في مثل هذا الوقت وفي هذا التاريخ تتحرك كثير من الأقلام لتعبر بأقلامها عن النكبة ومسبباتها ومؤثراتها على الشعب الفلسطيني .
في حين أن النكبة أصبحت نكبات وتعددت واستمرت النكبات من نكبة إلى أخرى يتعرض لها الشعب الفلسطيني أينما وجد على سطح الكرة الأرضية عامة وعلى أرض الوطن العربي بشكل خاص .
أصبحت كلمة النكبة كلمة لا تعطي حق لا معنوي ولا سلوكي للانسان الفلسطيني ، فالنكبة أقل ما يوصف وأبسط ما يوصف لما تعرض له الشعب الفلسطيني من ويلات منذ خروجه قصرا ً من أرضه ومن أملاكه ومن تدمير مؤسساته على أرضه ، فالنكبات توالت ومازالت النكبات تتوالى ، وإذا كانت قصة الهليكوست التي مورست أو تدعي الصهيونية أنها مورست بحق اليهود من النازية ووقف العالم قدم على قدم وساعد على ساعد لينقذ اليهود من مآساة أحلت بهم ، فإن الشعب الفلسطيني تعرض لآلام ولجروج ولقتل أكثر من ما مورس من قبل النازية ، الشعب الفلسطيني الذي لم يطمح يوما ً ولم يعمل يوما ً على بديل لارضه بأرض الغير ولم يعمل إلا صادقا ً في عمله وفي توجهاته من أجل رقي الأمة ومن أجل استرداد الحقوق ومن هنا فشلت جميع النظريات التي حاولت انتزاع الشخصية الفلسطينية من جسمها المادي .
ربما كان هناك بريق أمل في انطلاق الثورة الفلسطينية لتحقق فعل ووحدة الثقافة الفلسطينية الموحدة قبل البندقية ولم تكن البندقية هي الكافية يوما ً لاقتلاع المشروع الصهيوني المتعدد الجوانب والمتعمق في كثير من الساحات العربية والدولية ، ولكن صلابة الشعب الفلسطيني وبدعم القوى الحية في الشعوب العربية أحبطت أكثر من مشروع لتوطين الفلسطينيين وأحبطت أكثر من مشروع لنظرية الوطن البديل .ولكن عجز البرنامج الفلسطيني في توحيد وحدة الشعب الفلسطيني ، وعجز بل فشل في تحقيق النتائج الايجابية بناء على ما اتفق عليه الجميع وهو ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية ، والانحراف المعاكس عن برنامج المقاومة واهدافها ومبادئها ومنطلقاتها، هوة واسعة بين النظرية والتطبيق ، ومضاف لذلك برنامج تدميري للبنية النضالية والاجتماعية والثقافية مارستها قوى فلسطينية وعربية في الساحة الفلسطينية والعربية بغية تحقيق برنامجها والتي مازالت تعمل عليه حتى العام 69 لذكرى النكبة الكبرى على الشعب الفلسطيني .
النكبة متواصلة ومستمرة تأخذ أشكال متعددة من النزوح القصري ومن نزوح النزوح القصري أيضا ً كما حدث للفلسطينيين في العراق وكما حدث للفلسطينيين في نهر البارد واليرموك وما تعرض له الشعب الفلسطيني وما حدث للفلسطينيين في السبعينات والثمانينات من سفك دماءه من قبل عصابات مرتبطة ومبرمجة بالمشروع الصهيوني في الساحة اللبنانية ، نكبات متواصلة ومن أجل ماذا؟؟؟ فالشعب الفلسطيني يقف كالجبل الذي لا يتزحزح عن ثقافته وعن تاريخه وعن حقوقه ولذلك تشتد النكبات بمقدار صمود الشعب الفلسطيني أمام كل الحملات التي تستهدف النيل من حقوقه الثابتة ومن تاريخه ومن تراثه .
ولكن أين يتجه الشعب الفلسطيني في تلك الذكرى وفي هذه الايام نقول دائما ً : لا غبار ولا ملاحظات ولا اخفاقات لحركات الشعوب ونضالها وصحة توجهاتها ، ولذلك الشعب الفلسطيني لم يخطئ في توجهه في مقاومة كل المشاريع التسووية التفريطية التي تستهدف تحليل بنيته الوطنية والاجتماعية والثقافية ولكن من الذي أخطأ ومن الذي يسير بالشعب الفلسطيني إلى الهاوية ، انهم فئة الانتهازيين الثوريين وهم فئة ورؤوس الاختراقات في البرنامج الوطني الفلسطيني الذي بلور عن نفسه وعن طموحاته في كسر برنامج الثورة واطروحاتها منذ بدايات السبعينات ، فهذه أيضا ً نكبة تعزز نكبة وتعزز أغراضها .
