اسرائيل التي تتباكى على اطفال ادلب فعلت نفس الشيء لأطفال غزة

نشرة صحيفة هآرتس العبرية مقال للصحفي اليساري المختص بالشئون السياسية جدعون ليفي حول تباكي إسرائيل على ما يحدث لأطفال إدلب بسوريا ونشرها لصور الأطفال بوسائلها الإعلامية ومعرفة كافة الجمهور الإسرائيلي بما يحدث وتباكيه على " المجزرة" قائلا :" فجأة اصبحنا نهتم بقتل الاولاد. فجأة تزعزع الاسرائيليون من قتل الاطفال العرب. الضمير اليهودي المعروف بُعث من جديد. نريد التبرع، فقط اذا سمحوا لنا".

وأضاف الكاتب : انظروا الى العناوين وشاهدوا الصور من سوريا. هي الاخبار الاساسية. هذا يمزق القلب. تضامن انساني اساسي، يثير الانفعال، دون تمييز في العرق والدين، من لا يستطيع أن يتزعزع من مشاهد الاطفال الذين يختنقون بسبب الغاز. وأي يهودي يمكنه البقاء لامباليا أمام مذبحة كيميائية.

وأشار جدعون إلى أن الرئيس رؤوبين ريفلين كان صادقا عندما قال "وصمة على جبين الانسانية". وصدقت ايضا "يديعوت احرونوت" عندما كتبت في عنوانها الرئيس "قاتل الاولاد" مع صور الفظاعة. شاهدوا وتزعزعوا أيها الاسرائيليون الأخيار. لقد قتل على الأقل مئة شخص في هجمة قوات الرئيس السوري الكيميائية، معظمهم من الاطفال الذين كل طفل منهم هو عالم بحد ذاته. ومجرد استخدام سلاح الابادة الشامل هو جريمة بحد ذاتها.

وتساءل الكاتب متهكما : لم يسبق لاسرائيل أن استخدمت سلاح الابادة الشامل. وليس لدينا في الحكم قاتل أولاد. ولم يسبق أن كانت لدينا فظاعة مثلما في سوريا، وتعطش أسدي للدماء. هذه هي الحقيقة. 180 طفل صغير قتلوا في صيف 2014 في غزة بسلاح تقليدي. قانوني، بل وطاهر. الاطفال الـ 360 الذين تمت اضافتهم اليهم هم ايضا قتلى صيف 2014، والذين قتلوا وهم يلعبون الكرة على شاطيء البحر، أو في أسرتهم أو اثناء هربهم.

وربط التناقض الإسرائيلي الحالي قائلا : لقد كانوا رضع واطفال صغار بالضبط مثل اطفال الاسد. وقد قتلوا بفظاعة بالضبط مثلما في ادلب. وعددهم كبير بما يكفي لاحداث الزعزعة. بل وكانت لهم أسماء. من المشكوك فيه أن موتهم كان أسهل من موت اطفال سوريا. وقد نشرت في العالم صور شديدة حول قتلهم. وكان يكفي مشاهدة "سيارة الاسعاف" في الآونة الاخيرة، الفيلم الوثائقي لمحمد جبالي، الذي انضم الى سيارة اسعاف فلسطينية في غزة، وقام بوضع الكاميرا ووثق المشاهد. بدون أي حذف. كانت هذه مشاهد سوريا، صحيح أنها استمرت خمسين يوما فقط، لكن في هذه الفترة ولأن عدد السكان يبلغ 2 مليون فقط مع اكتظاظ وبدون امكانية للهرب، لا يمكن التملص من المقارنة الاخلاقية مع الوضع في سوريا.

ولفت الكاتب إلى أن صور الاولاد القتلى في غزة في صيف 2014 تم بثها في ارجاء العالم، باستثناء دولة صغيرة ليست ذات صلة، وقد أثارت عاصفة بالضبط مثل الصور من سوريا أمس في انحاء العالم، باستثناء دولة اسرائيل. هنا لم يتم بث افعالنا، معظم الاسرائيليين شاهدوا وسائل الاعلام التي تقوم بمراقبة الواقع كخدمة للمواطن

ووجه سؤاله للإسرائيليين : هل شاهدوا في اسرائيل ذات مرة صور جثث ممزقة لاطفال رضع في غزة، مثلما شوهدت أول أمس في سوريا؟ هذا لم يحدث في اسرائيل. هل كانت هناك صور كهذه؟ بالتأكيد نعم. كل ما هو مطلوب مشاهدة "سيارة اسعاف" أو النظر في ارشيف بي.بي.سي أو الجزيرة.

نحن نترحم على اطفال الروضة اذا لم يكونوا من غزة ولم يقتلوا على أيدي الجيش الاسرائيلي، ونترحم ايضا على الاسرائيليين كي لا يتعرضوا لصور صعبة جدا، صور اطفال لم نقتلهم نحن ليست صور صعبة جدا. صور اطفال قتلتهم اسرائيل – الجنود والطيارين الاكثر اخلاقية في العالم – هي صعبة جدا بالنسبة للنفس الانسانية.

بعد انقضاء الزعزعة من الصور في سوريا، يخطر بالبال تفكير آخر مخفي وحقير: انظروا اليهم وانظروا الينا، انظروا مع من نتعامل، انظروا الى العرب، هذا هو النص، وهو يسعى الى التخفيف على الضمير، ويقلل التهمة، وهو جزء من غسل الدماغ الخفي.

وختم الكاتب اليساري مقاله قائلا : في صيف 2014 حدثت كارثة سورية في غزة، هي ايضا كانت "وصمة عار على الانسانية". وهي شملت ايضا مذبحة جماعية ضد المواطنين، وقتل مئات النساء والاطفال والشيوخ والرجال الابرياء. اسرائيل هي التي نفذت هذه المذبحة، وهي المتهمة بها. وتزعزع العالم منها تماما مثل سوريا، لكننا اتهمنا العالم المتضعضع باللاسامية، العالم كله شاهد غزة 2014. الاسرائيليون فقط لم يشاهدوها. وقد ناموا بضمير هاديء.

المصدر: القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء -