امام الذكرى الثالثة والخمسون لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها نسأل اليوم اين اصبحت منظمة التحرير من ألاجيال الشابة التي لم تعرف عنها وعن تاريخها ودورها شيئا باعتبارها الجبهة الوطنية المتحدة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني وإطارها وقيادتها وهي من أحيا القضية الوطنية وعبأ شعبنا ونظمه حولها منذ أواسط الستينات من القرن الماضي وهي من حمى القضية وحملها إلى العالم وعرفه بها واستقطب تأييده لها وهي الوطن المعنوي الذي على أرضيته مارس الشعب الفلسطيني حياته السياسية والثقافية وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني
من هنا ونحن نقف امام الذكرى السنوية لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية من حق الأجيال الشابة ان تعرف جيدا تاريخ المنظمة باعتبارها ان المنظمة تضم كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني وهي الرافعة التي ارتقت بكافة القيادات الى مواقع القيادة والمسؤولية رغم للاسف البعض نسى ان المنظمة اتت نتيجة تضحيات عشرات الالاف من ابنا الشعب الفلسطيني فهؤلا يتناسو لانهم اخرطوا في دوامة السلطة ومظاهرها وألقابها ونعمها وتصرفوا على أساس أن دور المنظمة قد انتهى مع قيام السلطة وأن الحقوق والثوابت الوطنية التي حملتها المنظمة وناضلت في سبيلها قد تحققت بقيام السلطة متجاهلين أن السلطة هي جز من المنظمة وليست بديلا لها وأنها أحد المؤسسات التي أقامتها المنظمة لرعاية وإدارة شؤون أهلنا في الداخل والمناطق التي يندحرعنها الاحتلال الإسرائيلي فقط وأن المنظمة هي مرجعية هذه السلطة وهي المسؤولة عنها وعن أدائها وأن على عاتق المنظمة تقع المسؤولية السياسية عن القضية الفلسطينية بكل جوانبها كما تقع عليها مسؤولية رعاية شؤون شعبنا الفلسطيني في كل مناطق الشتات وهو الذي يشكل 53 من مجموع الشعب الفلسطيني وأن المنظمة وليس السلطة هي من يمثل الشعب الفلسطيني في المحافل العربية والدولية ومن يتحدث ويفاوض باسمه وهي من يوقع أية اتفاقات تتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني ومصيره
وفي ظل هذه الظروف نسأل لماذا لم يتم عقد المجلس الوطني الفلسطيني ولماذا لم يتم الالتزام بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني رغم ما في ذلك من مخالفة صريحة للنظام الأساسي للمنظمة لذلك اصبح من الضروري عقد المجلس الوطني من اجل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة الاعتبار لها واستعادتها لمكانتها ودورها رغم اننا نعلم انها مسألة ليست سهلة فهي تحتاج الى بذل جهود مخلصة وصادقة من قبل الجميع المعنيين فعلا بإعادة الاعتبار للمنظمة وانتخاب لجنتها التنفيذية والتغلب على كل الصعوبات التي يمكن أن تعترض طريقها وإعادة إحيا دوائرها وتنشيطها من خلال مشاركة حقيقية لكافة الفصائل وتوزيع المسؤوليات بينهم وضبط وتنظيم اجتماعاتها والحرص على دورية هذه الاجتماعات وهيبتها واستعادة دورها كمرجعية وطنية وسياسية ومراقبة أدا السلطة الوطنية ودعوة ومتابعة المنظمات الشعبية الفلسطينية العمالية والطلابية والنسائية والمهنية وتعميق الصلة مع أبنا شعبنا في الخارج سوا كانوا في المخيمات أو مع الجاليات في بلدان الشتات لمتابعة أحوالهم وقضاياهم وإشراكهم في حياتنا السياسة ومؤسساتها وكذلك إعادة ربط الصلة مع الأحزاب والقوى السياسية في البلدان العربية وتفعيل دورها في دعم وإسناد نضالنا الوطني واستعادة العمق العربي القومي لقضيتنا فلقد غابت هذه العلاقة الشعبية العربية واقتصرت علاقاتنا العربية على الاتصال مع النظام الرسمي العربي فقط وكذلك تنشيط العلاقات مع الأحزاب والقوى السياسية على المستوى الاممي ونقل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لتطبيق قراراتها وخاصة القرارالاممي 194 المتعلق بعودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها وضمن استراتيجية تقوم على قاعدة الخروج الكامل من مجرى المفاوضات ورسم استراتيجية عمل فلسطيني جديد يجب أن تكون ضمن إطار الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية لأننا في مرحلة تحرر وطني ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الجامع والموحد للشعب الفلسطيني