النكبة ليست فقط مما مارسه العدو الصهيوني وعصاباته أرجون وشتيرن والهاجانا من قتل في دير ياسين وفي قبية وكفر قاسم وما مارسه تلامذة هؤلاء العصابات بالتحالف مع القوى العميلة في الساحة اللبنانية صبرا وشاتيلا وعدوان56م وعدوان67م وعدوان2008 و2012و2014 والعدوان المتكرر على غزة ومخيماتنا في الضفة الغربية ،بل هناك نكبات معززة فأوسلو والتنازل عن الحقوق التاريخية كان بمثابة نكبة بل مأساة ، البرنامج السياسي لمنظمة التحرير واعلان الجزائر كان بمثابة نكبة أيضا ً للشعب الفلسطيني أن توصف المقاومة بالإرهاب من قبل برنامج سياسي فلسطيني أيضا ً تدخل في مضمون نكبة ،وفي عوامل نجاحها ومؤثراتها على الشعب الفلسطيني ، التفاوض من أجل التفاوض في أجواء من الصداقة والتفهم يعتبر نكبة من النكبات المعنوية والمادية على الشعب الفلسطيني ، أن تجير قوى الأمن من أطراف فلسطينية لملاحقة رجال المقاومة نكبة أحلت بالقيمة المادية والمعنوية لمشروع المقاومة ، 6000 ألف أسير في سجون ومعتقلات إسرائيل نكبة أيضا ُ وبالمقابل تقوم عناصر فلسطينية أمنية كلما ألاحت الظروف لخطف أو أسر أحد المغتصبين الصهاينة تقوم تلك الجهات بالإفراج عنهم وتسليمهم وحفظ سلامتهم ، نكبة كبرى حين أن يوفر سقف حماية للجواسيس التي في رقابهم كثير من أرواح الشهداء والقيادات بدأ من عدنان ياسين إلى أخر جاسوس يوفر المعلومات لقتل واستهداف المقاتلين الفلسطينيين في غزة والضفة .
مهزلة من مهازل وتفرعات النكبات الفلسطينية قبل ثلاث أيام حكمت المحكمة على جاسوس بالإعدام وقامت السلطات الفلسطينية بتخفيف الحكم إلى سبع سنوات ، خمسة وخمسين ملف تجسسي أحيلت إلى المفتي العام بأمر الرئيس لتصديق الحكم بالإعدام عليهم وفيما بعد حفظ الملف إنها من مهازل النكبات .
وإذا كان الشعب الفلسطيني عند نزوحه قصرا ً من فلسطين نتيجة عوامل مركبة عربية ودولية فإن الشعب الفلسطيني بانقسامه السياسي والأمني الحالي يوفر عنصرا ً هاما ً لنجاح السيناريو الدموي على الشعب الفلسطيني ويهدد ضياع حقوقه .
نكبة أن لا تستطيع فئة الحكم في رام الله أن تتنازل عن برنامجها التفريطي لصالح برنامج الاصلاح وعناوينه المعروفة، أن يهان ويقتل الفلسطينيين في العراق ويشردوا على الحدود العراقية السورية والعراقية الاردنية لمدة أربعة سنوات عامل من عوامل النكبة في ظل عدم اصغاء من حكام البلاد العربية ، حينما ينزح الفلسطينيين من تلك المخيمات البائسة على الحدود العربية إلى أقاصي الأرض في توافق لعملية التفريغ والتوطين في ظل الصمت العربي حيث ضاقت الأرض العربية بالفلسطينيين تلك الأرض ً التي تتسع لملايين الآسيويين .
نكبة يتعرض لها الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان في أرزاقه وفي حياته وفي بلاد عربية أخرى في حين لا يخفى على أحد أن الفلسطينيين يملأون مواقعهم بجدارة وهم صناع انجازات وليسوا صناع تخريب .
في ظل المفاهيم المتعددة لمعاني النكبة والتي يضاف لها الاقامات في الدول العربية وتأشيرات الخروج والعودة نقول :
إذا كان هناك خطأ وعدم مبالاة أمام التحديات والمشاكل التي يتعرض لها الانسان الفلسطيني في الدول العربية فإن هناك مأساة أعظم وهي انهيار منظمة التحرير كمرجعية وسقف حماية للشعب الفلسطيني فالإنسان الفلسطيني يعيش وحيدا ً بدون مرجعية عندما دمرت مؤسساته وتنظيماته الشعبية خارج الوطن ولا نريد هنا أن ندخل في المسببات التي دعت إلى تدمير هذه المؤسسات والتنظيمات كمقدمة لانهيار الأداء والبرامج لحركة تحرر وطني لا نريد هنا وفي هذا المقام ان نقلب الجراح والآلام فالجرح الأكبر هو أين تذهب الكينونة الفلسطينية الآن في ظل غطرسة سياسية بلباس وطني تمارس تهتك في البيت الفلسطيني وتمارس كل ألوان المواجهة مع المشروع المقاوم على المستوى المادي والأمني والعسكري والاعلامي هذه هي المآساة الكبرى أين يتجه الشعب الفلسطيني أمام مشروع كبير اقليمي دولي لانهاء القضية الفلسطينية وتذويب الشعب الفلسطيني وفرض واقع الكنتونات عليه داخل الوطن أين يذهب الشعب الفلسطيني في ظل وضعه في شباك التمويل المشروط أين يذهب الشعب الفلسطيني وفي هذه الذكرى التي يجب أن نتعظ من تكرارها ، فكيف للشعب الفلسطيني أن يستمر وكل أشرار الأرض وعملائهم وصبيانهم يتآمرون على مشروع التحدي ومشروع الصمود وأخيرا أين يتجه الشعب الفلسطيني الذي يدفع كم متواصل من الشهداء يوميا ً في ظل سياسة احباطية تمارسها أطراف فلسطينية وعربية وفي وضح النهار تمارس اسرائيل العنجهية وتهود وتهود في تواصل لمشروع ومفهوم النكبة على الشعب الفلسطيني فالقدس لم يبقى فيها إلا الشيء القليل للصبغة العربية والمستوطنات أكلت الأرض الفلسطينية هل كلمة نكبة تكفي لوصف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه الاجابة عند القارئ .
بقلم /سميح خلف