إنتصار الأقصى . صمودا ورباط

بقلم: جبريل عودة

أحد عشر يوما من الصمود الأسطوري والرباط اليومي والإحتشاد الضخم في أداء الصلوات الخمسة في أزقة البلدة القديمة وعلى أبواب الأقصى المبارك رفضا للبوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية وكافة الإجراءات الصهيونية التي حاول الإحتلال من خلالها تمرير مخطط السيطرة على الأقصى وتواصل الإشتباك المباشر مع جنود الإحتلال ومستوطنيه في القدس ومدن الضفة المحتلة وتقديم الأرواح الطاهرة فداء للأقصى المبارك حيث إرتقى خمسة شهداء في معركة الدفاع عن الأقصى وأصيب أكثر من ألف فلسطيني ورغم القمع الوحشي للمرابطين رجالا ونساء وأطفالا بالرصاص وقنابل الغاز أخفقت قوات الإحتلال في فض جماهير القدس وأهل الأقصى المحتشدين لحماية مسرى رسولهم الكريم وبقيت الجماهير على عهدها في الدفاع عن الأقصى المبارك ولا تبالي لو فاضت الأرواح أو مزقت الأجساد في معركة الطهر والشرف الفلسطيني لمواجهة الخبث والنجاسة الصهيونية .
بعد أحد عشر يوما من الإصرار على الحق والتمسك بقدسية المكان والرفض لتهويده أو تدنيس باحاته إنتصرت إرادة المقاومة المنغرسة في نفوس الأطهار من رواد الأقصى وأبناء القدس الأبطال إنتصرت عزيمة المرابطات الماجدات وهن يرابطن على أبوابه تفوح من جنبات حلقاتهن عطر آيات الإسراء إنتصر الأطفال المقدسيين وهم يوزعون إبتسامة الإستبشار بمستقبل الأمة الواعد بين صفوف المرابطين على أبواب الأقصى ويقهرون الجنود الصهاينة وقد عزموا على الدخول للأقصى رغما عن شروط الكابنيت الصهيوني إنتصرت الأمهات ودموعهن المنهمران في محراب الدعاء للأقصى وفرسانه بأن ينصرهم الله ويبطل كيد يهود إنتصرت سماء القدس وقد أشرقت على شموس الحق ترابط مع نداءات الفجر حي على الجهاد حي على الرباط إنتصرت جبال القدس وهي تتهلل فرحا بصمود المقدسيين كالأوتاد في وجه سيول التهويد الأسنة إنتصرت بلابل القدس وقد تغنت بتراتيل النصر مع زهو المنشدين الواثقين بالنصر عند باب الأسباط في كل ليلة رباط إنتصرت فلسطين وهي تدفع الشر الصهيوني عن الأقصى إنتصرت فكرة المقاومة وثقافة الصمود إنتصرت إرادة التحدي والإصرار على الحق إنتصرت جنين وأم الفحم إنتصرت غزة ونابلس إنتصرت رفح ورام الله إنتصر كل الوطن وأبنائه إنتصر رماة الحجارة على الطرق الإلتفافية إنتصر الملثم الغزاوي وهو يرسل برسائل الردع والقوة لتزداد كفة المرابطين والمعتصمين في قدسنا ويزداد ثقلها المرعب على طاولة الكابنيت بغلاته ومتطرفيه فيهرب صاغرا من ساحات الأقصى لينهي كافة إجراءاته العدوانية إنتصرت فلسطين من بحرها إلى نهرها وهي تنافح عن الأقصى المبارك بفلذات أكبادها في غفلة كثير من المسلمين اللاهثين خلف ناعقي فضائيات التطبيع فكانوا بعض العرب على دين إعلامهم الخبيث فأصبح لديهم حارس الأقصى إرهابيا والمعتدي الصهيوني المجرم حمامة سلام.
إنتصر الأقصى وجدد المنتفضين الأخيار في قدسنا سيادتنا كعرب ومسلمين على أقصانا الشريف وأحيوا في نفوس الأمة قدرة التحرير وإمكانية تطهير الأقصى وأن جيل صلاح الدين يولد على عين الثورة المقدسية في فلسطين وأن أوان المعركة الفاصلة قد إقترب من أجل إسترداد قدس المسلمين وأن المقاومة خيار أصحاب الحق فلا تسترد الحقوق إلا بالإعتصام والقوة والتمسك بالحق دون تنازل أو تهاون أو نسيان أو تفريط .
لقد كثر الحديث عن جهود الزعماء والملوك العرب في فتح أبواب الأقصى المبارك حديث يثير السخرية والإستهجان ما هكذا تستهدف العقول في زمن الإنفتاح والتنوع المعرفي والنقل المباشر للأحداث فلم نرى جيوشا للملك أو حشودا للرئيس ترابط على حدود فلسطين لردع العدو عن إستباحة أقصانا لم نشاهد مؤتمرا أو حديثا عاصفا لملك أو رئيس يندد بعدوان نتانياهو وجنوده على المسجد الأقصى ألا يستحي إعلامكم ألا تخجل إذاعاتكم فلقد إستمرت معركة الدفاع عن الأقصى أحد عشر يوما حقق فيها شعبنا المرابط في قدسنا الغالية إنتصارا لا يضاهيه إنتصار في زمن الخنوع والإستسلام للإرادة الصهيوأمريكية ولم نرى مسيرة واحدة في عواصمكم أو طردا لسفراء الصهاينة من عقر داركم لقد أفشل شعبنا الفلسطيني وحدة وفي المقدمة منه مرابطي ومرابطات القدس الأبرار وأهلنا المنغرسين في الأرض المحتلة عام 48 كل مخططات التهويد التي إستهدفت الأقصى المبارك وأعادت الرسالة قوية لقادة الإحتلال في مؤسسة العسكرية والأمنية والدينية أن المسجد الأقصى خط أحمر وأن المساس بالأقصى سيؤذن بزوال كيانكم الهش وأن ما يحصل في شوارع القدس وما يجاورها من مدن الضفة المحتلة والمثلث والنقب والجليل ما هو إلا سيناريو مصغر عن الجحيم الذي سيطال كل الرؤوس التي تريد الشر وتسعى للكيد ضد المسجد الأقصى المبارك .
وإن كان من رسالة في هذا اليوم الأغر الذي إنتصرت فيه عزائم الأحرار على مخططات الفجار نقول بأن المقاومة ودفع العدو بكل ما نملك هو الخيار المجدي والسبيل المعتبر من أجل إسترداد حقوقنا وصون مقدساتنا وأن وحدة الصفوف ورص الجموع الفلسطينيين على هيئة تلاقي المرابطين في صفوف الصلاة لنشكل معا وحدة متينة راسخة قائمة على التمسك بالحقوق والعمل على إنتزاعها بالقوة من بين أنياب الإحتلال حيث أن البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يجمع بين ترسيخ الوحدة وتعزيز المقاومة قادر على النهوض بالقضية والسير بها نحو مسارات التحرير والخلاص من المحتل.

بقلم جبريل عوده
كاتب باحث فلسطيني
2872017م