رأى العديد من المراقبين للأوضاع السياسية في المنطقة، أنه يجب الحذر من استباق نتائج لقاء المرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن الشهر المقبل، لإحياء مفاوضات عملية السلام المتوقفة بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية والتى تعد "بيضة القبان"، في فصل كافة النتائج والخطوات التى يمكن أن تلمس عمليا.
وأوضح محللون، أن العبرة تكون بالنتائج على أرض الواقع، وليس مجرد تسويق عبارات جميلة ومنمقه للفلسطينيين وفي ذات الوقت إطلاق يد التغول الاستيطاني، كون كافة الدلائل تشير بأن الولايات المتحدة ذاهبة باتجاه وضع السياسة الفلسطينية في مأزق حقيقي وتعاون تام مع حكومة اليمين في إسرائيل.
أحلام اليقظة لا تتحقق
وفى هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر النجار في جريدة الأيام :"إن ترامب لن يعطي الفلسطينيين أكثر من سابقيه، وأن الأيام الماضية شهدت حراكاً أميركياً في محاولة لقذف حصى صغيرة في بركة راكدة ومتعفنة سياسيا".
وأضاف النجار في مقاله الذي حمل عنوان "ترامب لن يعطي الفلسطينيين أكثر من سابقيه"، ربما بالغ الفلسطينيون كثيراً أو ربما نتائج الاتصالات مع الإدارة الأميركية، ووجد فيها البعض لوحا خشبيا في بحر سياسي هائج طوقاً للنجاة، ولكن المحصلة الحقيقية حتى الآن لا تتجاوز الصفر، لأن إسرائيل هي المستفيد الأول من التطورات الجارية على الساحة الأميركية والإقليمية، وهي التي تفرض الوقائع على الأرض.
وأوضح النجار وفق ما رصده تقرير"وكالة قدس نت للأنباء"، أن إدارة ترامب تحاول إيجاد خطة أو مسار بديل لما هو قائم أو لما حاولت الإدارة الأميركية السابقة تحقيقه، وبذلك هي تبحث مع الإسرائيليين أولاً عن البديل لحل الدولتين أو الدولة الواحدة أو ما هو الخيار المقبول للإسرائيلي، وربما الفكرة الأساسية المشتركة بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي هي الاتفاق على الحل الاقتصادي، وهذه الأفكار تعود بالأساس إلى نتنياهو، الذي كان دائم الحديث عن الحل الاقتصادي، على اعتبار أن تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للفلسطينيين تحت الاحتلال هو الذي سيغير المسار وينهي المطالبة بالدولة، وإدارة ترامب تبث هذه الفكرة من خلال الإفراج عن المساعدات المالية التي جمدتها سابقاً، وزيادة هذه المساعدات، ولكن ليس للسلطة الفلسطينية وإنما للمنظمات غير الحكومية.
ونوه النجار إلى أن أحلام اليقظة لا تتحقق، وعلى الفلسطينيين التعايش مع الواقع بكل مرارة وعدم الانسياق وراء خريجي المعاهد الدينية والمستوطنات الإسرائيلية.
انحياز أميركي قادم
بينما رأى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله في مقال له نشره على صفحته الشخصية بشبكة التواصل الاجتماعي، حول الانحياز الأميركي لإسرائيل، أن كافة الدلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة ذاهبة باتجاه وضع السياسة الفلسطينية في مأزق حقيقي نذره التعاون التام مع حكومة اليمين في إسرائيل لوضع تصور لحل.
والأخطر وفق ما ذكره في عطالله، أن اجتماع جيسون غرينبلات موفد ترامب مع قادة المستوطنين في الضفة الغربية، يشكل سابقة لم تحدث من قبل، وهو ما يعني أن الإدارة الأميركية الجديدة تمارس عملية قطع تام مع سياسة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوبانا التي وإن لم تستطع وقف الاستيطان، لكن مواقفها النظرية تجاه المستوطنات والبناء الاستيطاني كانت واضحة وخطورة هذا اللقاء أن المستوطنين يشكلون أحد أعمدة القرار في الدولة العبرية بالنسبة للولايات المتحدة ينبغي التشاور معهم ووضع رؤيتهم ومطالبهم بعين الاعتبار وهو ما يشكل نسفا مبكرا لأي عملية تفاوض قد تريدها الإدارة الأميركية.
