غزة التي تتلظى بنار الفقر والحصار والظلم الوطني والظلم القومي والدولي، هي تلك غزة التي يعرفها الجميع وهللت لها جموع الشعب العربي لصمودها في وجه العدوان ووقف العالم بشعوبه المتحضرة مذهولاً من اسطورة الصمود لهذا الشعب
لا تحدثني عن فصيل في غزة، وحكم فصيل وفصائل وما حولهما وما بينهما وما يدور في أروقتهما ولكن حدثني عن اهل غزة، عندما يكون هذا الشعب هو في محل ابتزاز لمدنييه ولمعيشته ولأبنائه ولأطفاله وشيوخه ونساءه، حدثني عن هذا الشعب الذي أصبح في مربع المراهنة على تركيع الشعب الفلسطيني من خلال التبرير بحكم فصيل يحكم 2مليون فلسطيني يتهمون بالإرهاب هذا هو القاموس الجديد، فالقاموس الجديد والقديم يتهمون الشهيد الفلسطيني بالإرهابي، هكذا كانت السيرة وهكذا كانت لغة الاحتلال الإرهابي الصهيوني في عملية اسقاط للغتهم وتاريخهم الدموي على أرض لم تكن يوماً أرضهم، ولم تكن تاريخا لمجدهم
ربما في النظريات الأمنية لا قيمة لأوجاع الشعوب في نظرياتهم وعندما تكون القصة متعلقة بنظرية الأمن الصهيوني فلابد أن يجوع اهل غزة أو يجوع ولأن فصيل يحكم وبأي مقاييس إنسانية أو دولية او قومية يحكم على 2 مليون فلسطيني بالتجويع والموت البطيء لمجرد متغيرات في ساحة عربية مختلطة وفوضى عربية، لم يكن للإنسان الفلسطيني فيها شأن، ولم يكن للفلسطيني فيها طموح غير الوحدة العربية وناصرية القومية العربية وحلم تحقيق الوحدة من المحيط إلى الخليج، لم يكن حلم الفلسطيني يوما أن يعبث بأرض عربية، لا يهمني ما يقال عن هذا الفصيل أو ذاك، أتحدث بتجرد كفلسطيني يعيش بين 2 مليون فلسطيني من اخوتنا وأحبتنا وأقاربنا وأبناء شعبنا.
ما هذا الحكم الجائر، ربما يخطط المخططون لكي ينبطح الشعب الفلسطيني على بطنه وتصرخ أمعاءه من الجوع ويبكي أطفاله ليلاً نهاراً أمام بعض من الحصا في ماء لكي تطهيه أمه في لحظة تخيل وصبر بأن هناك أملا في الحياة وأملا في الغذاء، هم هكذا يخططون.
يتوافق تجويع غزة على مائدة الصفقة الكبرى لترامب فتقطع أموال الشؤون الاجتماعية عن الأسر المغلوبة على أمرها، وتقلص العمالة في وكالة الغوث للاجئين، وتحرم أكثر من خمسين ألف أسرة من المساعدات العينية، كله حصار في حصار في حصار وتخفض خطوط امداد الكهرباء لغزة وتستخدم سلطة عباس كل امكانياتها لعدم دخول الوقود المصري لغزة لتشغيل المحطة ويهدد عمال محطة الكهرباء ان قاموا بتشغيلها وتقطع رواتب وتخفض رواتب ويحرم الاسرى المحررين من رواتبهم وتفرغ حركة فتح من كادرها وقياداتها المناضلة وبعد ذلك يقفون امام أي شعاع نور سيدخل لغزة بالتوافق الوطني بين تيار القائد الوطني محمد دحلان وقيادة حماس الشابة الجديدة .
ولكن نقول وأمام تصريحات العدو المتتالية بهجوم متوقع اكتساحي على غزة وحصار مطبق، ربما تتغير الأمور بأن يتزحزح الفصيل الحاكم عن حكمه، وعن نظرته الحزبية في الحكم، فهل كان هذا التوقع لكي تعود الحركة الوطنية إلى أشدها في قطاع غزة؟؟؟!!، أم تناغما وتناسبا مع مخططات ترامب والسياسية الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة لكي يصاب هذا الشعب بخنوع بعد محطات يأس ويأس ولإنهاك الحركة الوطنية كلها ولتمرر ثوابت الرئيس عباس على غزة ، وهم المعترفين بالعدو الصهيوني ويصفونه بأنه دولة لا يمكن نزع شرعيتها من الوجود، وهي على حساب أملاكنا ووطنيتنا وتاريخنا في فلسطين، إنها قضية اللاجئين الفلسطينيين التي يتم تداولها الآن وبشكل جادي، في سوق المزايدات والبيع والهجرة والتهجير والقتل والتطفيش، أو ما يقال التعويض، وبشكل معاكس ومنافي لكل القوانين الدولية ذات الصلة وذات العلاقة التي تخص الحقوق الفلسطينية.
