المخيمات الفلسطينية الأزمة القديمة المتجددة تحت المجهر

بقلم: وسيم وني

منذ احتلال فلسطين عام 1948م واغتصاب أراضينا من قبل العصابات الإسرائييلية واحتلال أكثر من نصف أراضينا وتشريد أبناء شعبنا الفلسطيني إلى الشتات والمنافي تقف مخيماتنا الفلسطينية شاهداً على هذه النكبة التي حلت بشعبنا وأرضنا ومقدساتنا ومن خلال هذه الدراسة نسلط الضوء على واقع مخيماتنا في ظل الاحتلال والابتعاد عن وطننا السليب فلسطين .

تشتت اللاجئون الفلسطينيون في هذه البقاع وشكلوا تجمعات أطلق عليها فيما بعد "المخيمات الفلسطينية" ، التي تُعرِّفها وكالة الغوث الدولية بأنها ( قطع من الأراضي خصصت لبناء معسكرات من الخيام لتجميع اللاجئين الفلسطينيين الذين ليس لهم مأوى وليس لهم قدرة على العمل وإعالة أطفالهم وتأمين لقمة العيش لهم وهذه البقاع من الأرض تعود ملكيتها للحكومة المضيفة أو مستأجرة من أصحابها لمدد متفق عليها بين الطرفين )

كما عُرّف معها اللاجئ الفلسطيني الذي يسكن فوق هذه البقاع بأنه : "الشخص الذي كانت فلسطين مكان إقامته العادية لفترة لا تقل عن سنين، قبل اغتصاب فلسطين في عام 1948 مباشرة والذي فقد من جراء ذلك دياره ومورد رزقه وأرضه".

 

وبهذه المعايير والتصنيفات عرّف اللاجئ وعرّف معه المخيم الفلسطيني.

منذ تلك الأيام الأولى لعمليات التهجير الجماعي قامت الهيئات الخيرية المحلية بمساعدة هؤلاء اللاجئين وبقيت على مدار سنتين تتكفل بتأمين الحاجيات الضرورية لهم، إلى أن أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثامن من كانون الأول عام 1949القرار رقم 302 والذي تقرر فيه تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.(الاونروا) وباشرت أعمالها

بالإغاثة في أيار عام 1950. وتسلمت من الهيئات الخيرية وقتها قرابة (60 مخيما فلسطينيا)، بعضها لم يستمر بقاؤه والغالبية أخذت طابعها الحالي وتطورت ونمت

حسب التسجيلات الرسمية لوكالة الأنروا ( وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين) فإن هناك العديد من المخيمات الفلسطينية موزعة داخل وخارج فلسطين كما يلي مع تاريخ إنشائها والبعض منها غير معترف من قبل الأنروا وهي :

أولاً في سوريا :

(مخيم اليرموك عام 1948 / مخيم السبينةعام 1948 / مخيم النيرب عام 1948/ مخيم جرمانا عام 1948/ مخيم حمص عام 1949/ مخيم خان الشيخ عام 1949/ مخيم درعا عام 1950/ مخيم حماة عام 1950/ مخيم خان دنون عام 1950/ مخيم درعا عام 1967/ مخيم قبر الست عام 1967/ مخيم الحسينية عام 1967)

ثانياً في لبنان :

( مخيم عين الحلوة عام 1948 / مخيم البص 1948 / مخيم برج البراجنة 1948 / مخيم شاتيلا عام 1949 / مخيم برج البراجنة عام 1948 / مخيم نهر البارد عام 1949 / مخيم مار الياس علم 1952 / مخيم المية ومية عام 1954 / مخيم البداوي عام 1955/ مخيم البرج الشمالي عام 1955 / مخيم البرج الشمالي عام 1955 / مخيم الضبية عام 1956 / مخيم الرشيدية عام 1963 / مخيم جسر الباشا 1976 دمر / مخيم النبطية عام 1973 دمر / مخيم تل الزعتر عام 1976 دمر)

 

ثالثاً الأردن :

(مخيم الزرقاء عام 1949/ مخيم الحسين عام 1952 / مخيم عمان الجديد عام 1955 / مخيم سوف عام 1967 / مخيم البقعة عام 1968 / مخيم الحصن عام 1968 مخيم أربد عام 1968 / مخيم جرش عام 1968 / مخيم ماركا عام 1968 / مخيم الطالبية عام 1968 / مخيم مادا عام 1968 / مخيم حطين عام 1968 / مخيم السخنة عام 1968 )

