على ما يبدو ان الرئيس الامريكي ترامب نجح في صفقته المالية التجارية وصفقته الامنية في المنطقة ، وقبل ان نستقرئ ونحلل عن ماهية الصفقة التي تحدث عنها الكثيرون والتي كانت لحساب دولة الاحتلال والمشروع التكتيكي الذي يحقق استراتيجية الاسرائيليين ونظرتهم للصراع وامن الدولة اليهودية لابد ان نتذكر ان الدبلوماسية الامريكية بالإدارة الجديدة هي صهيونية التشكيل والاصل والبرنامج ، ففي حين كانت مبادرة الرئيس السابق الاب والابن مبنية على حل الدولتين ومشي على هذا المنوال اوباما ، ولكن كانوا يريدونها دولة للفلسطينيين بدون القدس واطروحات مختلفة للاستيطان ما عدا زوالها ورحيلها ، واذكر عندما اتى وزير الخارجية التركي لمقابلة الراحل ياسر عرفات قبل رحيله بأشهر قليلة عارضا عليه ان يوافق على الدولة بدون القدس وان تكون ابو ديس بديلا لها : هز ابو عمار رأسه فاعتقد ان ابو عمار وافق على ما تم عرضه فقال له وزير الخارجية ماذا..؟ قال اعتبرني موافق اذا حصلت على موافقة المسلمين في العالم ....وازاد الحصار على ابو عمار ...... قد يتذكر الفلسطينيين واصفا ما عرض عليه في واي رفر وكما لخص اهمها ابو عمار قائلا : القدس خط احمر يريدوا منا الاقرار بان كل اراضي القدس وما تحتها ملكا لهم ونحن ادارة ما فوق الارض .
في الادارات الامريكية السابقة كانت الحركة النشطة للاستيطان والطرق الالتفافية والسور الفاصل ، ويبدو ان الرئيس ترامب اتي متجاوزا قرارات الامم المتحدة بخصوص الاستيطان وحضر لينجز تكريس الاستيطان ولينهي فكرة حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران ويركز على الامن ومحاربة الارهاب ويشيد بقوى الامن الفلسطينية ويعني ذلك ان أي عمل مقاوم للاحتلال فهو ارهاب يجب قمعه ولو كان اعلاميا باعتبارية التحريض، فلم يشير في أي من اللقاءات للدولة الفلسطينية وحل الدولتين بل اعطى مفهوما امنيا للمبادرة الامريكية والتي تكرس ما انجزته اسرائيل فيما يسمى يهودا السامرة عبر سنوات احتلالها ليصبح حقيقة في أي عملية تفاوض ، الرئيس عباس له وجهة نظر بان أي مفاوضات قادمة يجب ان تبدأ من حيث انتهى مع اولمرت ووضع حلول وتفاهمات لقضايا الوضع النهائي كالحدود والامن والمياه والقدس واللاجئين وكانت هناك ايضا اطروحات مختلفة واهمها تبادلية الاراضي واين تكون على شريط غزة ام جنوب الخليل والظاهرية .
طرح الادارة الامريكية الجديدة يتجه لفرض حل اقليمي على الفلسطينيين متدرج الخطوات وفي اعتقادي في مدى زمني يتجاوز الخمس سنوات ومناقض تماما للطرح الانتقالي الذي انتهى عام 97م ومناقض لاتفاقيات اوسلو وعلى ما اعتقد ان الطرح الامريكي الجديد سينحصر وبشكل متدرج وزمني لتهدئة الدبلوماسية الفلسطينية بتشكيل لجان للتفاوض بعمق عربي من مصر والسعودية والاردن والامارات وبالتالي اصبح التطبيع واقعا قبل حصول الفلسطينيين لأي من مطالبهم وقد يكون في المجمل اعادة انتشار بدون التطرق لحدود الدولة والاعتراف الاسرائيلي بجغرافية الدولة الفلسطينية . واستقرئ المبادرة الامريكية التي سيعلن عليها بعد شهر ستتطرق للاتي
1- انسحاب جزئي على مراحل زمنية من المنطقة C وصلاحيات امنية فلسطينية إسرائيلية عبر لجنة تنسيق مع نشاطات للإدارة المدنية الفلسطينية
2- تقاسم المياه والسماح بالعمل في تلك المنطقة بخطة تنموية لا تشكل خطورة على المستوطنات
3- لن يتم التطرق لحدود واضحة لشكل الدولة
4- تزويد السلطة بدعم مالي اضافي للقوى الامنية والبنية التحتية
5- اعادة السلوك الاعلامي والثقافي والتعليمي تعبيرا عن حسن النوايا
6- قضية القدس في مرحلة متأخرة يتم نقاشها قد تصل بعد زمن لا يقل عن 3 سنوات
7- مطالبة الجانب الفلسطيني بالاعتراف بيهودية الدولة انطلاقا من وصف ترامب لإسرائيل بالوطن القومي لهم وهذا التعبير لم يصدر عن أي رئيس للولايات المتحدة الامريكية
8- قضية اللاجئين والتي يتم بحثه تؤجل الى ما بعد 5 سنوات وفق المبادرة العربية " حل متفق عليه"" وعادة توزيع اللاجئين وتوطينهم سواء داخل الضفة او غزة او في الشتات
9- تبادلية الاراضي التي تصل الى 6 ونصف % والتي تأتي لاحقا وضم المستوطنات للقانون الاسرائيلي .
قد تكون تلك ابرز ما ستطرحه الخطة الامريكية والتي تخص الضفة الغربية وهي المهمة للإسرائيليين بحيث حققت صفقتين صفقة التطبيع وصفقة يهودا والسامرى وصفقة تثبيت الاستيطان وتأجيل مميت لقضيتين اساسيتين هما القدس واللاجئين ومن ثم تشكيل محور وحلف عربي لمواجهة الارهاب وايران وهنا يتم كسر الشرط القائل الدولة الفلسطينية اولا قبل التطبيع اما السيناريو بخصوص غزة وعلاقتها في الضفة فهذا متروك لعدة متغيرات تحدث وموقف حماس والقوى الاخرى في غزة ومجموعة الاجراءات المتخذة ضد اهلها والتي تحمل مشهدين مختلفين المشهد الاول لرجوعها لما يسمى الشرعية والمشهد الثاني للانفصال .... واعتقد ان الاسرائيليين والامريكان يريدوا الضفة منفصلة عن غزة ففي نظرية الامن الاسرائيلي تشكل الضفة خطرا امنيا حادا وبالتالي يجب ان تكون الضفة دائما في الجيب الامني الاسرائيلي .
سميح خلف