تسير خطة البيت الابيض بهدوء لإطلاق عملية سياسية جديدة بالمنطقة وبرعاية ترامب نفسه وغطاء اقليمي واسع وكبير, الخطة تسير بخطي معقولة ببعض المعيقات لكن على ما يبدو ان ترامب استطاع حتى اللحظة تشخيص كل تلك التعقيدات والامساك بكل الخيوط في علمية السلام بغض النظر عن بعض التصريحات الاسرائيلية من اليمين الحاكم والتشكيك بقدرة الرئيس ابو مازن على ان يكون شريك في علمية سلام , الواضح ان اسرائيل بقيادة حكومة المتطرفين اليمنين هي من اكبر المعيقات ومن يحدث تعقيدات في وجه ترامب ,نتنياهو يفعل ذلك بهدف الحصول على دعم امريكي سياسي اكبر لإسرائيل .نتنياهو نصح من قبل العديد من الحكماء في اسرائيل بان لا يفتعل مواجهة مع ترامب , الادارة الامريكية تعرف ان اهداف زيارة ترامب الى المنطقة يجب ان تتحقق مئة بالمئة وان لقاء ترامب نتنياهو يجب ان يحقق اكثر من ذلك لان الادارة الامريكية الجديدة تعتبر اسرائيل الابنة المطيعة لواشنطن والتي لا يمكن ان تفسد صفقة امها القادمة باعتبار ان حل الصراع نهائيا جزء من طموح ترامب في الاقليم لان طموحه الكبير يتعدى حل الصراع ويتعدى صفقة تاريخية بين الإسرائيليين والفلسطينيين ,فصفقة ترامب في المنطقة صفقة كبيرة تشمل كل دول الاقليم المحورية امتدادا من مصر والسعودية والاردن والدولة الفلسطينية والامارات واسرائيل وقطر وحتى تركيا التي عادة لا تترك تحالف او كتله الا ولها موطئ قدم لها فيها , هذه الصفقة اولا واخير تهدف لتوفير امن دائم لإسرائيل .
ترامب بدأ جولته بالسعودية في المنطقة لأنه سيحقق نجاحا غير مسبوق من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية وبرامج التعاون المشترك وما يريده احداث اغراءات اقليمية امام اسرائيل وبعد السعودية ثمة قمة بين ترامب ونتنياهو في تل ابيب وقمة ترامب ابو مازن في بيت لحم , الادارة الامريكية تعرف ان محور لقاءات ترامب الدبلوماسية هو حشد تأييد عربي واسلامي للصفقة الكبرى وبالتالي فان الانتقال الى المرحلة الاكثر عمليا اصبحت باتجاه الإسرائيليين والفلسطينيين لعقد لقاء ثلاثي هام قبل المؤتمر الاقليمي بين نتنياهو ابو مازن في حضرة ترامب وسيبدأ التحضير لهذا اللقاء خلال زيارة ترامب القادمة مع اننا نعرف ان نتنياهو يتوقع ان يراوغ الى ابعد ويطلب من الفلسطينيين مزيدا من الشروط , وقد يلجأ نتنياهو الى السلام المبني على التسهيلات كل من غزة والضفة بالتالي يقدم مقترحات السلام التي تديم لإسرائيل التعامل مع الفلسطينيين دون كيان مستقل , لكن لا اعتقد ان هذا سينجح لان طموح ترامب ليس سلاما ناقصا وحلول لغزة على حدة والضفة على حدة فهو بات يعمل لكبري الصفقات الامريكية في التاريخ وهي الوصول مع الفلسطينيين الى سلام اقليمي وتاريخي تكون القوي العربية الرئيسية في المنطقة جزءا كبيرا من هذا الحل .
الذي بات مؤكدا ان المرحلة القادمة بعد زيارة ترامب الى المنطقة هو ترتيب اللقاء الثلاثي بين ابو مازن ونتنياهو في حضرة ترامب لبدء خطة امريكية عملية في الاتجاه التطبيقي لخطة ترامب للسلام , فلا اعتقد ان اي مفاوضات حقيقية يمكن ان تنطلق قبل هذا اللقاء وقد يتم تحديد موعد هذا اللقاء في المؤتمر الصحفي للرئيس ترامب بإسرائيل او بعد ايام قليلة من الزيارة ولا اعتقد ان يتم هذا اللقاء دون ترتيب امريكي كبير لكل الاوراق على اعتبار ان هذا اللقاء يمثل الاعلان عن بدء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ويزيل الاكوام الجليدية في طريق التوصل الى مفاوضات حقيقية وايجابية برعاية امريكية وغطاء عربي , اعتقد ان واشنطن تدرك ان الاستيطان الاسرائيلي بات عائقا كبيرا امام هذا اللقاء والمفاوضات بالمجمل لذلك فان المهمة الكبرى لترامب في تل ابيب هو اقناع نتنياهو بوقف كامل للاستيطان وعدم الاعلان عن اي مستوطنات جديدة وهذا لن يكون بالمجان بالطبع , من التعقيدات الهامة ان نتنياهو لا يريد ان يبدي للفلسطينيين والعرب حسن نوايا اسرائيل للحل بالمجان وخاصة اطلاق سراح بعض السجناء القدامى وهي الصفقة الامريكية التي ابرمها جون كيري وزير الخارجية السابق مع نتنياهو ولم تكتمل ,ترامب سينجح في ازالة كل التعقيدات واطلاق المفاوضات التي ستعقد حسب راي بالتبادل في واشنطن والقاهرة من اجل دور كبير لمصر و السعودية و الاردن في هذه المفاوضات التي لن تنتهي قبل ستة شهور ,وقد تمدد الى ستة شهور اخري ,لكن هناك تعقيدات كبيرة تنتظر ترامب على طاولة المفاوضات وقد لا ينجح الدور الامريكي العربي في تذليل هذه التعقيدات بسهولة .
لن تكون تعقيدات العملية السياسية في جمع الاطراف على طاولة واحدة في حضرة ترامب و لن تكون هذه التعقيدات التوصل مع الطرفين للبدء بعملية سلمية كبيرة بل كل التعقيدات المتوقعة في المفاوضات القادمة لذا فان واشنطن قد تفشل في انهاء المفاوضات باتفاق تاريخي اذا ذاد الضغط على الفلسطينيين وحدهم واذا كانت الحلول مؤقتة دون انهاء الاحتلال الاسرائيلي الطويل لأراضي الضفة الغربية, كل التعقيدات ستكون حول استقلالية الدولة الفلسطينية وعاصمتها والكتل الاستيطانية الجديدة وقومية دولة اليهود واللاجئين الفلسطينيين وعودتهم و العرب الفلسطينيين في فلسطين التاريخية وبقائهم وتمتعهم بحقوقهم السياسية في دولة اسرائيل , كل هذا بتقديري يحتاج الى دور مضاعف من الامريكان بل ودور حيادي يبني على اساس العدل بين الطرفين للتوصل الى حلول لكل تلك القضايا وعدم ترحيل اي منها الى مراحل ما بعد قيام الدولة الفلسطينية لان ذلك من شأنه ان يبقي التوتر والصراع كما هو وإن اطفأت الادارة الامريكية لهب هذا الصراع ببعض الحلول المؤقتة لأنها لن ترضي الفلسطينيين باختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية .
د. هاني العقاد
[email protected]