داخل فلسطين :

الضفة الغربية :

( مخيم عين السلطان عام 1948 / مخيم عقبة جبر 1948 مخيم دير عمار عام 1949/ مخيم دير عمار عام 1949 / مخيم الدهيشة عام 1949 / مخيم الأمعري عام 1949 / مخيم الفارعة عام 1949 / مخيم الجلزون عام 1949 / مخيم قلنديا عام 1949 / مخيم عايدة عام 1950 / مخيم العروب عام 1950 / مخيم عسكر عام 1950 / مخيم بلاطة عام 1950 / مخيم طولكرم عام 1950 / مخيم بيت جبرين عام 1950 / المخيم رقم 1 عام 1950 / مخيم نور شمس عام 1952 / مخيم جنين عام 1953 / مخيم شعفاط عام 1965 / مخيم بيرزيت عام 1950 / مخيم عين عريك عام 1950 / مخيم قدورة عام 1951 / مخيم سلواد عام 1952 )

 

غزة :

( مخيم الشاطئ عام 1948 / مخيم البريج عام 1949 / مخيم دير البلح عام 1948 / مخيم جباليا عام 1948 / مخيم خان يونس عام 1949 / مخيم المغازي عام 1949 / مخيم النصيرات عام 1949 / مخيم رفح عام 1949 )

 

أعداد اللاجئيين

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الأونروا حاليا نحو خمسة ملايين و 400 ألف لاجئ، غير أن هؤلاء ليسوا كل اللاجئين الفلسطينيين؛ فالكثير من الفلسطينيين رفض التسجيل لدى الأونروا لاستغنائه عن الخدمات التي تقدمها الأنروا ، كما أن الكثير لم يسجلوا بالأنروا نظراً لإقامتهم خارج مناطق عمل الأونروا التي تنحصر في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان.

أما عدد اللاجئين الحقيقي فهو يصل في مطلع سنة 2017 إلى نحو ثمانية ملايين و490 ألفا يمثلون نحو 66.8% من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ 12 مليونا و700 ألف نسمة؛ إذ أضيفت إلى لاجئي 1948 أعداد كبيرة من أبناء الضفة

الغربية وقطاع غزة ”النازحين“ المقيمين خارج فلسطين التاريخية وغير القادرين على العودة إلى بيوتهم. كما أن هناك نحو 150 ألفا ممن هُجِّروا من أرضهم ولكنهم ظلوا مقيمين في مناطق فلسطين المحتلة 1948.

لقد شكّلت المخيمات ومواقع انتشار اللاجئين الفلسطينيين، داخل فلسطين وفي الشتات وعاء وخزان الطاقة البشرية الذي لاينضب في مدَ الثورة الفلسطينية بجميع فصــائلها، وعلى هذا الأساس فإن وجود المخيم بحد ذاته يقض مضاجع الاحتلال ، ويجعل من حياتهم اليومية أرقًا وصداعًا مستمرًّا عنوانه الرعب الذي يُشكّله المعني السياسي والمادي لوجود المخيم ربطًا بالمعنى الذي يحمله تجاه قضية العودة وحقنا بها . ووفق هذا نتلمس كم من عظائم الأمور صنعها صمود أبنا تجمعات اللاجئين في الداخل والشتات.

 

المخيمات الفلسطينية في دائرة الاستهداف وعين الاحتلال عليها :

لقد حاول العدو الاسرائيلي تزوير الحقائق على الأرض، وضغط على المؤسسات الدولية لطمس الأرقام الحقيقية لعدد اللاجئين، وعندما لم يستطع تابع منهجه القديم الحديث ولاحق اللاجئين في مخيماتهم، فتعرضت تلك المخيمات للمجازر والتفريغ والتشتيت مرات عدة ونتيجة لهذه الغطرسة الإسرائيلية وجدنا أن بعض المخيمات الفلسطينية غابت عن الخريطة تماما وذلك إما بالتدمير المباشر، أو غير المباشر كما حدث في مخيمات سوريا والعراق في خطة اسرائيلية خبيثة لإلغاء حق العودة والبحث عن وطن بديل .

لقد دمر عدد من المخيمات الفلسطينية نتيجة لنكسة حزيران، وأفرغت من سكانها مثلما حصل لمخيم "النويعمة" الذي لم يبق فيه أحد، وهجر معظم اللاجئين في مخيم "عين السلطان" ومخيم "جنين" في الضفة الغربية، وارتكبت المجازر في مخيمات خان يونس ورفح ودير البلح وغيرها من مخيمات قطاع غزة.

