مشروع ايجال الون ونظرية الامن والاستبطان الاسرائيلية

بقلم: سميح خلف

تعاملت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية مع نظرية الامن الاسرائيلية كأمر واقع وبردود افعال سياسية ودبلوماسية لا تعدو صرخات ومناشدات واستنكارات لعملية الاستيطان التي تزحف وبشكل مبرمج وممنهج ، ولم تعكف منظمة التحرير وعبر اختصاصيين في الامن والسياسة والدراسة الثاقبة للمشروع الصهيوني وتطوراته والمتغيرات التي حدثت عليه ، بل اغلقت ملفاتها على بنود اتفاقية اوسلو والمطالبة في تنفيذها ، بل كرست قواها للدفاع عن ذاتها من خلال ما سمح لها من نفوذ في المنطقة A والنفوذ الاداري في المنطقة Bما قبل عام 2002 والتي تطالب فيه حاليا في مفاوضات امنية بين الجانبين .

عندما تصرخ السلطة بان برنامجها الاستراتيجي المتلخص بحل الدولتين بدأ ينهار او انهار تماما ، لم ترجع للخلف لدراسة السلوك الايديولوجي لقادة اسرائيل وهي المدرسة الامنية العسكرية منذ انشاء دولة اسرائيل على الارض الفلسطينية ، بل اول بؤرة استيطانية اقيمت على ارض فلسطين منذ عام 1908م وبالتالي وضع المعالجات المضادة لتلك البرامج على المستوى الفكري والعملي لعرقلة او افشال هذه النظرية ، بل قاومت السلطة فكرة الانتفاضة الاولى والثانية وارهاصات الانتفاضة الثالثة "" صرخة القدس"" التي تخل بموازين الامن وتعرقل استقرارية الاستيطان ومن ثم توسعه.

لو نظرنا لخريطة الاستيطان التي تم انشائها على ارض الضفة ومن خلال استغلال اتفاقية اوسلو ومستوجباتها وحيثياتها الامنية في تقسيمات a,b,c لفهمنا الكثير من خلال سيطرة اسرائيل فعليا على 70% من اراضي الضفة الغربية وهي تحت السيادة الامنية والعسكرية الاسرائيلية وليس غريبا ما صرح به السيد صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية وكبير المفاوضين بان ما هو تحت سيطرة السلطة في اراضي الغور لا يتجاوز 8% .

فهندما طرح ايجال الون وزير الهجرة الاسرائلي ونائب رئيس الوزراء لحومة ليفي اشكول مشروعه بعد نكسة 67م لم تعكف الدوائر الوطنية ومراكز الابحاث الفلسطينية والعربية ان كانت موجودة فعلا دراسة جادة واهتمام لتلك المبادرة الخطيرة التي تهدد اراضي الضفة الغربية ، فالعقلية الاسرائيلية ليست عقلية سطحية ولا لما كانت حققت طموحاتها على الارض الفلسطينية ، وهي ليست كعقلية الوزراء الفلسطينيين او العرب يشطبون تجربة وبرانامج ما قبلهم ، بل تجربة الكيان الصهيوني هي تجربة وتراكمات تعمل بها القيادة السياسية والامنية مهما تغيرت الاسماء.

مشروع ايجال الون الامني مبني على التوسع في الاستيطان وايجاد شريط امني من الاستيطان والمشاريع على الضفة الغربية لنهر الاردن وتحويل الاراضي الفلسطينية في الضفة الى تجمعات سكانية في المدن مع ترانسفير للتجمعات قليلة السكان ووضع حلول اقتصادية من خلال ادارة امنية لتلك المدن وتوفير شبكة طرق امنة لتواصل التجمعات السكانية الاستيطانية ، قد يكون نتنياهو لبس ثوب وعقلية ايجال الون ... بل هو ايجال الون ، فالسلوك الاسرائيلي لايعدوا انه مكلف في هذه المرحلة بل منذ انشاء سلطة اوسلو لتغطية هذا المخطط الرهيب ولتحقيق نظرية الامن لايجال الون .

ولنتذكر وفي حين يطرح المشروع الفرنسي ان الحومة الاسرائيلية صادقت على اغتصاب 2342 دونم من اراضي جنوب اريحا في اكبر عمليات للتهويد، وقبل شهرين تم مصادرة 1500 دونم جنوبي اريحا بمصادقة وزير الجيش الاسرائيلي يعالون، ومصادرة 650 دونم من اراضي بلدة العوجا، وقام المستوطنون بشق 235 شارعا استيطانيا، ومن ثم مشروع استيطاني كبير يقام على 16000 متر مربع قبالة الاقصى في سلوان بالاضافة للمستوطنات الكبرى في القدس وانحاء مختلفة في الضفة.

مشروع ايجال الون:-

1- تحديد الحدود الشرقية للدولة العبرية بنهر الأردن وخط يقطع البحر الميت من منتصفه تماما مع المملكة الأردنية الهاشمية.