ويوضح الكاتب عطالله، أن كافة الدلائل تشي بأن الولايات المتحدة ذاهبة باتجاه وضع السياسة الفلسطينية في مأزق حقيقي نذره التعاون التام مع حكومة اليمين في إسرائيل لوضع تصور لحل، وربما أن ذلك يعرض على الفلسطينيين ما هو فائض عن حاجة الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية مع استثناء غزة باعتبارها خارج الحسابات الإسرائيلية ويجب أن يكون كذلك فلسطينيا وحينها على الفلسطيني إما أن يقبل أو يرفض، وباعتبار أن هذا لن يكون مقبولا يظل الخيار الثاني وهو الرفض وتبعاته بتحميل الفلسطينيين مسؤولية إفشال محاولة التسوية وما يترتب على تلك المناورة ربما في ظل هذه الإدارة يمكن اعتباره المأزق الأكبر الذي يواجه القضية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية.
هل نراهن على ترامب
والسؤال الذي يطرح الآن هل نراهن على ترامب؟ في ظل استمرار الاستيطان ، هذا ما أجاب عليه الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مازن صافى بقوله: "فيما تنشط الإدارة الأمريكية وعبر مبعوثها لشؤون المفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، لإعادة مباحثات السلام الفلسطيني الإسرائيلي، قابلت إسرائيل ذلك بتصريحات عنصرية، ترفض ملامح هذه الخطة وتستبق اللقاء المرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الأمريكي ترامب، وتركزت تلك التصريحات حول عدة بنود، ومنها تبادل الأراضي والسكان، ويشمل ذلك تجمعات سكانية في الأراضي 1948، وبما يكرس شروط الدولة اليهودية، والمطالبة بالاعتراف الفلسطيني بها.
وأضاف صافي وفق ما رصده تقرير"وكالة قدس نت للأنباء"، يمكننا أن نسجل التصريحات الأخيرة التي خرجت من المؤسسة الإسرائيلية الرسمية، وذلك لقراءة "المنظور الإسرائيلي للسلام" في الوقت الذي تعمل الإدارة الأمريكية على إقناع دول المنطقة بالحل الإقليمي للشرق الوسط، وتشكيل تحالفات جديدة تعتمد على السلام الاقتصادي، وإقامة علاقات عربية علنية مع إسرائيل.
مواصلا حديثه، ونجد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قال في إطار لقاءه مع غرينبلات، أنه لا يمكن الحديث حاليا عن بداية جولة مفاوضات أخرى مع السلطة الفلسطينية، وإنما عن بدايات متتالية من المصارحة والمكاشفة، وطرح مسألة إقامة مستوطنة بديلة لمستوطنة "عامونا" في الضفة الغربية ، فيما قال وير البنية التحتية الإسرائيلي شتاينيس أن مستوطنة – مستعمرة - "معاليه أدوميم" في القدس هي جزء لا يتجزأ من "الدولة الإسرائيلية"، واستنكر استمرار وجود السفارة الأمريكية وباقي السفارات في مدينة "تل أبيب"، مشيراً أنه يجب نقل جميع السفارات الى القدس التي أطلق عليها عاصمة "الدولة الإسرائيلية".
وفي ختام حديثه أوضح صافي، ان إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية على اسس راسخة تهيىء العمل بين مختلف القوى والفصائل الفلسطينية، وهذا هدف منشود لمواجهة الاستيطان الاستعماري والتهويد المستمر، وأن السلام يبدأ من فلسطين، ولن يكون هناك أي نجاح لأي مشروع أو حلف أو حل يتجاوز الحق الفلسطيني وقانونية الأرض الفلسطينية وتنفيذ القرارات الدولية التي تنهي الاحتلال وتعلن فلسطين الدولة الكاملة العضوية في الأمم المتحدة وعاصمتها القدس.
