية وحلفائها وشخصيات دولية مثل دينس هاليداي ورمزي كلارك وفون سبونيك ود.مني همام لفضح وإدانة ممارسات قوي الهيمنة الغير انسانية والتي تشكل جرائم ضد الانسانية.

أ.د. محمد أشرف البيومي

أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وجامعة ولاية ميشيجان (سابقا) 7مارس 2017

ملحوظة : حرصت علي كتابة المقال باللغة الانجليزية أيضاً.