البعد النفسي والاجتماعي لإعلان حادثة قتل الآباء

بقلم: أحمد عليان عيد

في ظل ما نشاهده من انفجارٍ إعلامي وتقني من التكنولوجيا المتقدمة ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والقنوات الفضائية والشبكات العنكبوتية والانتشار الواضح للأجهزةِ التقنية ومعرفةِ التعامل معها ووصولها إلى متناول الجميع من صغارٍ وكبار ساهم في الحصول على آخرِ الأخبار في أسرع وقت ممكن ....
فمن المسئول عن بث الرعبِ والخوفِ والقلق ( لدى الأبناءِ خاصة والأسر عامة ) ونشرِ مثلِ هذه الجرائم التي يتسابقُ في إعلانِها الجميع من قتل الأب للأبناء؟؟؟؟ أو قتل الأب لزوجته أم أطفاله؟؟؟؟ فلابد أن نعلم أن إعلان مثل هذه الجرائم لها بُعدٌ نفسيّ سلبيّ وخطير على الأسرة والمجتمع لأن الأسرةَ هي المكانُ الآمنُ لحفظِ النفس، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس، وهي الملجأُ الشرعيّ عند الفتنة.
فالآباء همُ الحِصنُ الطبيعيّ الذي يتولى حمايةَ البراعمِ الناشئةِ ورعايتِها وفي كنفِهم يتلقَون مشاعرَ الحبِ والرحمةِ والتكافل ونجدُ أنَّ الإسلامَ أقام نظاماً للأسرة على أساسٍ ثابتٍ دقيق مستمدٍ من الواقع ؛ فهو يقوم على أمتنِ الروابط، وعلى أقومِ الدعائم، في أسمى ما يتطلعُ إليه البشر، فإذا التزموا به وساروا على هديه استقرت أمورُهم وسُعِدُوا، وعاشُوا في أمن وأمان.
لكنَّ الواقع والشواهد والأرقام تؤكد وللأسف على وجود بدايات خطيرة من التفكك والانهيار الأسري فى مجتمعاتنا الإسلامية وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها منذ عدة عقود فرضتها علينا قوةُ العدوان الخارجيّ والداخليّ، وكان من نتائجِ هذه الظروف أن هناك آثاراً سلبيةً تعرضت لها الأسرة فانتشرت مثل هذه الجرائم ونتج عنها وعن إعلانها للعامة مشكلاتٍ وضغوطاتٍ يتعرضُ لها الأطفال على وجه الخصوص مثل التأخر الدراسيّ ومشكلات الأرق، والكوابيس الليلية والتبول اللاإرادي، والاكتئاب وذلك لعدم شعورهم بالأمان من الناحية النفسية والاجتماعية وهذا عندما نجد أن البعض لا يستطيع أن يجلس بين أبنائه دون أن يكون الحديث أمام الجميع عن قتل الأب لأبنائه أو زوجته دون مراعاة أن هناك أطفال تسمع ويصبح لديهم اهتزاز لمصدر الأمان كالأب والأسرة، وتجد أن بعض الأطفال يخاطب أباه بكل براءة ممكن أن تقتلنا يا أبي مثل ما فعل هذا الرجل؟؟؟؟!! أو تقتل أمي؟؟؟!! فكيف لنا في هذه الأجواء أن نبحث عن السعادة والأمن والأمان ؟؟؟؟!!!!وكيف للأسرة أن تعيش مع ما حدث من ظروف مملوءة بالذكريات الأليمة والجميلة؟؟؟؟!!!!!
لاشك أنَّ الإيمانَ بالله والتوكل عليه يمُدُنا بالقوةِ التي تساعدنا على مواجهة وتخطي العقبات، فقد صدق الله إذ يقول " إن مع العسر يسرا " (الشرح-6)
وما من شك في أن الطريق الذي سلكه الأنبياء والرسل يُوصِلُ إلى مرضاة الله وجنته
فأولئك الذين هدى الله وبهداهم يقتدي كلُّ السائرين إلى مرضاة رب العالمين.
وقد كان مِن هداهم إليه أنْ هداهم إلى مهمةٍ عظيمةٍ وهي المسؤليةُ والتفاؤلُ والشعورُ بالأمان.
ففي الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته"
وتبدأ مسئولية كل فرد في هذه الحياة منذ بلوغ سن التكليف وتنتهي بمفارقته لها، وكل فرد له رعيةٌ يرعاها وبغض النظر عن موقعه فيه في القمة أم في القاع وسواءً كان رجلاً أو امرأةً فإنَّه مسؤولٌ عن رعيته ومسؤولٌ عن حمايةُ صحتِها النفسية وشعورها بالأمن والأمان.
تم بحمد الله تعالى
بقلم: أ. أحمد عليان عيد، ماجستير صحة نفسية ومجتمعية
الايميل [email protected]