الجماعات الإرهابية التي ارتكبت التفجيرات الإجرامية في دمشق،ومن قبلها في حمص،لم تقم بذلك بشكل عشوائي أو غير منظم او بدون هدف،بل هذه الإعمال الإجرامية رتب لها مشغولوا تلك الجماعة الإرهابية بدقة وعناية،لتحقيق جملة من الأهداف.
الإرهاب والجماعات الإرهابية تواجه انتكاسات وهزائم ميدانية متتالية،ولم تنجح بإحداث أي تعديل في الواقع الميداني لصالحها،والقوى المشغلة لها لا تريد للوضع في سوريا ان يستقر ولمشروعها ان يدمر بعد ضخ وصرف مليارات الدولارات عليه،وهذه الخشية مصدرها الأساس واشنطن - انقرة - الرياض،العواصم الثلاثة تعلم جيداً بأن هناك قرار اممي بوقف اطلاق النار في سوريا وتشكيل لجان مراقبة دولية له وكذلك فصل الجماعات الإرهابية عن غير الإرهابية،رغم قناعتي الشخصية بعدم وجود أي جماعة غير ارهابية،ما دامت اجنداتها واهدافها مرتبطة بالخارج،وأمريكا وتركيا والسعودية،لكل منها اطماعها واهدافها في سوريا،والمشروع الأمريكي قائم على تقسيم وتشظية سوريا الى أربعة أقسام،وهي تريد أن يكون لها حصة في سوريا،حيث تقوم بإرسال قوة احتلال من المارينز الى الشمال السوري وتدعم ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية من اجل الإستعداد لما يسمى بمعركة الرقة،ولذلك هي تبحث عن مناطق سيطرة ونفوذ - مناطق امنه،وأبعد من ذلك الهدف منع أي تواصل ايراني جغرافي مع العالم العربي وانا اجزم بأن الوضع السوري كان في صلب محادثات ولي العهد السعودي مع الرئيس والإدارة الأمريكية في زيارته لواشنطن،فالسعودية مشغل رئيسي لتلك الجماعات واحد شرايين الدعم المالي المركزية لها،وتركيا أيضاً،هي من تمتلك السيطرة على 70% من تلك الجماعات الإرهابية،ولم تقم بجلب تلك الجماعات الإرهابية الى مؤتمر استانه (3)،وبقيت تماطل في المؤتمر حتى لا يفضي الى اي نتيجة او اتفاق،ولم تقدم خريطة تفصل الجماعات الإرهابية عن غيرها،وكان واضحاً بأنها تهدف لتفجير المؤتمر،حتى تعلن سوريا عن وقف محادثاتها وبالتالي تتحرر هي من ضغط الموافقة على إدانة العمليات الإرهابية والإلتزام بفصل الجماعات الإرهابية عن غيرها،وهي لم تتخل قط عن أطماعها في الجغرافيا السورية،بل هي تزداد يوماً بعد يوم،ولا يمكن الوثوق بالمتغطرس والعنجهي أردوغان،وفقط يتاتى ذلك من خلال نقل المعركة والإجرام الى وسط تركيا وقلبها.
الأهداف واضحة هنا من المشغلين تصعيب المسارات السياسية في جنيف واستانه والضغط على الحكومة السورية لتعديل جدول الأعمال في تلك المسارات،والتراجع عن شرط الفصل بين الجماعات الإرهابية عن غيرها...ولذلك على الدولة السورية ان لا تمنح أي جائزة للإرهاب،الإرهاب المهزوم يفقد صوابه ويرتكب اجرامه صحيح ولكن الجيش والقوى الأمنية بخبراتها وتجاربها عليها بذل المزيد من اليقظة والتحصين والمراقبة...وعليها ان تفشل اهداف الإرهاب والمجموعات الإجرامية عبر مواصلة ملاحقتها واجتثاثها.
