قبل أن نتحدث بمستوجبات القصد من وراء هذا المقال , نذكر بكلام الرسول والنبي الأكرم عن مستوجبات المنجيات والمهلكات . قال رسول الله : « ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ، وثلاث كفارات ، وثلاث درجات . فأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه . وأما المنجيات : فالعدل في الغضب والرضى ، والقصد في الفقر والغنى ، وخشية الله في السر والعلانية.
فالمهلكات لا أظن أحدا لا يغفل عنها وعن الواقع , أو يشاهده , أو يتأثر به , أو مؤثر به , حسب قامته وهويته وموقعه وأيقونته . ولا أريد ايضا أن اتجه الى منحى إسلامي في تفسير العلل والظواهر , فهناك من هم متبحرون في هذا المجال ، بل سأسترشد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحمل مضامين وعمق إجتماعي وسلوكي , مصابه بها الايقونة الفلسطينية , وان كان لا غنى لتلك الايقونة عن محيطها وعمقها المجاور بل سيقتصر حديثي على الجانب الفلسطيني وما يعانيه من هزيمة مجتمعية , وهزيمة معنوية , وهزيمة سلوكية ؛ أدت إلى هزائم وطنية لها ظواهرها المتعددة من تحلل للقيم في الأسرة , ومن ثم في المؤسسة , وتحلل لمسئوليات أولي الامر عن الحالة الوطنية والمجتمعية للشعب الفلسطيني .
فالفقر والبطالة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني , ليست هي الحال المكتوب على الشعب الفلسطيني أن يعيشها , بل هي سوء في ادارة المال العام والانشطة , وتبدأ من ولي الامر القابع في المقاطعة , وبالتدرج الى المسئوليات الأدنى ، وممارسة النرجسيات والتصنيفات والولاءات , واتباع الهوى في التصنيف ,ومن يأخذ ويحوز على الرضى , ومن لا يأخذ ولا يحوز على شيء ولا على الرضى . فالخيلاء والحكم على مسك زمام الامور للرعية بالسيف والكرباج والاحتكام للقوة القاهرة والمضطهدة , وعمليات الفصل والتحكم في منح الارزاق واغلاقها هي سلوكيات اعتراضية على الحق الكوني والديني والانساني للفرد والعائلة والمؤسسة ، هي تلك المهلكات التي تحدث عنها الرسول الاكرم ، وهي التي اصابت الشعب الفلسطيني في لجوئه وضعفه وحاجته وابتعاده عن اراضيه واملاكه . هي تلك الايديولوجيا الاجتماعية السلوكية المهلكة .
شيء من الوطنية وليست كلها لأولياء الامر , بدأ من القابع في المقاطعة والذي يتصرف بخيلاء وعجرفة في حين ان الولاية والحكم , لا تليق به وليست له وليس اهلا لها ؛ لما سببه من تفكك , وانهيار ثقافي ومزاجي لطبقة الحكم والسلطة والسلطات في مناطق محتلة يعاني أهلها من كل البرامج التي تستهدف مكونه الاجتماعي والوطني , وبدلا من ان يكون عونا , ومساعدا , وعادلا , وحنونا , ورؤوفا على شعبه حتى على من اساء لظرف او اخر .
وليتخطى شعبه السنوات العجاف بتحرير ارضه , وامتلاك حريته وكرامته , والعيش بالكرامة الانسانية والوطنية التي منحها الخالق لمخلوقاته على سطح هذه الارض .
امام المنجيات من تلك الحالة المكتوبة على لوح أسود لتصيب قنامتها, وظلمها وظلاميتها , كل شيء في الحياة الفلسطينية ، ليس ميؤوس من انقشاعها اذا توفر الرضى ومعالجة الواقع بموقع الرضى المعالج , وليس السلبي وان لا توضع الفواصل المعنوية بين الفقير والغني , بل البحث عن برامج التكافل الاجتماعي التي تبدأ من المؤسسة الى الاسرة والشارع والحي والقرية والمدينة وفي تجاوز للحاكم وولي الامر الظالم الذي يحكم بالسيف والقهر والعربدة , وخشية الله سرا وعلانية في كل سلوك وتصرف ، ان العلاقة بين الفقير والغني هي علاقة منهارة في المجتمع الفلسطيني . فالغني ما له , والفقير وما له في فواصل اجتماعية , وفروقات هددت وحدة المجتمع , وما رافق ذلك من جشع للاغنياء , واستثمار حالة الفقراء لتتولد في الشعب الفلسطيني فئة الاقطاع السياسي الذي يحاول وبكل الطرق سلب ارادة الفقراء , وتطويعها لتلبية اغراضه واهدافه , ومصالحه الاقتصادية التي تتقاطع بشكل او باخر مع الاحتلال , والتي تترجم في التمسك بالسلطة وقيادتها وحكمها بتجاوز صارخ للقوانيين , واللوائح وقرصنة على حق التعبير والتمثيل للشعب الفلسطيني ، هذه المسلكيات والتي تأتي بشكل مبادرات سياسية تطيح بالحلم الوطني والحقوق لشعب ما زال ينظر لعيون اطفاله بانه سيعود لارضه واملاكه وحقوقه.
الثلاث المنجيات والتي تبدأ , اولا بالتكافل الاجتماعي , والتبرعين والمتطوعين للانتشار لإرساء ثقافة تخشى الله في اطروحاتها كمقدمة للمنجيات السياسية , وهي البحث عن ولي امر وحاكم , او رئيس عادل يختاره الشعب , وممثل للشعب بانتخابات حره، ويخضع لبرنامج الشعب وليس ان يخضع الشعب لبرنامجه ، المنجيات كحثيرة وان تم حصرها في كلمات ان تبيتعد ثقافتنا عن الغل , والتامر البعض على البعض , والتقسيمات الفصائلية , وتغذيتها وتعبئتها ليزيد الشعب اكثر تفككا وانقساما , ليحلو للاقطاع السياسي ان يفعل ما يشاء .
المنجيات لهذا الشعب , وحدة الثقافة والتوزيع العادل للمال والاملاك العامة , وبرلمان لا ينتخب على الكوته , بل الانتخاب الفردي الحر , والا سنقع مجددا في المهلكات التحاصصية التقاسمية لفئة الاقطاع السياسي الذي لا يمكن ان يمتلك الجراءة يوما ليضع برنامج تحرير .
سميح خلف