لقد أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته للشرق الأوسط وسط أجواء من الحفاوة والدعم والتحالف ووضع خارطة طريق لكبح جماح الفوضى الخلاقة التي دعت لها إحدى الإدارات الأمريكية سابقا حيث حققت الهدف المرحلي منها وهو تفريغ الطاقات وتوجيهها وفق الرؤية الأمريكية
ولقد حضر عدد كبير من زعماء الدول العربية والإسلامية للمساهمة في ترويج المخطط الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي من أهم أهدافه دمج دولة الاحتلال الإسرائيلي فيه وإنهاء القضية الفلسطينية كون بقاؤها يؤثر على مثل هذه المشاريع
إن دول الخليج العربي لم تكن للحظة تسير بمنأى عن السياسة الأمريكية لاسيما المملكة العربية السعودية ودولة قطر نفسها فهل تجاوزت قطر الدور الوظيفي لها وبالتالي هو دور جديد يتعلق بدمج حركة حماس في مشروع الشرق الأوسط الجديد واحتوائها كبداية لإضعاف زخمها الجماهيري وقتلها بالسم البطيء ومن ثم إنهاء وجودها
في حقيقة الأمر ترددت كثيرا قبل الكتابة في الأزمة القطرية وما شعرت به هو أن مفرداتها غائبة ما زاد من طلاسمها وغموضها ولكن بدأت تتكشف الأمور من خلال حصر مساحة المناورة لحركة حماس وذلك بخروج قياداتها أو بعضهم من قطر إلى مناطق كـلبنان باعتبارهم من أسباب المشكلة القطرية مع دول المحيط
ولربما بعد ذلك جاءت الخطوة الثانية بزيارة وفد حماس لمصر وما يسمى بالتفاهمات التي تمت بين محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح ويحيى السنوار رئيس حركة حماس بغزة وفقا للتسريبات المتاحة
يتكلم فحوى اللقاء عن المصالحة المجتمعية ويستوقفني هنا طلب من القيادي بحركة حماس الدكتور أحمد يوسف لحركته بالاعتذار للشعب الفلسطيني جراء أحداث عام 2007 لأن هذا اللقاء الثنائي إن صح يعد سببا قويا تجاه حالة الاعتذار المفترضة لأنه كان سببا قويا في الانقسام الدموي
توالت الأحداث فقد كانت القمة العربية الإسلامية الأمريكية ومن ثم مقاطعة قطر من قبل محور المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات وفي الوقت نفسه استقبال مصر لحركة حماس ورعايتها لاتفاق بين وفد الحركة مع محمد دحلان
بكل تأكيد الأمر يدعو للتعمق في التحليل لماذا إذن مقاطعة دولة قطر طالما أن من أهم أسبابها احتضانها لحماس حيث جاءت القاهرة لترعى معها مثل هذا الاتفاق
هنالك الكثير من علامات الاستفهام خلال الفترة الماضية حول ما يدور في البيئتين الإقليمية والفلسطينية من حراكات قد يكون له تأثيرات سلبية مباشرة على الوضع الفلسطيني الداخلي وهي على النحو التالي
أولا التقارب بين حماس ودحلان إلى حد ما برعاية مصرية في الوقت الذي كان المحور المصري السعودي الاماراتي مستاء من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لعدم التعاطي مع ملف المصالحة في داخل حركة فتح مع محمد دحلان وفي هذه الفترة كثرت المشاريع المناهضة لسياسة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ناهيك عن مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية كمشروع تسمين غزة
ثانيا التقارب المصري السعودي الأردني في مناسبة أخرى مع الرئيس محمود عباس بفعل سياسة التواصل من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معه مؤخرا وما تلى ذلك من اجتماعات سواء على مستوى القمة العربية في الأردن أو على مستوى القمة الثلاثية بحضور مصر والأردن تمهيدا للقاءات عربية أمريكية
ثالثا القمة العربية الإسلامية الأمريكية والدعوة لمحاربة الإرهاب وما ترتب على ذلك من مواجهة لدولة قطر رغم أنها كانت جزءا من القمة باعتبارها حاضنة لبعض الحركات الاسلامية وبخاصة حماس ومن ممولي الإرهاب على حد قولهم وكان للرئيس محمود عباس حضور فيها
عل أية حال المعطيات السابقة تبين حالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة الإقليمية وتبرهن على أنه لا أمان للسياسة والسياسيين
إن الأزمة الخليجية تظهر ذلك ولربما هذه الأزمة مفتعلة وتمارس دولة قطر دورا مهما فيها وكل هذا يؤكد المضي بولادة الشرق الأوسط الجديد والذي من أهم سماته تفتيت التنظيمات الاسلامية واحتواء دولة الاحتلال الاسرائيلي
إن اتفاق محمد دحلان وحماس إن صحت أخباره يضعنا أمام مفترق طرق تمهيدا لمرحلة جديدة قد تدفع باتجاه المصالحة مع الرئيس محمود عباس أو مقاطعته إن أصر تمهيدا لإقصائه وما فعلوه مع قطر ليس ببعيد عن الرئيس محمود عباس
أحمد أحمد مصطفى الأسطل