 

 

المخيمات الفلسطينية وواقع الخدمات فيها:

هذه هي مخيماتنا الفلسطينية المنتشرة على أرض فلسطين وفي دول الشتات الفلسطيني لقد طالعنا أسماءها و نشأتها، وما حل بها وما بقي منها.

في هذه المخيمات ومنذ عام 1948م عانى فيها شعبنا الفلسطيني ما عاناه حتى وصل إلى هذه الصورة التي نراها الآن.

إن من تولى الإشراف المباشر على الخدمات الأساسية والإنسانية إبان النكبة حتى تأسيس وكالة الغوث الدولية، هم الهيئات الخيرية كممثلين عن الشعوب العربية المضيفة. وقدموا خلال ذلك الخدمات الأساسية من مأكل ومشرب وبعض الألبسة والأغطية والخيام.

ومنذ العام 1950 وفي شهر أيار بالتحديد، بدأت الوكالة الإشراف الكلي على المخيمات الفلسطينية وعلى مجمل اللاجئين الفلسطينيين فأخذت بتنظيم هذه المخيمات، وعينت مشرفين وعمال نظافة وأمنت الخدمات الضرورية لهم كالماء ودورات المياه والقنوات العادمة، وغير ذلك من الخدمات السريعة.

أما المساكن التي آوت المهجرين من فلسطين فكانت الخيام، ثم استبدل عوض عنها بغرف مبنية من الطين سقوفها من القصب والخشب وحصائر القش والتراب، وقد بنت وكالة الغوث الدولية بعض هذه الغرف وبنى اللاجئين أنفسهم الجزء الآخر، وذلك إما بمساعدة نقدية أو عينية من الوكالة أو دون مساعدتها، وجرى في كثير من الحالات تحسين الغرف أو الأكواخ القديمة وإضافة غرفة أو مطبخ أو حمام عليها، أما دورات المياه فكانت مشتركة وموجودة في الشوارع الرئيسة إحداها للنساء والأخرى للرجال، ومع تطور الزمن أصبح لكل عائلة حمامها الخاص بها وداخل مسكنها.

أما المياه فكانت تمدد للمخيمات عبر صنابير تمتد خارج البيوت، ومن ثم ينقلها الأهالي حاملينها إلى مسكنهم.

بعد ذلك تطورت وأقيمت شبكة مياه أوصلت المياه إلى داخل البيوت، ومثل المياه كانت الكهرباء، حيث قدمت الوكالة بالتعاون مع البلديات المجاورة شبكات الكهرباء التي أوصلتها إلى المنازل كافة، كما أنشأت الوكالة من أجل المعونات الغذائية والإعاشات، مركز توزيع المعونات الأساسية ومركزاً للتغذية خاص بالأطفال، إضافة إلى بعض المراكز الصحية والمدارس وقد قامت الوكالة أيضا بتقدم الخدمات البيئية كالتخلص من النفايات وإنشاء الطرق والممرات والمجاري

وغيرها مما يخدم نظافة المخيم وصحته، هذه البدايات كان لها الأثر الكبير في تخفيف وطأة المعاناة ومرارة التشرد.

وإذا ما قمنا بنظرة تفحصيه لواقع المخيمات اليوم نجد أن الواقع العام في كل المجالات تقدم ولكن ليس بالمستوي المطلوب فنجد قصص كثيرة من المعاناة التي يرزح تحتها أبناء شعبنا في هذه المخيمات.

 

الواقع التعليمي:

يتألف برنامج التعليم الأساسي لوكالة الغوث في المخيمات من مرحلتين مجموعها تسع سنوات المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية ، إلا أن بعض المخيمات تتعدى خدمة الوكالة فيها إلى المرحلة الثانوية كما في لبنان وبعض مخيمات غزة إضافة للتعليم المهني.

وإذا ما طالعنا واقع التعليم في المخيمات الفلسطينية فإننا نقف عند بعض الأمور السلبية و التي من شأنها إعاقة الوصول إلى الحالة المثلى في عملية التعلم، وأبرز هذه المعوقات والتي سأذكر بعضاً منها تتمثل بما يلي:

- اكتظاظ الصفوف في مدارس الوكالة في المخيمات الفلسطينية( وهنا نسأل عن جودة التعليم ) .