لذا وفي ظل هذا الواقع نقول لقد خاض الشعب الفلسطيني المعارك للحفاظ على المنظمة لا على حسابها لأننا يجب أن نحافظ على هذا الإطار للحفاظ على وحدة شعبنا في كل أماكن وجوده هذه الخطوة يجب أن ترتبط بوحدة وطنية فلسطينية حقيقية تترجم اتفاق المصالحة الذي وقعته كافة الفصائل في القاهرة وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني لأن نرى أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة هي مهمة كفاحية تتطلب حشد طاقات الشعب الفلسطيني وتتطلب وحدة وطنية وتتطلب استمرار المقاومة بمختلف أشكالها ولا يمكن من الحصول على دولة فلسطينية من خلال المفاوضات التي ثبت فشلها ومن خلال الموقف الأمريكي والمرجعية الأمريكية التي ثبت انحيازها الكامل والمطلق إلى الكيان الصهيوني
أيا كان حجم الانتصار الذي حققه الاسرى فهو انتصار بمقاييس السجن بمقاييس الأسر وهو ما يستحق ان يحتفلوا به هم ويوجب علينا العمل لتحقيق حريتهم وهو الأمر الذي يستحق فعلا ان نشاركهم الاحتفال به حينها ولكن الثمار الداخلية لهذا الاضراب تحققت في قدرة الاسرى على استعادة حيوية الحركة الوطنية الاسيرة قدرتها على ادارة النضالات الكبيرة بامتداد مساحة السجون والأهم في هذا الإطار أن الأسرى انتصروا في معركتهم البطولية لكن يبقى السؤال إذا كان الانتصار هو السماح بزيارة إضافية للأسرى وإجرا مكالمات هاتفية مع عائلاتهم فقد احتاج لإضراب 41 يوما فكم سيحتاج إضراب تحريرهم لهذا لا بد من الاستمرار في التوحد خلف الحركة الاسيرة وهي التي تقود مسيرة الكفاح الى درجة الاشتباك مع الاحتلال ومشروعه ورغم ان الانتصار اتى في توقيت تتزايد فيه الهجمة التصفوية على القضية الفلسطينية بصناعة أمريكية وتعاون كامل من اغلب الانظمة العربية الرجعية حيث وجهت لهم الحركة الاسيرة صفعة باضرابها الذي تزامن مع ذكرى النكبة وانتصارها الذي تزامن مع عيد المقاومة والتحرير في لبنان واكد الاسرى الابطال بانتصارهم أن إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني إنما هي إرادة صلبة لا تلين وعصية على التطويع والانكسار فالاسرى الذين لا يملكون من وسائل المقاومة شيئا وهم خلف قضبان السجن وفي الزنازين ابتدعوا مقاومة لا يستطيع الاحتلال القضا أو التغلب عليها فهم صنعوا من أمعائهم الخاوية مقاومة وانتصار وما زالوا يخوضون مع المحتل صراع إرادات حيث نجحوا في إعادة الحيوية إلى الشارع وإشعال المواجهات مع جنود الاحتلال وتحريك الرأي العام العالمي والعربي هذه المقاومة العنيدة للشعب الفلسطيني في السجون وفي ظل الاحتلال إنما تؤكد من جديد أن فلسطين لم تستسلم ولم تركع وأنها مستمرة بالمقاومة وتؤكد بعد 69 عاما على النكبة أنها هي البداية والنهاية فلا حل للصراع من دون استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المسلوبة اي حقه في العودة إلى أرضه ودياره التي شرد منها عام 1948 وتقرير المصير وإقامة الدول الفلسطينية وعاصمتها القدس وهذا هو أساس قضية فلسطين ويجب أن نعمل على تحقيق هذا الحق وبالتالي لا يمكن أن تكون الدولة الفلسطينية على حساب حق العودة والشعب الفلسطيني لن يقبل بهذا والدولة الفلسطينية ذات السيادة هي خطوة على طريق استعادة كامل فلسطين
ختاما لا بد من القول ان على الكل الوطني الفلسطيني التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها مكسبا كفاحيا نضاليا حققه الشعب الفلسطيني بدما شهدائه وحصل على اعتراف عربي ودولي وهي الكيان المعنوي الذي يحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده وممثله الشرعي والوحيد لانه بالحفاظ على المنظمة نحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني
بقلم/ عباس الجمعة