عملية القدس البحرية شكلت نموذجا للمقاومة

بقلم: عباس الجمعة

جبهة التحرير الفلسطينية اسم غني عن التعريف، في ساحة النضال الأرحب ضد الإحتلال والظلم والإضطهاد، وفي عالم الصمود والكفاح، فتاريخها النضالي ومسيرتها المظفرة، هي بحاجة لمن يوثقها ، ونحن اليوم نقف امام الذكرى السابعة والعشرون لتنفيذ عملية القدس البحرية و التي أشرف شخصيا على التخطيط والتنفيذ لها القائد الشهيد ابو العباس الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، هذه العملية التي حملت مجموعاتها اسماء قادة وثوار من حركات التحرر العربية ومن قادة الثورة الفلسطينية وفي مقدمتهم ابو جهاد الوزير وطلعت يعقوب وسعيد اليوسف ، من هنا اقول ان جبهة صنعت من خلال عملياتها تاريخها وسيرة حياة شهدائها وأبطالها، فهي عظيمة، ويجب العمل من أجل حمايتها وصون عظمتها.

ومع ذلك أكتب عن عملية القدس البحرية، لانها شكلت مفخرة لكل فلسطيني، ونحن نسجل بهذه المناسبة بالغ تقديرنا لابطال عملية القدس البحرية من شهداء واسرى محررين ، فهنيئا لجبهة التحرير الفلسطينية، و لشهدائها وأسراها القابعين في سجون الإحتلال الإسرائيلي بانتصار الحركة الاسيرة المناضلة الذي اتى متزامنا مع الذكرى السابعة والعشرون لعملية القدس البحرية .

لقد شكلت عملية القدس البحرية البطولية ثمرة جهد وطني بعد اعداد واشراف من قبل الشهيد القائد الامين العام ابو العباس ورفيق دربه القائد العسكري ابو العز استغرق فترة طويلة ، وتم تحديد التنفيذ والتوقيت استجابة لدموع الامهات وصرخات الاطفال وآلالم الجرحى والاسرى والمعتقلين ، وردا على مجزرة عين قارة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق العمال ، وثأرا لدماء الضحايا ، واستمرارا لخطى امير الشهداء الشهيد الرمز ابو جهاد الوزير ، حيث لقن ابطال الجبهة العدو درسا فريدا من دروس المنازلة على الساحل الفلسطيني ، ورسمت عملية القدس معالم مرحلة نضالية جديدة من مراحل الكفاح ضد العدو الصهيوني على طريق تحرير الارض والانسان وتحقيق الحرية للشعب الفلسطيني.

ان عملية الاختراق كما اراد الشهيد القائد ابو العباس تسميتها كان هدفها اختراق المؤسسة العسكرية المتبجحة بغرورها الأمني و عظمة قوتها العسكرية كما تدعي ، حيث نجح ابطال جبهة التحرير الفلسطينية من تحقيق حق العودة على طريقتهم الخاصة باستشهاد بعض المناضلين على ارض فلسطين واسر الابطال الاخرين، وكان أغلبية ابطال العملية هم من فلسطيني الشتات حيث ضمت المجموعات مناضلين فلسطينيين من العراق و لبنان و سوريا و الأردن و مقاتلين من داخل فلسطين بالإضافة إلى مقاتلين من جنسيات عربية، وحملت العملية اسماء على زوارقها السريعة حطين والقسطل وبورسعيد، واطلق على مجموعاتها صلاح الدين الايوبي ، وعبد القادر الحسيني ، وسليمان الخاطر ، وعدنان خيرالله ، وعمر المختار ، ويوسف العظمة.

ونحن اليوم نقف امام ذكرى مجيدة سطرها ابطال جبهة التحرير الفلسطينية نتوجه بتحية اجلال واكبار لشهداء العملية واسراها المناضلين وللقائدين الشهيدين الامين العام ابو العباس ورفيق دربه ابو العز ولكل المناضلين الذين عايشوا هذه التجربة من مدربين ومشرفين ، ولنؤكد لهم ان هذه العملية شكلت علامة بارزة من علامات النضال الواضح ، كما اعطت اسلوبا مبدعا لتحقيق متطلبات دعم الانتفاضة الاولى الباسلة.

نعم لقد قاتل ابطال عملية القدس البحرية على تراب الوطن فلسطين كما ينبغي ان يكون قتال الرجال واستشهد بعضهم ليمنحوا الشهادة قداستها وقاتل رفاقهم الاخرين حتى الطلقة الاخيرة ليجددوا عهد فلسطين القتال حتى النصر والشهادة.

وعلى هذه الارضية شكل الثلاثين من ايار يوما زلزل اركان الاحتلال ومؤسساته المختلفة وعلى كافة مستوياتها ، وهو يوم ليس ككل الايام في قاموس النضال الوطني الفلسطيني ، وقاموس المقاومة ، ولهذا نؤكد بان جبهة التحرير الفلسطينية التي صقلت التجربة مناضليها وقيادتها شكلت رافعة أساسية هامة للنضال الوطني الفلسطيني ، ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، واستطاعت بتميزها الفكري والسياسي والعسكري أن تسطر لنفسها ولشعبها وقضاياه العادلة تاريخاً مشرقاً ، حافلاً بالعطاء المتميز والمواقف البطولية والعمليات البطولية النوعية.

ونحن اليوم نفخر بابطال عملية القدس البحرية وبكافة ابطال العمليات البطولية لجبهة التحرير الفلسطينية ، هذه الجبهة التي قدمت خلال مسيرتها العريقة الاف من الشهداء والجرحى والاسرى ، وفي مقدمتهم الشهداء القادة الامناء العامين فارس فلسطين ابو العباس وطلعت يعقوب وابو احمد حلب والقادة سعيد اليوسف وحفظي قاسم وابو العمرين وابو العز ومروان باكير وجهاد حمو وابو عيسى حجير وابو كفاح فهد وجهاد منصور ، ولم تتخاذل او تتنازل ، بل كانت السباقة دوما في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن منظمة التحرير الفلسطينية ، وهي اليوم تلعب الدور الكفاحي والنضالي على ارض الوطن كما تلعب دورا رئيسيا في تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .

وغني عن القول نؤكد ان مناضلي جبهة التحرير الفلسطينية وخاصة اسراها الابطال وفي مقدمتهم الذبن تعرضوا للإعتقال وذاقوا مرارة السجن وقسوة السجان الإسرائيلي ، وتميزوا بعطائهم داخل الأسر حتى اليوم ، وشاركوا بفاعلية مع إخوانهم في معركة الحرية والكرامة على مدار اربعون يوما في التصدي لممارسات إدارة السجون ، والنضال من أجل صون كرامة الأسير الفلسطيني والإرتقاء بمستواه الفكري والثقافي والسياسي والنضالي وهم اليوم يحملون أوسمة العز والفخار من أكاديمية الصمود الأسطوري.

أن جبهة التحرير الفلسطينية الذي شكل تاريخها النضالي فخر كبير لكل المناضلين من خلال عملياتها النوعية في ديشوم والخالصة وام العقارب والزيب ونهاريا ونابلس وبرختا والطيران الشراعي وبيسان واكيلي لاورو والقدس البحرية والقدس الاستشهادية وكل عملياتها كانت هذه العمليات مؤشرا على دور الجبهة ونضالها حيث زرع مناضليها بدمائهم في كل شارع ومنحنى وهضبة ومنخفض ومرتفع وشجرة زيتون وحجر ورابية شهيد من شهدائها الابطال في مقاومة الاحتلال الصهيوني والتصدي له بكل الوسائل المتاحة برا وجوا وبحرا حيث كتبت امجاد هذه الامة بارادة صلبة وايمان لا يتزعزع بتحرير الارض والانسان.

وامام هذا الدور العظيم لجبهة التحرير الفلسطينية جاء اعتقال واغتيال الشهيد القائد الامين العام ابو العباس في معتقلات الاحتلال الامريكي في العراق بعد تصفيته من قبل اجهزة الصهيو امريكي لتشكل ضربة موجعة للجبهة ، ولكن رغم ذلك استطاعت الجبهة ان تنهض باوضاعها وان تعيد الاعتبار لمشروعها النضالي من خلال كتائب الشهيد ابو العباس وهي اليوم لا زالت تمتلك الإمكانيات والقدرات على الاستمرار بدورها والتمسك بنهج الشهيد القائد ابو العباس وكل رفاقه القادة والمناضلين.

وفي ظل هذا الاوضاع شكلت الجبهة رافعة أساسية هامة للنضال الوطني الفلسطيني، ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، واستطاعت بتميزها الفكري والسياسي والنضالي أن تسطر لنفسها ولشعبها وقضاياه العادلة تاريخاً مشرقاً، حافلاً بالعطاء المتميز والمواقف ، وقدمت خلال مسيرتها العريقة آلاف الشهداء والجرحى والأسرى في كافة الميادين والأزمنة والمواقع.

لقد شكلت الحركة الاسيرة الفلسطينية بانتصارها تاريخ الصمود والإصرار الشعبي والوطني الفلسطيني، ومدخل التمسك بالاهداف الوطنية الـمشروعة والثابتة نحو الاستقلال والتحرر والعودة.

وفي ظل هذا التحدي الذي مثلته الحركة الاسيرة وفي سياق الانتصار الكبير من خلال تحويل معركة الامعاء الخاوية للأسرى والـمعتقلين الى معركة صمود الشعب الفلسطيني وتصديه للاحتلال ، فلهذا يجب ان نستثمر هذا المعركة بعد الانتصار الى معركة استعادة الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام والتمزق والفوضى ، معركة الارتقاء بتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية حقيقية ورسم استراتيجية وطنية تستند لكافة اشكال النضال الوطني .

في هذه الظروف ان الحركة الاسيرة بانتصارها في معركة الامعاء الخاوية اكدت على وحدة الشعب الفلسطيني خلف حركته الاسيرة في الدفاع عن مطالبها الـموحدة والـمشروعة ، فهكذا تخاض المعارك مع الاحتلال وتُحقق الانجازات بالثبات والصمود على المواقف، لا بسياسة المراهنة على المتغيرات في الإقليم أو على الإدارة الأمريكية فهي سياسة خاسرة ولا يمكن أن تحقق أي انتصار لشعبنا، ، فالإدارات الأمريكية عودتنا أن تكون منحازة للاحتلال وتشكّل غطاءً دائماً له في سياساته العدوانية ضد شعبنا، وخصوصاً في موضوع الأسرى، وهذا يدعونا الى المراهنة على شعبنا وإرادة الصمود لديه ولدى الحركة الاسيرة المناضلة

ختاما : نؤكد ان تاريخ جبهة التحرير الفلسطينية تاريخ ساطع وإرث عريق حمل في ثناياه تجارب عميقة يجب الحفاظ عليها ودعمها ومساندتها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة وفي مقدمتها تحرير الأسرى من سجون الاحتلال بعد انتصار إرادة الأسرى على السجان الصهيوني، والعمل لتوحيد شعبنا وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، والتوافق على رؤية وإستراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال والانتصار عليه، مما يستدعي من جبهة التحرير الفلسطينية ان تشكل من خلال موقعها التاثير المباشر لوحدة كافة القوى الوطنية والديمقراطية في اطار جبهة وطنية متحدة على مستوى النضال التحرري.

بقلم/ عباس الجمعة