- أكثر مباني المدارس في المخيمات تفتقر إلى المواصفات الخاصة بالمدارس الحديثة من ملاعب وتجهيزات حديثة.

- تدني نسب النجاح في المدارس حيث وصلت النتائج الحد الأدنى لها في لبنان، فهبطت إلى 49%، بينما بلغت في سورية أعلى مستوى لها 91% خلال السنوات السابقة وطبعا في سورية تراجعت النسبة بسبب الأزمة فيها .

- انتشار ظاهرة التسرب من المدارس بسبب اتجاه الطالب إلى العمل مبكرا نظراُ للظروف التي تعاني منها عائلته.

- تراجع عدد المدرسين قياسا إلى عدد التلاميذ من اللاجئين في المخيمات الفلسطينية.

الواقع الصحي:

ويواجه اللاجئون في كل منطقة صعوبات صحية مختلفة يمكن تلخيص أبرزها في الآتي:

 

 

قطاع غزة

· تدهور البنية التحتية.

· الهجمات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال.

· الحصار المفروض على القطاع وإغلاق معبر رفح.

· انقطاع التيار الكهربائي.

· الفقر وانعدام الأمن الغذائي يؤديان إلى عدم تمكن غالبية سكان قطاع غزة من تلبية احتياجاتهم اليومية من السعرات الحرارية.

· أكثر من 90% من المياه في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري.

· الظروف السيئة تؤدي إلى معاناة الكثيرين -ومن بينهم أطفال- من القلق والاكتئاب

 

الضفة الغربية

· التعرض المنتظم للعنف الإداري والجسدي على يد الاحتلال الإسرائيلي.

· ارتفاع مستويات الفقر.

· ارتفاع الاكتئاب والعنف في المدارس والمجتمعات المحلية والمنازل.

· تعتبر الأونروا أن الصحة النفسية للاجئين في المخيمات أو المنطقة "ج" أو المناطق المتضررة من الجدار الفاصل أكثر عرضة للمخاطر.

 

الأردن

معظم اللاجئين الذين لم ينالوا المواطنة، مثل أولئك النازحين من قطاع غزة إثر حرب 1967، يواجهون قيودا وصعوبات في الحصول على الرعاية الصحية، مما يجعل صحتهم معرضة للمخاطر بشكل كبير.

 

لبنان

· توجد قيود مشددة على عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مما ينعكس سلبا على وضعهم المادي والصحي.

· اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يتأثرون بتوتر الأوضاع الأمنية ويدفعون ثمن هذه الاضطرابات كما حدث في أحداث مخيم عين الحلوة الأخيرة .

 

سوريا

· أدت الأزمة في سوريا إلى تراجع الوضع الصحي للاجئين الفلسطينيين بالرغم من تقديم المستوصفات والمشافي في سوريا العلاج بالمجان للاجئين الفلسطينيين بدون تميز بين السوري أو الفلسطيني .

 

 

إذًا، في النهاية لا بد من القول أن الأوضاع الإنسانية السيئة التي يعاني منها اللاجئ الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات من أزمات اقتصادية خانقة نتيجة الأزمات التي تعصف بوطننا العربي وفي ظل الانقسام الفلسطيني ، وعدم استقرار الوضع المعيشي، كل تلك الأمور ساهمت وتساهم في تردي حال اللاجئين الفلسطينيين ما دفع بعضهم للسفر والهجرة بقوارب الموت ومنهم من وصل إلى تلك البلاد باحثاً عن الوطن المفقود والعديد منهم ابتلعتهم مياه البحار بينما آخرين لم يجدو أنفسهم إلا وسط هذه المعاناة حيث تمر عليهم الأيام في ظل هذا الواقع المرير، ومما لا شك فيه أن الفشل في سد الفجوة الكبيرة في توافر فرص التعليم سيكون ثمنه باهضًا، ليس على مستوى اللاجئين فقط بل على منطقة الشرق الأوسط ككل. فعندما أنظر إلى وجوه هؤلاء اللاجئين الشباب وأفكر بأنه قد لا تسنح لهم الفرصة أبداً بأن ينالوا من هذه الحياة ما يستحقونه أو أن يساهموا في مستقبل منطقتنا، يتملكني شعور كبير بالخسارة خسارة ليس لنا فقط، بل للعالم أجمع

إعداد الأستاذ وسيم وني