أبعاد استمرار الازمة الخليجية

بقلم: هاني العقاد

قد لا خليجية بل عربية اسلامية تعصف بالمحيط كله وتفتح حدود العرب للغرب وتصبح المنطقة كلها مقسمة الى نفوذ لدول كبري بالعالم كالولايات المتحدة وروسيا وتركيا و بريطانيا وايران , وهناك بعض الدول الأخرى التي تدور في فلك تلك الدول الكبرى سوف تصطف الى جانبها  وتسخر كل ما تملكه لخدمة مخططات  تلك الدول الكبرى وهذا في نظري مقدمة لمواجهة كبيرة قد تؤدي الى حرب عالمية ثالثة في نهاية المطاف , الخشية ان يصبح العالم العربي غير عربيا والعالم الاسلامي لا يستطيع الدفاع عن ذاته ولا عن كينونته الاسلامية الواضحة في حرية واستقلالية وكرامة اراضيه   , تتطور وتتصاعد الازمة الخليجية بشكل دراماتيكي مخيف ينذر بسيناريو التقسيم والوصاية , قطر تعتبر نفسها على حق والسعودية ومصر يعتبروا قطر تعبث بأمن المنطقة العربية وتقود ادوار مشبوهة بين ثنايا العالم العربي  . خلاف كبير اليوم بين الاخوة العرب مجازا فلم يعودوا اخوة بحسب راي  فقد تم التفريط في العروبة  وباع من باع و اشتري من اشتري واستبدل من استبدل  , بل يترصد البعض للأخر و يتأمر  الاخر ضد البعض ويدفع الكل من ثروات عالمنا العربي للأجنبي ليرسل الرجال والسلاح ويؤسسوا قواعد عسكرية تؤثر على استقلال البلاد وحريتها وسلامة اراضيها .

لعل ما يجري بالخليج العربي يعتبر من اخطر التهديدات التي حدثت حتى الان للهوية العربية و الخليج العربي بالمجمل كأكبر واثري منطقة بالعالم والتي يمكن ان تتحكم في كل الاسواق العالمية , ولعل ما يجري سيؤثر على الكل  العربي  الذي نال من أراضيه الارهاب و صنع به ما صنع و قسم أراضيه الى دويلات  واحدث تغيرات كبيرة في الجغرافيا وحتى الدين و المذهب شئنا ام ابينا , ما يجري بالخليج سيكون له تأثير مباشر على القضية الفلسطينية  وهي القضية الام قضية العرب و قضية الشرف , وقد يكون هذا هو الجو المطلوب لتصفية هذه القضية واعتماد المحتل صديقا ابديا بلا حقوق حقيقية للشعب الفلسطيني  بل و الاعتراف بقومية هذا المحتل بدولة يهودية على تراب فلسطين ,  وعلى الاقل فان ملف الخليج اليوم اصبح من اولويات اهتمام العالم العربي والاسلامي ويصبح ويمسي على طاولات رؤساء امريكا و روسيا و ايران واسرائيل , وهنا يتراجع اهتمام العالم بالملف الفلسطيني واهمية ايجاد حلول عادلة للصراع يحقق من خلالها الشعب الفلسطيني مصيره في وطن مستقل وعاصمة ابدية  لكل الفلسطينيين على امتداد وطنهم والشتات , المؤكد ان اهتمام العالم العربي بتوفير كل عوامل الصمود للفلسطينيين في وجه ما ينتظرهم يتدنى وقد ينعدم كليا وتركوا يواجهوا مصيرهم بأنفسهم وبالتالي فان الصراع لم يعد عربيا  إسرائيليا بل اخرج العرب انفسهم من هذا الصراع , وما دورهم الان الا الدفع باتجاه اي حل سياسي لينتهي هذا الصراع المؤرق لهم وللعالم ,وقد لا يكون المطلوب من العرب اليوم على المستوي الدولي سوي توفير الغطاء الاقليمي لأي مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتوفير دعم عربي لأي مقترحات امريكية سياسية لأنهاء القضايا الكبرى بين الطرفين .

يبدوا ان نهاية الازمة الخليجية ليست قريبة ولا توجد مؤشرات لذلك بسبب التدخل الخارجي وفتح البلاد العربية لأنشاء قواعد عسكرية وكبيرة في عمق تلك البلاد , وهذا يعني ان قوي خفيه  تدفع باتجاه بقاء الازمة وعدم ايجاد حل توافقي لها وعدم الزام قطر بالخط العربي العام و التماثل للمزاج العربي والخليجي بل وتسعي باستمرار لتأجيج الازمة وقد  تدفع باستصدار قرارات دولية تعمق الازمة  , واخشي ما اخشاه ان مبرر محاربة الارهاب هو مفتاح كل ابوب  المنطقة العربية  الذي تستخدمه كل تلك القوي  لأنها وظفت  الإرهاب ليهدد العالم العربي بشكل خاص وان تجفيف كل منابع دعم الارهاب باتت استراتيجية كبيرة , والمهم والذي لا شك فيه ان اي خطوة كانت تخطوها قطر  باتجاه توظيف المال والاعلام لدعم بعض الجماعات المتطرفة  لم يكن الا بتنسيق امريكي وتحت مفاهيم سياسية تم صياغتها بدقة متناهية  لاستيعاب وتوظيف الاسلام السياسي لخدمة اجندات غربية كبيرة , ولابد من التوضيح ان الغرب تمكن من استخدام مصطلح الربيع العربي وسقط من سقط على طريق هذا الربيع ومن ظل متماسكا اصبح الان امام مخطط لتقسيمة الى مناطق نفوذ وبطلب منه وبإرادته بل  و وضع كل  الثروات التي يمتلكها هذا العالم تحت تصرف من جاء يدعي الحماية .

ابعاد استمرار الازمة الخليجية كبيرة ومعقد ومخيفة في نفس الوقت ولابد للعالم العربي ان يدرك ان هذا جزء من المخطط الذي بدأ منذ اكثر من عشر سنوات ابان بوش الابن الذي قال بعد احداث 11 سبتمبر 2000 "اننا سنصحح خطا الرب وسنعيد تقسيم الثروات الطبيعية و يقصد بها ثروة البترول و الغاز في منطقة الخليج العربي " ولعل ادراك هذه المخططات تتطلب عمل عربي مسؤول  لإعادة صياغة  استراتيجية توظيف هذه الثروات واستخدامها لما فيه خير العرب وحماية بلدنهم وهويتهم , فلابد لحكام قطر ان يدركوا انهم استخدموا كأداة  لتنفيذ مخطط  تخريبي كبير ولابد لملوك العرب و رؤسائها ان يدركوا انهم ايضا يستخدموا الان  لاستكمال باقي المخطط  وهذا يلزم العرب  و يوجب عليهم  التحالف كقوة كبيرة  في وجه هذه المخططات و وقف السعي لتحالفات جديدة تكون على حساب بلدانهم وثرواتهم والمهم انها ايضا على حساب القضية الكبرى قضية العرب الاولي قضية فلسطين  وقدس الاقداس و اولي القلبتين وثالث الحرمين

بقلم/ د. هاني العقاد