2- ضم المناطق لغور نهر الأردن والبحر الميت بعرض بضعة كيلومترات إلى نحو 15 كيلومتر وإقامة مجموعة من المستوطنات والتجمعات الزراعية والعسكرية والمدنية فيها بأسرع ما يمكن مع إقامة ضواح ومستوطنات سكنية يهودية في القدس الشرقية.

3- تجنب ضم السكان العرب إلى الدولة العبرية بقدر الإمكان حتى ولو أدى ذلك إلى تبني خيار الترانسفير أو التهجير بحق السكان الموجودين بالفعل في فلسطين 48 لمراعاة الاعتبارات الديمغرافية.

4- إقامة حكم ذاتي فلسطيني في الضفة الغربية في المناطق التي لن تضمها "إسرائيل".

5- ضم قطاع غزة إلى الدولة العبرية بسكانه الأصليين فقط مع نقل لاجئي 1948 الموجودين في القطاع وتوطينهم الضفة الغربية أو إلى العريش التي كانت محتلة آنذاك.

6- حل مشكلة اللاجئين على أساس تعاون إقليمي يتمتع بدعم ومساعدة دولية سياسية ومادية على أن تقوم" إسرائيل" بإقامة قرى "نموذجية" للاجئين- طبقا لما ورد في المشروع- سواء في الضفة الغربية أو في سيناء.

.التعريف بايجال الون:-

وزيرا للعمل والهجرة

انتخب آلون عام 1955 عضوا بالكنيست، وفي الفترة من 1961–1967 شغل منصب وزير العمل، وخلال الفترة من 1967–1969 كان نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للهجرة.

وزيرا للتعليم والثقافة

يبن عامي 1969 و1974 ظل آلون نائبا لرئيس الوزراء وعمل في الوقت نفسه وزيرا للتعليم والثقافة وعضوا في اللجنة الوزارية لشؤون الأمن والاقتصاد.

مفاوضا لفصل القوات

اختير آلون عام 1974 ضمن الوفد الإسرائيلي في المفاوضات التي جرت بين إسرائيل ومصر وسوريا عام 1974 وأسفرت عن فصل القوات المتحاربة.

وزيرا للخارجية

وفي الفترة التي أعقبت حرب 1973 شغل منصب وزير الخارجية وظل في هذا المنصب لمدة ثلاث سنوات انتهت عام 1977.

وطوال الفترة من 1977 حتى 1980 كان آلون عضوا في لجنة الأمن والخارجية بالكنيست واللجنة العليا المختصة بلبنان.

وفاته

خرج إيجال آلون من المسرح السياسي الإسرائيلي بل والحياة عن عمر ناهز 62 عاما.

بعض عن حياته:-

ولد إيجال آلون في "كفار طابور" بالجليل عام 1918 لأبوين هاجرا إلى فلسطين من روسيا واشتركا في تأسيس مستوطنة "روشبينا" التي كانت أول مستوطنة في الجليل الأعلى.

التعليم

تلقى إيجال تعليمه الأولي في مستوطنة روشبينا قبل أن ينضم إلى قوات الهاجاناه ويصبح قائدا لأحد تشكيلاتها في الفترة من 1936 – 1939، وبعد حرب 1948 واستقرار الدولة الإسرائيلية أكمل تعليمه في الجامعة العبرية ثم في جامعة أكسفورد في بريطانيا وتخصص في العلوم السياسية.

التوجهات الفكرية

بالرغم من اعتناق إيجال آلون للفكر الاشتراكي فإن نظريته في الأمن الإسرائيلي التي أخذت بها المؤسسة العسكرية والسياسية في إسرائيل هي التي منحته شهرته الواسعة كقائد عسكري وكسياسي. وقد لخص آلون نظريته هذه في بحث نشره بعد عام 1967 تحت عنوان "الدروس المستفادة من حرب يونيو/ حزيران 1967" ونشرته صحيفة معاريف آنذاك. ومما جاء فيه "إن الأمن لا يتحقق بالضمانات الدولية ولا بالقوات الدولية ولا بمعاهدات السلام, إنه يتحقق فقط بالأرض، تلك الأرض التي تصلح كقواعد صالحة للهجوم الإسرائيلي في المستقبل. والحدود حينئذ يجب أن ترتكز على موانع طبيعية مثل القنوات والأنهار والممرات المائية والمرتفعات, على أن تبدأ بالاستيطان المسلح في المناطق التي تنسحب منها إسرائيل فذلك خير من الإعلان عن ضمها". ويؤكد آلون على أنه لا يمانع من انضمام الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأردن شريطة عدم وجود قوات أردنية فيهما وتأمين الحدود الإسرائيلية الأردنية بإقامة مستوطنات أمنية على امتدادها.

حياته السياسية

تأسيس البالماخ

اشترك آلون في تأسيس قوات البالماخ عام 1941 التي تخصصت في العمل ضد قوات الانتداب البريطاني ونشطت في استقدام المهاجرين اليهود غير الشرعيين إلى فلسطين.

أصبح آلون قائدا للبالماخ (فصيل عسكري صهيوني أنشئ قبل قيام دولة إسرائيل) في الفترة من 1945–1948، ومع بداية عام 1950 استقال من وزارة الدفاع ليبدأ مشواره السياسي.

بقلم/ سميح خلف