غزة تتألم يومياً والأحوال تسوء فيها يوما بعد يوم، هم يحاصرون فصيل، ونحن نقول لهم أنكم تحاصرون شعب، ربما حصار الشعب لكي يكون ورقة ضغط على هذا الفصيل لكي ينتهي حلمه بالسلطة، ولكن إنها المأساة، فهناك مطلب وطني وهي فلسطين، كل فلسطين، لا حلول ولا دولتين ولا نصف دولتين ولا سلطة تؤدي غرض الحلم الفلسطيني الذي دفع من أجله الفلسطينيون آلاف الشهداء وآلاف الجرحى والمعاقين والأسرى.
إحذروا هذا الشعب المحاصر، من لحظة الانفجار العظيم، فالرجولة والرجال أسالوا عنها غزة، واسألوا أيضا عن التضحية، واسألوا عن خنساء فلسطين، ستجيبكم بأنها غزة العظيمة التي سيأتي من هذا الحصار إنفجار عظيم على أعدائها أينما كانوا وأينما شطحوا وأينما فكروا وأينما دبروا.
هذا هو الإنفجار العظيم الذي سيتجه اليه الفلسطينيين تقودهم أمعاؤهم الخاوية ليس لحالة الإستسلام بل لحالة العناد الثوري والالتحام المجتمعي والوحدة في المصير في الموت والحياة، سيتجهون إلى العدو الصهيوني مزلزلين كيانه الذي يرتعد من غزة ومن شعبها بأكمله، لا تقولوا لي القبة الحديدية فقد صرح العدو الصهيوني اليوم أن مليون صهيوني تحت رحمة الصواريخ والسواعد الوطنية الفلسطينية بكافة مشاربها الفكرية والقتالية هو لن يدخل حرب شاملة في غزة، ولأن تلك الحرب ستكون هي معركة التحرير الحقيقية التي لم نستخدمها منذ زمن، ولكن غزة إذا استمر حصارها هي التي ستبدأ بمعركة التحرير بشكل مبكر، ليس بفصيل ولكن بشعب، كما قلت لكم بشبابه بشيوخه بنسائه بأطفاله.
أما غزة، فلقد قلنا مراراً أن أمام هذا الحصار العظيم الذي يتزايد يوما بعد يوم، قلنا لمن يحكمون غزة بأنكم يجب أن تنزلوا من فوق الشجرة وتنتبهوا أن معركتنا طويلة وامتدادنا عربي، وعمقنا عربي، فلا معنى لوجودنا بدون إخوتنا العرب، لا تقودنا شرذمة أو شرذمة الآخرين، فيجب فتح الأبواب المغلقة، وعندما تكون القضية هي فلسطين والشعب الفلسطيني يجب أن يتنازل الجميع وينزلوا من فوق أغصان الشجرة وارفة الظل، ولأن معركتنا مازالت حمراء مع العدو، قلنا لا مساس لمشروع المقاومة والكفاح المسلح، وهذا ليس مرتبطا بحماس وحماس فقط، بل هناك فتح الكفاح المسلح، وفتح الانطلاقة والعاصفة وكتائب شهداء الأقصى، ربما هي خلايا نائمة لظروف سياسية وأمنية، ولكنها بالتأكيد ستكون موجودة في أي ميدان يفتح لمعركة التحرير بعيداً عن المناورات السياسية الهزيلة، قلنا:
يجب أن يشارك جميع الفلسطينيين في حكم غزة بوجوه لا فصائلية وبوجوه أكاديمية تفتح فيها مراكز الأبحاث العلمية وتأخذ دورها القوى الشعبية في ظل تعبئة وطنية كاملة وفي ظل ثقافة وطنية ميقظة للخطر القادم ومضادة لما صنعوه من ثقافة أوسلو، قلنا أن غزة يجب أن تكون طليعة المشروع الوطني مادامت هي نصف محررة، أو ربع محررة، وفيها ديناميكية ولو قليلة للعمل، باختلاف الواقع في الضفة الغربية بسلطة مكبلة بآلات الإحتلال وبإرادته، قلنا يجب أن تكون هناك حكومة ومؤتمر شعبي يطوف الدول العربية لشرح أبعاد الموقف الفلسطيني ودور غزة في هذا الموقف، يجب أن يخاطب الشعوب العربية، ويجب أن يخاطب الجهات الرسمية، قلنا أن الفتحاويون هم وطنيون باستثناء القابعين والمؤسسين لنهج المقاطعة الذي أقصى الفتحاويين من عملهم وأبعدهم عن مصدر القرار، وقطع رواتبهم ونكل بهم ماديا ومعنويا، قلنا هم الفتحاويون معنيين بأن تنهض غزة وأن تواجه غزة كل أعدائها وبالتأكيد هم الصهاينة وعملاء الصهاينة، هذا هو الموقف وغزة نحو الانفجار العظيم إذا استمر الحصار على أعدائها وبالتأكيد العدو الصهيوني
سميح خلف