القدس بعد الانتصار... لوقت الاعتراف

بقلم: وفيق زنداح

ارادة الانتصار التي تحققت على يد المقدسيين ... تدلل على الكثير مما كنا وغيرنا نفتقده أو نشكك به على مدار خمسة عقود من احتلال القدس والأقصى ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تم حصارها بأحزمة استيطانية وسياسة تهويدية ومحاولات عبث بتراثها وما فوق وباطن أرضها .
الاحتلال العنصري وقيامه أخيرا بإزالة البوابات الالكترونية والكاميرات وغيرها من الأجهزة التي حاول من خلالها أن يغير من الواقع القائم للمسجد الأقصى بما يعزز من الاحتلال وإجراءاته وتدنيسه للمقدسات والمساس بأقصانا .
إعادة فتح كافة الأبواب ودخول كافة الأعمار وممارسة حق العبادة تحقق بفعل إرادة التحدي والصمود والإصرار على أيدي المقدسيين والذي يعتبر نصرا وتحولا كبيرا وجذريا في معادلة الصراع الذي يؤكد أن الفلسطينيين بإرادتهم ووحدتهم والتفافهم حول أهدافهم يستطيعون أن يحققوا النصر ... وان يوصلوا للمحتل الإسرائيلي رسالة أن الاحتلال زائل ... وان الحق لا يضيع بالتقادم ... وان الحقوق الوطنية ستتحقق مهما طال الزمن .
رسالة المقدسيين وقد وصلت لكافة الأطراف ... أن القدس عربية فلسطينية وان الأقصى للمقدسيين ولكافة المسلمين وان الأوهام والأحلام والخزعبلات الإسرائيلية ليس لها أساس من الواقع وستبقى مجرد هذيان وكوابيس وان القدس ستبقى فلسطينية وعاصمة لدولة فلسطين .
رسالة النصر المقدسي جاءت بتوقيت هام وفي ظل منعطف تاريخي ترسل بمضمونها إلى كافة المؤسسات والدول أن إطالة أمد الاحتلال لن يستطيع أن يحسم رواية كاذبة وافتراءات تاريخية ومحاولة فرض خداع إعلامي حول أحقيتهم بالقدس والأقصى تحت مزاعم ثوراتية لا أساس لها من الصحة .
قوة البطش والعدوان والعنصرية ومهما امتلكت من وسائل القوة والسيطرة إلا أنها تتهاوى أمام الحقائق على واقع الأرض وأمام إرادة الفلسطينيين المقدسيين الذين حددوا الجغرافية السياسية للقدس بأجسادهم العارية وبصرخاتهم القوية وبإيمانهم وعزيمتهم التي لا تلين ولا تعرف المستحيل ... والذين جعلوا من شرق القدس منطقة محررة من اليمين المتطرف وقطعان المستوطنين وجعلت قوات الاحتلال بحالة استنفار كامل بفعل إرادتهم المصممة على انتزاع حرية مقدساتهم .
عبر مراحل التاريخ سجل المقدسيين العديد من الانتصارات في التاريخ القديم والحديث من خلال صمودهم وثباتهم ورباطهم والذي أكد أن أهل القدس وفلسطين لم يتخلوا عن قدسهم ومقدساتهم .
من هنا ما بعد انتصار ... جاء وقت الاعتراف ..
أولا إسرائيل المحتلة والغاصبة لأرضنا يجب أن تعترف بحقوقنا الثابتة والتاريخية بالقدس والأقصى وان كافة المحاولات لم تستطيع أن توفر السيادة والسيطرة الإسرائيلية على حساب حقوقنا الوطنية والتاريخية .
ثانيا يجب الاعتراف من قبل دولة الاحتلال ومؤسساتها الأمنية أن القدس والأقصى للفلسطينيين وان حساباتهم الخاطئة وغير القائمة على أسس صحيحة تعتبر إضاعة للمزيد من الوقت وإهدار الدماء .
ثالثا العالم بأسره وقد شاهد أصحاب الحق من أهل القدس وهم ثابتين ومرابطين ومدافعين وان آلة الاحتلال لم تستطع أن تهز من صمودهم ورباطهم وتمسكهم بمقدساتهم .
رابعا العالم بأسره وقد وصلت رسالة المقدسيين أن القدس والأقصى خط احمر لا يمكن تجاوزه وبالتالي سيبقى النصر حليفنا والهزيمة للاحتلال وقطعان مستوطنيه .
خامسا الفلسطينيين ووحدة موقفهم وتماسكهم والتفافهم حول قدسهم ومقدساتهم وعدم القبول بإهدار طاقاتهم وجهودهم وتعزيز وحدتهم يعتبر الأساس الفاصل والحاسم الذي يعتمد عليه وتحقيق النصر بإرادتهم الوحدوية وبصوتهم الواحد وبقرارهم الموحد .
وقت الاعتراف من الجميع للقول بكل ثقة أن المقدسيين قد انتصروا بما يمتلكون من إرادة وتحدي وإيمان وإصرار ... وعلى الجميع أن يعترف أن اليمين الإسرائيلي بكل تفرعاته ومؤسساته قد أصابها الهزيمة وحالة الذهول من خسارة محققة جاءت على أيدي المقدسيين وهذا ما يشكل استخلاصا استراتيجيا له ما بعده من انتصارات حتى يزول الاحتلال وتعود القدس والأقصى والأرض الفلسطينية إلى حيث يجب أن تكون العودة في إطار دولة مستقلة عاصمتها القدس .

الكاتب وفيق زنداح