ردا على الحمد الله ..غزة ليست عبئاً على أحد أو حمولة زائدة

أثارت تصريحات رئيس الوزراء رامي الحمد الله، التي حاول بها تبرير الخصومات على موظفي قطاع غزة ردود فعل مستهجنة من قبل قطاعات واسعة،  حول أن الحكومة صرفت في الـ 10 سنوات الأخيرة من الخزينة على القطاع ما يقارب 17 مليار دولار.

ورأى خبراء في الاقتصاد و القانون أن ما تقوم به السلطة الفلسطينية هو تغول على موظفيها في قطاع غزه وحرمانهم من جزء من حقوقهم التي يكفلها القانون بقرارات غير شرعيه.

وأمام ذلك اعتبرت حركة فتح أن تصريحات الحمد الله فارغة المضمون وتكشف حجم الجريمة الوطنية التي ترتكب بحق الموظفين، وقال إقليم شرق غزة في حركة فتح إن تلك التصريحات "غير منطقية وفارغة المضمون"، مشيرًا إلى أن الحديث عن أن الخصومات طالت العلاوات دون المساس بالراتب الأساسي "كلام أجوف وغير دقيق"، مضيفة أن العلاوات للموظفين المدنيين والعسكريين حق مكتسب كفله القانون، ولا يجوز المساس بها.

ودعت حركة فتح للمشاركة الفاعلية في الاحتجاج، على قرار حكومة الحمد الله، القاضي بتقليص رواتب الموظفين في قطاع غزة، اليوم السبت وذلك في ساحة السرايا وسط مدينة غزة.

 

قرارات لا تستند إلي الشرعية

وقال د.موسى أبو ملوح أستاذ القانون في كليات الحقوق في قطاع غزه معقبا على "الجريمة" التي ارتكبت بحق الموظفين:" إن المتتبع لعلاقة السلطة الفلسطينية بموظفيها في قطاع غزه يجد أنها لا تحترم القانون في تعاملها معهم ، حيث ارتكبت عددا من المخالفات القانونية أخرها ما حدث من بخصوص مرتب شهر مارس ٢٠١٧ ، حيث تم خصم ٣٠./. من راتب كل موظف.

وأضاف أبو ملوح ، "فالسلطة الفلسطينية من المفترض أنها تحترم سيادة القانون ، والعلاقة بينها وبين موظفيها في قطاع غزه يحكمها قانون يحدد حقوق والتزامات كل من السلطة الفلسطينية والموظف ، وبالرجوع إلي قانون الخدمة المدنية فانه يكفل حقوقا لموظفيها يجب أن تلتزم بها السلطة الفلسطينية ، وأهمها الراتب الذي يتقاضاه شهريا كاملا مع حقه في العلاوات السنوية ."

مواصلا حديثه، "وللأسف الشديد لم تلتزم السلطة الفلسطينية بتطبيق القانون ، وأخذت قرارات لا تستند إلى الشرعية منها حرمان موظفيها في قطاع غزه من علاواتهم السنوية وأخيرا ما حدث من خصم في راتب شهر مارس ٢٠١٧ ."

ووصف أبو ملوح وفق ما رصده تقرير " وكالة قدس نت للأنباء " ما حدث بالتغول والتمييز ضد الموظفين بقوله :" هذا تغول من السلطة الفلسطينية على موظفيها في قطاع غزه وحرمانهم من جزء من حقوقهم التي يكفلها القانون . بقرارات غير شرعيه ، ومارست التمييز بين موظفيها في المحافظات الشمالية وموظفيها في قطاع غزه ، حيث طبقت القانون بخصوص موظفيها في المحافظات الشمالية ولم تفعل ذلك بخصوص موظفيها في قطاع غزه ، وهذا انتهاك صارخ لنصوص القانون الأساسي الذي يكفل المساواة للفلسطينيين في الحقوق والواجبات."

وأوضح أستاذ القانون، أنه لا يمكن تبرير ما حدث بعدم ممارسة موظفيها في قطاع غزه للعمل ، لان ذلك كان نتيجة طلب من السلطة الفلسطينية ، فاستنكافهم عن العمل جاء نتيجة طلب منهم ذلك وامتثلوا لتعليمات وأوامر السلطة الفلسطينية ، وعليه فان ما يجري بخصوص معاملة السلطة الفلسطينية لموظفيها في قطاع غزه يخالف القانون ، ويترتب على ذلك أن" من حق موظفيها اللجوء إلي القضاء للمطالبة بإجبار السلطة الفلسطينية على احترام القانون الذي يكفل حقوقهم المتعلقة بالراتب والعلاوات السنوية ، وحتى ولو أعيد الراتب إلى ما كان ، لابد من اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالعلاوات بأثر رجعي وأيه حقوق أخرى حرموا منها ، والمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة ذلك ،فالسلطة الفلسطينية يجب أن تكون للقانون في بلادنا ولا وألف لا لقانون السلطة المفروض في بلادنا ."
 