الحرب العدوانية على سوريا التي تدخل عامها السابع،تشارك فيها "اسرائيل" بشكل مباشر،فهي معنية بالدرجة الأولى،بعدم استقرار الأوضاع في سوريا،وعدم استعادة سوريا لعافيتها وقدراتها العسكرية،وهي تستشعر خطر فتح جبهة الجولان على امنها ووجودها،ولذلك سعت اكثر من مرة في دعمها للجماعات الإرهابية،وبالذات ما يسمى بجبهة النصرة و"داعش" الى إقامة شريط امني ومنطقة آمنه تفصل الجيش السوري والقوى الرديفة عن الجولان،تمتد من القنيطرة وحتى حدود بلدة الغجر في الجنوب اللبناني،وقدمت كل الدعم والتسهيلات لتلك الجماعات الإرهابية،من عمل استخباري ولوجستي وخدمات طبية وعلاج في مستشفياتها،وتسليح والمشاركة الفعلية في الحرب الى جانبها،من خلال قصف العديد من المواقع العسكرية والأمنية داخل الأراضي السورية،وسوريا الذي يحارب جيشها على اكثر من جبهة وساحة،لم يكن مستعداً او جاهزاً لفتح جبهة اخرى،وفي أغلب المرات،لم يكن رد سوري على عمليات القصف تلك،ولكن المعادلة الان تغيرت بشكل جذري،فسوريا بعد استعادة حلب وتدمر واجزاء واسعة من الوطن،والهزائم المتتالية للجماعات الإرهابية ومشغليها،فالجيش السوري بدأ يإستعادة عافيته وسيطرته الفعلية على الأرض،ولذلك عندما أقدمت طائرات الإحتلال اليوم على قصف اهداف في سوريا،تعاملت معها الدفاعات الجوية السورية،وهي في الأراضي الفلسطينية المحتلة،وبغض النظر عن سقوط طائرة معادية او عدم سقوطها،المهم ان مرحلة جديدة في التعامل مع العدوان الإسرائيلي،قد بدات،وهي تقول للإحتلال بان سوريا لن تتخلى عن الجولان،وأرض الجولان لن تكون غير سورية،واوهامكم التي باعها لكم العديد من قادة مرتزقة الجماعات الإرهابية،بعقد اتفاقيات سلام معكم تضمن لكم السيطرة والسيادة على الجولان،لن يكتب لها النجاح،وقوانين ضمكم وتهويدكم للجولان ستذهب ادراج الرياح،والقوى التي تشجعكم على ضمها،تعرف تماماً بانها تخرق القانون والإتفاقيات والمواثيق الدولية،ولكن نحن ندرك بأن تلك القوى هي سيدة الإرهاب في العالم (امريكا وقوى الإستعمار الغربي) "تعهر" وتطوع المؤسسات الدولية لخدمة اهدافها ومصالحها،وتبقي على دولة الإحتلال الإسرائيلي،كدولة فوق القانون الدولي،فهي الخادم والشريك الإستراتيجي لها في المنطقة.
من الان فصاعداً لن يكون نزهة،ليس قيام طائرات الإحتلال بقصف اهداف سورية،بل التحليق فوق لبنان او فلسطين المحتلة والجولان المحتل،فالرادارت السورية قادرة على إكتشافها،وتوجيه الدفاعات السورية للتصدي لها وإسقاطها.
فائض الإرهاب الموظف من قبل قوى دولية وإقليمية وعربية للضغط على سوريا،من اجل تقديم تنازلات تمس بهيبة سوريا وموقفها وكرامتها ووحدة جغرافيتها،لن ينجح في تحقيق اهدافه،وهو يعبر عن حالة إفلاس وإرباك في صفوف تلك الجماعات الإرهابية ومشغليها،وسيستمر الجيش السوري في تطهير أرض سوريا من دنس الإرهاب،وتوسيع دائرة المصالحات المجتمعية،حتى يسقط المشروع العدواني واهدافه وادواته.
اما اسرائيل،فهي تدرك جيداً بان جبهة الجولان وجبهة الجنوب اللبناني ستفتح عليها،ليس فقط من قبل الجيش العربي السوري وحزب الله اللبناني،بل حلف ومحور مقاومة ممتد من طهران حتى الضاحية الجنوبية.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
17/3/2017
0524533879
[email protected]