سأبدأ مقالي بكلمة رامي الحمد الله ارحل...!
محزن جدا ما بلغنا يا سيادة الرئيس من خصومات تخص موظفين بعينهم دون شمولية القاعدة، ولا يدل ذلك إلا على حقيقة واحدة وهي التمييز العنصري بين أبناء وطن واحد، والذي لم تبادر له دولة الاحتلال الإسرائيلي في فترة مكوثها تجاه موظفي الدولة من الفلسطينيين.
لا يهمني كثيرا موظف السلطة الفلسطينية بقدر ما يهمني واقع الظلم الذي لا يرضاه دينا، ولا يتقبله عقل ومنطق، ولا يتلائم مطلقا مع الأخلاق والمثل.
لماذا يا سيادة الرئيس محمود عباس هذه الخطوة الآنية في هذه الفترة بالذات؟! وهل هي سياسة تقشفية كما يزعم من بالحكومة تستهدف المصالح العليا للبلاد؟!
نطرح العديد من التساؤلات لماذا لم يقرن الرئيس محمود عباس هذه الخطوة بكافة الموظفين في جناحي الوطن؟ وهل أصبح الموظف الفلسطيني في قطاع غزة عبئا على الحكومة الفلسطينية؟ وعندما يذرع البعض بحقيقة أن الموظف ليس على رأس عمله، ألم تصدر يا سيادة الرئيس أوامر عليا بذلك؟ أم أنك نادم على ما قمت به؟ ولربما تحاول أن تسبب الأسباب وعلى الآخرين أن يتحملوا النتائج أيا كانت؟!
مكلفة جدا هذه القرارات يا سيادة الرئيس التي نقرأها من وجهين، وهما: الأول: أنه بات لسان الحال في قيادة السلطة الفلسطينية، وكأن هنالك حقدا متراكما على أهالي قطاع غزة بحكم الواقع السياسي الذي ليس لهم فيه حول ولا قوة، والثاني: وهو ما أرجحه حرف مسار المجتمع عن حل سياسي قد لا يرضيه بفتح المجال أمامه لتقبل الحد الأدنى.
بملء الأفواه والقلوب أصبحنا ندرك أن حكومة رامي الحمد الله ليس وحدوية، ولم تكن يوما مستقلة لتجمع شمل جناحي الوطن كما جاءت من أجله؛ فقد ظهرت سياساتها العجفاء، والتي تمثل شخصيتها، ولونها الغارق في وحل اللاموضوعية.
واليوم باعتقادي أكثر من أي يوم مضى بضرورة إزاحة هذه الحكومة التي لم تراع واجباتها الوطنية تجاه كافة القضايا، وعلى رأسها إنهاء الانقسام؛ فإزاحتها واجب وطني مهما رممت أو جملت من الحالة الحالية!
ومن جهة أخرى لا أعرف لماذا لم يتحرك موظفو السلطة بالضفة الغربية ولم يشاطروا موظفيها بالشطر الآخر، وهل هنالك سياسة ممنهجة لإخراج الشعب الفلسطيني عن انتمائه، وتعميق الفرقة وتكريسها...!
حقيقة العتب كل العتب على الأطر الرسمية بالضفة الغربية التي لم تتحرك ولم تحرك ساكنا، وكأن الحراك الفلسطيني للموظفين في قطاع غزة لا يعنيهم كثيرا، وأن ما حدث كان يجب أن يحدث من فترة طويلة!!
ماذا لو قام الرئيس محمود عباس بخصومات شاملة لكافة الموظفين بدءا منه وانتهاء بالقاعدة الحكومية باعتبار أننا شعب يرزح تحت احتلال وفي مرحلة تحرر وطني؟!
حقيقة إن قيامه بهذه الخطوة تحول مهم وجذري في طريق التنمية الاقتصادية ناهيك عن ترسيخ نظرية التكافل الاجتماعي خاصة مع الفئات المهمشة، وبالتالي لو قرنا هذا المقترح بما فعلته حكومة رام الحمد الله لأوجد حلا مرضيا ومتقبلا من الجميع وبالتالي وحدة النتيجة رغم اختلاف المواقف والأسباب التي صنعتها.
كتبت في مقالي الأخير " الأسرار الخفية للقمة العربية الثلاثية (الأردن – مصر – السلطة الفلسطينية) ومستقبل القضية الفلسطينية" أن هنالك سيناريو حل سياسي مقبل للقضية الفلسطينية، ولربما حدوث هذه الأزمة يدعم ذلك لحرف المجتمع عن قضاياه العادلة وربطه بقضايا ثانوية ليقلل من سقف مطالبه السياسية في مقابل توفير الحد الأدنى من كرامته الآدمية.
ماجستير: دبلوماسية وعلاقات دولية.
كاتب ومحلل سياسي.