غزة تساهم بحوالي 40% من أموال المقاصة

وقال د. سمير مصطفى أبو مدلله  الأكاديمي في جامعة الأزهر بغزة والمحلل في الشؤون الاقتصادية معقبا على سياسات الخصم :" إن غزة ليست عبئاً على أحد وليست حمولة زائدة، فإيرادات المقاصة في العام 2016 وصلت إلى 2.3 مليار دولار، علما أن التقديرات تبين أن غزة تساهم بحوالي 40% من أموال المقاصة، إضافة إلى حصتها من المساعدات وأموال الاعمار وبالتالي فهي تنفق على نفسها. كما أن غزة خلال السنوات الماضية تعرضت لظلم كبير من خلال توقف توظيف أبنائها في مؤسسات السلطة الفلسطينية إلا أن فاتورة الرواتب ارتفعت من 1.3 مليار دولار عام 2007 إلى 1.93 مليار دولار عام 2016، رغم أن غزة كانت محرومة من تلك الزيادة سواء في الرتب أو التوظيف أو العلاوات."

و اوضح أبو مدلله، ما يعانيه قطاع غزة من حصار وانقسام وعزلة عن العالم الخارجي قائلا:" أفلا تعلم أن البطالة في غزة وفق آخر الإحصائيات وصلت إلى 43% وفي صفوف الشباب إلى 65% مما يدفعهم للهجرة والانتحار وإلى مستقبل مجهول. ألا يكفي أن 80% من سكان قطاع غزة تحولوا إلى متسولين يتلقون المساعدات من وكالة الغوث، وقرابة 80 ألف أسرة من الشؤون الاجتماعية إضافة إلى المؤسسات الدولية الأخرى."

فمنذ أكثر من عشرة أعوام قطاع غزة يعاني من مشاكل عدة، أبرزها، انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 16 ساعة يومياً وفي أحسن الأحوال لثماني ساعات، كما أن 95% من مياه غزة غير صالحة للشرب وفق مؤسسات دولية.

إن قرار الخصومات الجائر يكافئ غزة اليوم التي صمدت أمام الحصار والعدوان ويزيد من معاناتها ومن نسب الفقراء في صفوف موظفيها، حيث أن التقديرات تشير إلى أن 30% من موظفي السلطة الفلسطينية في قائمة الفقراء، فيما قرابة 90 ألف موظف بالضفة وغزة مقترضين من البنوك الفلسطينية إضافة إلى الآلاف منهم حصلوا على قروض من مؤسسات الإقراض الأخرى. ألا يكفي غزة ما خلفه الاحتلال والعدوان من ارتفاع أعداد الأيتام إلى 20 ألف يتيم، و3 ألاف حالة طلاق سنوياً، وأكثر من 70% من طلبة جامعاتها غير قادرين على تسديد الرسوم الدراسية؟؟!!

الإتحاد الأوروبي ينفي

و نفى الاتحاد الأوروبي، أمس، علاقته بقرار الحكومة الفلسطينية بشأن اقتطاع جزء من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة ، وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوربي في فلسطين شادي عثمان، إن "الاتحاد الأوروبي لم يكن على اطلاع بخطوة الخصومات المالية، وانه لم تشارك في هذا القرار".

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، قال بالامس إن الحكومة بدأت تقشف على المصروفات منذ العام الماضي في الضفة الغربية وكان القطاع الأول الذي تم البدء به هو قطاع الأمن، حيث تم تخفيض نفقاته بمقدار 25%، بالإضافة إلى تخفيض ميزانيات العديد من القطاعات، نظرا لانخفاض نسبة المساعدات الخارجية بنسبة 70%، ونعاني أزمة مالية كبيرة.

وأضاف رئيس الوزراء: "رواتب موظفي قطاع غزة الأساسية لم تمس، وإنما تم خفض بعض العلاوات، وتم إبقاء بعض العلاوات، حتى نستطيع إدارة الأزمة المالية التي نعاني منها".

وتابع الحمد الله: "نطالب حماس تسليم قطاع غزة للقيادة الشرعية، فحماس تجبي كافة الإيرادات ولا تنفقها إلا على نفسها، ونحن نقوم بواجباتنا بالكامل تجاه أهلنا في القطاع، حيث انه تم صرف في الـ10 سنوات الأخيرة من الخزينة على قطاع غزة ما يقارب 17 مليار دولار، ونؤكد على تصميم القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس أنه لا دولة في غزة ولا دولة دون غزة".

و اعتبر الناطق باسم حركة "حماس"، فوزي برهوم، أن ما ورد في تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله حول مجمل الأرقام المالية التي تنفقها حكومته على قطاع غزة وقيامها بواجبها الكامل باتجاهه هو "إصرار على قلب الحقائق والكذب وتضليل الرأي العام".

وجدد برهوم جاهزية حركة حماس لتسليم حكومة الحمد الله القطاعات الحكومية والوزارات كافة على أن" تلتزم بالقيام بمسؤولياتها وواجباتها كافة تجاه غزة وتطبيق كل ما تم الاتفاق عليه بحضور القوى الوطنية والإسلامية.

ورفض القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، المبررات التي تسوقها الحكومة الفلسطينية لخصم رواتب موظفي غزة.

وقال الهندي في لقاء تلفزيوني: "الحجج والمبررات لخصم رواتب السلطة غير مقبولة. لا أعتقد أن خصومات رواتب موظفي غزة ناجمة عن أزمة مالية لدى السلطة في رام الله، وكل الحجج التي ساقتها غير مقنعة".

وتابع الهندي: "إذا كانت هناك أزمة مالية في الرواتب، فلماذا تكون فقط على حساب غزة دون الضفة".

وبين أن "السلطة الفلسطينية لا تملك من أمرها شيئًا، وهي سلطة منهارة. نحن بحاجة إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتحقيق المصالحة".ولفت إلى أن المصالحة أصبحت لا تهم الشعب الفلسطيني، لعدم جديتها.

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -