عار في الجمعية العامة بتعيين سفير الكيان المحتل نائباً لرئيسها

بقلم: علي هويدي

هي المرة الأولى منذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين عام 1948 بعد تشريد ثلثي الشعب الفلسطيني في أكبر مشروع تطهير عرقي عنصري إحلالي باقتلاع شعب واستجلاب ملايين من اليهود الصهاينة من مختلف دول العالم ليحلوا محل أهل البلاد الأصليين، بأن تصادق الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء 31/5/2017 على "تعيين" سفير الكيان الإسرائيلي المحتل في الأمم المتحدة نائباً لرئيس الجمعية العامة لسنة كاملة تبدأ من أيلول/سبتمبر القادم 2017. الترشيح جاء من مجموعة الدول الغربية في المنظمة الدولية وصوتت معظم الدول الغربية على القرار ومن البديهي أن يكون في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.


والملفت بأن السفير نفسه المُعين كان قد انتُخب السنة الفائتة رئيسا للّجنة القضائية في الأمم المتحدة وكانت المرة الأولى التي يُنتخب فيها شخصية صهيونية لرئاسة إحدى اللجان الدائمة في الأمم المتحدة.


هذا يعني بأن القضية الفلسطينية شعباً وأرضاً ومقدسات أمام سنة فيها تحد ومشقات حتى شهر أيلول/سبتمبر 2018، إذ سيكون للسفير المُعين صلاحية إدارة إجتماعات الجمعية العامة، وسيكون له دور في تحديد جدول أعمال الجلسات، وقال المُعين بأن "محاولات منع إسرائيل من الحصول على المكانة التي تستحقها – ولنضع خطين تحت تستحقها – في هذه المنظمة الدولية ستبوء بالفشل".


والسؤال البديهي، ما الذي حققته "إسرائيل" كي تستحق هذا المنصب الرفيع في الأمم المتحدة؟!، وما هي شهادة حسن السلوك التي قدمتها للمجتمع الدولي كي تحظى بهذا المنصب؟! فهل نبدأ بإحتلال 78% من أرض فلسطين عام 48 وتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية وطرد وتهجير سكانها؟، أم مصادرة ممتلكات اللاجئين الذين لا يزال حوالي 350 ألف فلسطيني منهم مهجر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 ممنوعين من العودة على الرغم من إقامة بعضهم على بعد بضعة مئات من الأمتار عن قراهم؟، أم إحتلال ما تبقى من أرض فلسطين سنة 1967 (الضفة الغربية وشرق القدس وغزة؟)، أم بناء جدار الفصل العنصري؟، أم إنتهاك للإتفاقيات الدولية حول الأسرى؟، أو التنكر لتطبيق قرار الجمعية العام للأمم المتحدة رقم 194 للعام 1948 الذي أكد على حق عودة اللاجئين إلى بيوتهم التي طردوا منها إبان النكبة عام 48 والتعويض عليهم واستعادة الممتلكات؟، أم جرائم الحرب التي ترتكب يومياً في الضفة والقدس من إستشراء للإستيطان واعتداءات المستوطنين؟ أم إعدام المدنيين الأبرياء بدم بارد؟ أم حصار غزة؟ واللائحة تطول وتطول..


الشهادة الحقيقية عن أفعال هذا العدو الصهيوني تأتي من خلال ما تعبر عنه شعوب العالم لا سيما الغربي منها التي تساهم في عزله ونزع الشرعية عنه ولعل حملة مقاطعة الكيان الإسرائيلي "بي دي أس" أبرز دليل، تلك التي تتحرك بمعزل عن مواقف الكثير من الحكومات المخزية التي تتماشى مع سياسة الإحتلال وربما يكون أبرزها ما تحدثت عنه مؤخراً رئيسة حكومة بريطانيا تيريزا ماي بالشعور بـ "الفخر" بإنشاء الكيان الإسرائيلي في فلسطين في تعليقها على حملة مركز العودة الفلسطيني في لندن الذي يطالب الحكومة البريطانية بالإعتذار للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور المشؤوم. من المفترض أن يتوج الحراك الشعبي بالضغط - على الأقل - لطرد سفير الكيان المحتل من المنظمة الدولية.


للأسف من جديد تبرز أنياب المعايير المزدوجة وسياسة الكيل بمكيالين وإختلال موازين القوى في المنظمة الدولية لتشكل وصمة عار بمكافأة المجرم الذي يقتل في وضح النهار، وتأتي هذه المرة في واحدة من أبشع صور النهش والتآمر الدولي على القضية الفلسطينية بإعطاء التعيين "شرعية" لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، لذلك المطلوب وحدة موقف رسمي فلسطيني عربي إسلامي رافض للتعيين من جهة ومن جهة أخرى رافض لسياسة الهيمنة والإستعلاء في الأمم المتحدة، يترافق مع حراك وضغط شعبي عالمي يكون في المقدمة منه فلسطينيو الداخل والخارج.

علي هويدي*
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

بيروت في 7/6/2017