تحدث الكثيرون عن دحلان وعملت ماكينات اعلامية ضخمة لشيطنته وكأنه باع صفد وباع حائط البراق ، وغيره وغيره من الاتهامات التي لا حصر لها وان حدثت مشكلة في جزر الكاريبي تحركت الماكينة لتؤشر على دحلان ، وان حدثت فوضى في أي بلد فالمتهم دحلان ..!! وان تاجر المتاجرون بالقضية وهم معروفون ، وكثيرون ايضا سلوكا وممارسة وتهافت وانتقال من تنازل الى اخر ، ولكن ما من مرة الا وباءوا بخسارة وخزي وفشل .
تأخذنا سيرة محمد دحلان لكي هذا الشاب الذي صنع مستقبله الوطني والانساني من داخل بوتقة الشعب الفلسطيني ومن معاناته وعذاباته والاحساس بأزماته وبفقراءه ايضا ، لم تتعلق عيناه بالفضاء والفراغ ، بل كان مسؤولا عندما يرى جزء من شعبه يظلم وفي كل شيء وفي المخيمات التي نشأ وترعرع في احضانها وما تحدثه عن الازمات الا تنهد بعمق ضلوع صدره ، وبرغم ان الكثيرين حمّلوه وزر مراحل واخطاء وفساد عاث في الارض سنينا وقبل ان تشق قدماه الناهضتين في شوارع خانيونس وازقتها ، ولكن قد ادرك كل معاني الحياة ومعانيها في المخيم لتأخذه الى سنيين فقد فيها الاهل الارض والسماء انها النكبة ، فكانت الوطنية الفلسطينية ما قبل 67م لتنسج من خلاياه معاني نسيان الذات والتضحية ولترسم معركة خانيونس الباسلة في التصدي للعدوان عام 67م الخطوط العريضة والتفاصيل لشخصية المناضل .
محطات صنعت القائد فالشعوب وارادتها وانجذابها هي من تصنع القائد التي ترى فيه المنقذ من ماسيها وعذاباتها واحزانها وترى فيه من يحقق لها حُلمها في العيش الكريم والحرية والانعتاق .
عندما تحدث الكثيرون عن دحلان فهو يستحق ولأنه طفرة ولذلك ستجد البعض وليس غريبا ان يتهمه بالعجب العجاب والبعض يرى فيه القائد الوطني بخطوطه السياسية والانسانية معا ، ومن هنا خاض دحلان معركته مع كل مناوئيه وخصومه ، ومناطق فراغ وعثرات تبرهن عجز القائمين على البرنامج السياسي والوطني ويجب ان تملء بقدرة واقتدار وقوة .
تمر القضية الفلسطينية في اسوء اوضاعها ومناخاتها منذ النكبة وما كان يحلم به من دولة فيما تبقى من الارض التاريخية تأكل لمسببات مختلفة اهمها سوء الاداء والمحتقن بالأحقاد والمنهجية الموجهة للسيد عباس وظاهرة الانقسام التي جاهرهم فيها وبحقيقتها محمد دحلان في المؤتمر السادس ، وليتصاعد الاستهداف الموجه ايضا ضده من كل الاطراف ، ولكن الايام تكشف ما يخبأ ولو بعد حين ، فالمطلوب رأس الحركة الوطنية بعدما انهوا دورها ووجودها في الضفة لتصوب الاسهم نحو غزة وبكل التفاصيل والظواهر التي يعيشها اهلها والمطلوب ايضا انهاء بقايا من المشروع الوطني ولنؤكد متجهات الادارة الامريكية السياسية والامنية المتكررة من خلال مستشاري ترامب ومستجدات قاتلة للفلسطينيين ووعود بإعطاء السلطة مزيد من الصلاحيات وتفاوض ليس له وعاء زمني وبدون شروط مسبقة ليخرج المتحدث باسم البيت الابيض الامريكي ليحدثنا بان السلام يحتاج لوقت طويل متدرج وعلى ان تثبت السلطة جدارتها في لجم التحريض والعنف ...!ّ
مقدمة لابد منها لترسم لوحة متكاملة ، ولماذا غزة ..؟؟ في بوز المدفع ، وفي حسابات المعادلات الاقليمية ومؤثراتها على الايقونة الفلسطينية وامتداداتها الدولية ، اذا يجب الحفاظ على الوطنية الفلسطينية المهددة بالتوافق الوطني اولا في غزة التي تعاني منذ اكثر من عشر سنوات حصار في كل النواحي والتي تصل الى جرائم انسانية فينهض الفارس الفلسطيني لينتفض ليلبي طموحات شعبه في غزة وان لم يبخل على شعبه في الساحات الاخرى انها انتفاضة الوطنية الفلسطينية التي من خلال فارسها ستكسر القيود وستفتح الابواب المغلقة بحنكة وقدرة وذكاء .
بالتأكيد ان ازمتنا الوطنية لا تتلخص في الكهرباء والوقود والمعبر ولكن عملية افاقة الشعب لابد منها وضرورة حتمية بعد الصدمات المتتالية لكي يتم القفز للخطوة التالية لمعادلة وطنية وتوافق وطني " يد تبني ويد تقاوم" فلا مجال للتحزب او الكره او الحقد او الادعاء او الشيطنة ما دام الجميع يعمل في الوعاء الوطني لإنقاذ ما يمكن انقاذه في الوقت الراهن والعصيب .
اصبح من المعتاد ان تسمع في الشارع الفلسطيني والغزي بالتحديد عبارات ومصطلحات لأفراد وجماعات " وينك يا دحلان ، اين دحلان ، دحلان المنقذ" نداءات لا ترتبط بحزب او نهج بل من عمق الحاضنة الشعبية ، فلقد تجاوز الشعب الفلسطيني الانتماء الفصائلي ليعود لمكونه الوطني الوحدوي لمواجهة المرحلة وتحدياتها ، فالهواء و الهَوَى شعبي دحلاني ، والجميع ينتظر
سميح خلف