سبع سنوات مرت عندما كان طارق التميمي، في زيارة إلى الحرم الإبراهيمي الشريف مع مجموعة من السياح الأجانب، ليلتقي بمجموعة أخرى يرافقهم مرشد سياحي من مدينة أخرى، حاصل على شهادة تدريبية من معهد إسرائيلي للسياحة، يدلي بمعلومات مغلوطة عن الحرم الإبراهيمي، تاريخه وتاريخ الخليل العريق، وينقل ما تدربه وتلقاه وتعلمه للأجانب، فأخذ التميمي على عاتقه البحث عن مبادرة شبابية لاطلاع المواطنين الفلسطينيين أولا والتعريف على أبرز معالم تلك المدينة التاريخية وربطهم بها وبتاريخها، كخطوة لرد الاعتبار ورفع الظلم والتهميش عن الخليل، فكانت حملة "زوروا الخليل" لتنظيم جولات مصورة وميدانية في المدينة برفقة مرشدين مؤهلين ومدربين يعكسون وجه الخليل الحقيقي.
موسوعة..
يقول التميمي: الفكرة أطلقها مجموعة من الشباب الغيورين على مدينتهم، لتشجيع المواطنين على زيارة الخليل والتعريف بإرثها الحضاري والتاريخي، موضحا أن الحملة تستهدف الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية ومدن الأراضي المحتلة عام 48، بالإضافة إلى الزوار الأجانب والحجاج إلى مدينتي القدس وبيت لحم، لتكون الخليل جزءا من زيارتهم.
وأضاف: بدأت الحملة بعمل صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، باسم "زوروا الخليل Visit Hebron – Palestine" للتعريف على المواقع السياحية والدينية، والتركيز على المناطق المهمشة وغير المعروفة للسائحين، مشيرا إلى أن الموقع أصبح أكبر موسوعة للصور عن المناطق السياحية المختلفة في الخليل، لافتا إلى أن أرشيف الصور القديمة جدا لمدينة الخليل، استقطب أعدادا كبيرة خاصة من المغتربين.
"بوست كارد"..
وبين التميمي، أنه بعد عام على الحملة تم طباعة ست صور لتكون أول مجموعة بطاقات صور "بوست كارد" عن المدينة، لمصورين من الخليل، وزع جزء من هذه البطاقات مجانا في مركز الزوار في بيت لحم لتشجيع وحث الناس على الزيارة وتم نشرها وتوزيعها في عدة مناطق في العالم، وهي متوفرة للشراء عبر صفحة زوروا الخليل.
وأضاف أنه بعد ذلك تم اطلاق الموقع الالكتروني الرسمي على الانترنت، الذي يعتبر اليوم مرجعا لزوار المدينة، ويعمل على تسهيل عملية الوصول إلى المدينة من القدس وغيرها من المدن، والتعريف بآلية استخدام شبكة المواصلات، ونشر معلومات كاملة عن الوجهات السياحية المختلفة في المدينة، مشيرا إلى أن الحملة قامت بتصميم خريطة سياحية للخليل وبوستر لتنشيط السياحة في الخليل لكن بسبب عدم توفر الامكانيات المالية لم يتم طباعتها.
جدارية الخليل..
وتابع، بعد النجاح الكبير في التواجد الميداني والالكتروني في الخليل، قررت "زوروا الخليل" أن تترك بصمة على الارض من خلال جدارية الخليل، موضحا أنها جدارية فنية إسمنتية تحكي واقع الحياة قديما في البلدة القديمة بالخليل، في ساحة موقف الحافلات السياحية أمام المستوصف الطبي - ديوان النتشة القديم بتمويل من المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديموقراطية ولجنة إعمار الخليل، مشيرا إلى أن الجدارية التي تحكي قصة معصرة الزيتون، وتحتوي على سنابل القمح تعطى نظرة إلى المستقبل مع تركيز على ماضي الخليل وقدمها الذي يعود إلى أكثر من ستة آلاف عام.
شبابية..
ويعرب التميمي عن أسفه، بأن الحملة بقيت غير مدعومة من مؤسسات المدينة أو الجهات الرسمية، رغم طرقهم الأبواب، ولكنها لم تجد الاهتمام الكافي، وبقيت مبادرة شبابية فردية لا داعم لها، رغم انها عملت على توثيق ونشر الموروث الثقافي في الخليل.
وأوضح أنه رغم ذلك حققت الحملة نتائج ايجابية جدا، بتخطيها الحواجز والجدران التابوهات المفروضة على الخليل، بالوصول إلى مختلف شرائح الشعب الفلسطيني والدول الإقليمية والدولية، باستضافة عدد كبير من الوفود الدولية، من وفود صحفية أجنبية يزورون الخليل لأول مرة، دبلوماسيين، اكاديميين ووفود طلابية و شبابية دولية آخرها وفد مشروع بصمة فلسطين، لافتا أنه تواصل مع الحملة عدد كبير من الباحثين في عدة دول من العالم والذين اختاروا الخليل كمحور لأبحاثهم وتم تزويدهم بالمعلومات والصور المتوفرة.
وأوضح، أن هذه الجولات نقلت واقع الحال في تل الرميدة وشارع الشهداء والبلدة القديمة، وعن الحرم الإبراهيمي الشريف، وشكلت وعيا فكريا ووجوديا عن الخليل وأهميتها دينيا وتاريخيا والمشاكل التي تواجهها من الاحتلال ومستوطنيه، كما عرفت بأماكن غير معروفة للمهتمين في القطاع السياحي مثل المسكوبية والرامة، وكل الأماكن التي ليست على الخارطة السياحية، من يريد أن يعرف أهمية قرار الأمم المتحدة الخاص بالمستوطنات عليه زيارة الخليل، ويشاهد بأم عينيه الكتل والبؤر الاستيطانية كيف غيرت ملامح المدينة، وتغير معالمها كما هو حاصل في الحرم الإبراهيمي الشريف.
وأشار إلى أنه يحاول تطوير الفكرة من منطلق الإيمان بأن كل واحد يجب أن يقدم شيئا ما لمدينة كمدينة الخليل يتعرض تراثها وإرثها الحضاري للسرقة والطمس.
