الضربة العسكرية الأميركية لسورية.. هل هي لإثبات الحضور أم بداية لمرحلة جديدة؟

بقلم: عبد السلام فايز

ستّون صاروخٍ أميركيٍّ وجّهتها السفن الحربيّة الأميركية فَجْرَ الجمعة السابع من نيسان أبريل إلى مطار الشعيرات العسكري في مدينة حمص وسط سوريا، لتبدأَ بعدها مرحلةٌ جديدةٌ من مراحل النزاع السوري المتواصل منذ أكثر من ست سنوات ..

الجيش السوري اعترف و في بيان صادر عن وزارة الدفاع بهذه الضربة و قال بأنها أوقعت ستة قتلى بينهم ضابط برتبة عميد و قال بأنّ الردّ سيكون في ضرب من سمّاهم عملاء أميركا على الأرض السورية..
تصريحاتٌ أميركية شديدة اللهجة تَبِعَت هذه الضربة في محاولةٍ عسكرية لإثبات حضور الرئيس الجديد دونالد ترامب،  وهو ما اعتبره محلّلون أنّه السبب المباشر لهذه الضربة،  خاصة أنّ الضربة جاءت سريعة الزمان و المكان و هذا ما يُسمّى بـ (ضربة إثبات الحضور)  ..
في حين اعتبر البعض أنّ هذه الضربة هي محاولة أميركية لصرف الأنظار عن المجازر المروّعة التي ارتكبتها مؤخّراً طائرات التحالف الدولي في العراق..  
بينما برّرت أميركا ضَرْبتَها بأنّها رسالة تحذير للجيش السوري و حلفائه بعد الهجوم الكيميائي الأخير في مدينة خان شيخون شمال سوريا،  و الذي سارعت الولايات المتحدة و أنصارها إلى توجيه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى سلاح الجو السوري، الذي بدوره نفى مسؤوليته عن هذا الهجوم نفياً قاطعاً ، متّهماً معارضيه و من يدعمهم بالوقوف وراء هذا الهجوم..
تَرَقُّبٌ حَذِر أعقبَ هذه الضربة التي أحدثت خللاً دولياً في العلاقات القائمة بين الدول الكبرى ذات الذراع الطولى في الموضوع السوري و في مقدمتها روسيا و الولايات المتحدة الأميركية ، حيث أعلن مجلس الدوما الروسي أنّه سيوقف كافة أشكال التنسيق العسكري بين موسكو و واشنطن فيما يتعلق بالمجال الجوي السوري،  معتبراً أنّ هذه الضربة هي تصرّفٌ خطير يمسّ سلامة العملية التفاوضية التي انطلقت في جنيف و من قبلها في أستانا..
بعض المراقبين تساءلَ : لماذا أخطرت أميركا روسيا بالضربة الموجّهة ؟ و هل هذا الإخطار يندرج في إطار التنسيق العسكري أم أنه محاولة أميركية لتَجَنُّبِ وقوع ضحايا من القوات الروسيّة و بالتالي سيؤدي ذلك إلى إحداث غضب روسي عارم؟!

و تتجّه الأنظار بعد هذه الضربة العسكرية إلى مصير العلاقات القائمة بين موسكو و إيران من جهة و تركيا من جهة أخرى ، خاصة أنّ تركيا تربطها مع كلتا الدولتين علاقات استراتيجية لا يمكن أن تفتر بين عشيّةٍ و ضُحاها فروسيا كانت من أوائل الداعمين للرئيس التركي ضد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا العام الماضي،  و لطالما امتدح آردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأشهر التي أعقبت محاولة الانقلاب..
و اليوم ترحّب تركيّا و بصدرٍ واسع في هذه الضربة الأميركية ، بينما ندّدت بها وزارة الخارجية الإيرانية و بِحِدّةٍ ملحوظة و قالت بأنّ طهران و موسكو لن تقفا صامتتين إزاءَ ما حدث..
إذاً هي مرحلة جديدة وضع عنوانها وزير الدفاع الأميركي الذي علّقَ على هذه الضربة بأنّ مرحلة اللاحساب قد ولّت و بأنّ هناك رئيساً أميركياً جديداً جاهزاً لاتخاذ مثل هذا النوع من القرارات .
بدورها كذلك سارعت إسرائيل إلى الترحيب بهذه الضربة محاوِلةً أن تُظهِر إنسانيّتها و كأنّها حملٌ وديعٌ ليس له تاريخ حافلٌ بالقتل و التهجير و الاحتلال،  ربّما يكون ذلك سعياً إسرائيلياً حثيثاً لاستعطاف أصحاب الفِكر المعادي لإسرائيل و إظهار نفسها أمامهم بأنّها ليست عدوّاً كما يعتقدون بل هي شريك لهم في الإنسانية على الأقل..

و السؤال المطروح هو إلامَ ستفضي هذه الضربات في حال استمرت؟  
هل ستفضي إلى السيناريو العراقي الذي ما يزال ملفّ الفواتير فيه لم يُغلَق بعد،  أم إلى السيناريو الليبي أو اليمني؟
أم أنها ستحمل سناريوهات مفاجئة للشعب السوري؟

عبد السلام فايز / كاتب فلسطيني