جلس علي شاطئ بحر المخيم بغزة ، ينظر الي الموج ويتأمل زرقة البحر ، والحزن يملأ قلبه ،
جاء صديقه وجلس بجانبه ، قال له ما بك يا صديقي ؟ لمً كل هذا الحزن ؟؟؟
قال له بصوت يتألم : إنها أوجاع وطن يا صديقي ،
فمناضلين الأمس خلعوا ثيابهم الوطنية ولبسوا البدل الرسمية وتغيرت وتبدلت مفاهيمهم الوطنية ،
مناضلين الأمس من وثقنا بهم بأنهم سيكونون عونا للفقراء وسندا للبسطاء بمخيماتنا وقرانا ، أصبحوا مجموعة من أصحاب المكاتب الفخمة وانفصلوا تماما عن واقع شعبهم المؤلم ، وبدلا من أن يكونوا عونا للناس أصبحوا عبئا علي الناس وعلي الوطن ، وبدل أن يجمعوا ويوحدوا الناس ويحتضنوا المناضلين ، حاربوا المناضلين الأوفياء وفرقوا شمل الناس ، وتحولوا لمجرد مجموعة من المتنفذين والمستفيدين والمنفرين ، والمنغلقين علي أنفسهم كأن الوطن حكرا لهم ،
المؤلم اكثر يا صديقي أنهم أكثر الناس حديثا عن محاربة الفساد وهم أهله ، وأكثر المنتقدين للواسطة والمحسوبية وهم يمارسونها ويمارسون الشللية والكوتات والواسطات والفساد علنا ويعتقدون أن الناس بلا عيون ولا آذان !!!
معقول يا صديقي أن هؤلاء الشلة الكاذبة الفاسدة عُميت أبصارهم وصُمت آذانهم وما عاد يعنيهم سوي الاسترزاق والمكاتب والمراتب ؟؟؟
ألهذا الحد يا صديقي وصل بهم سوء الحال والاستعباط والاستهبال ؟؟؟
هل من وثق بهم من كبارهم لا يعرفون الواقع ؟؟؟ لماذا صامتين علي فسادهم إذا ؟؟؟
أحقا هم يريدون وطن ؟؟؟ أم ان الوطن بالنسبة لهم فقط شعارات لدغدغة عواطف الناس والكذب عليهم ؟؟؟
نظر إليه صديقه بحزن وألم ، ولم يستطيع أن يحبس الدمعة في عينيه ، وقال له : لقد أوجعت قلبي يا صديقي ، فوجع قلوبنا هو وجع الوطن ، هوَن عليك يا صديقي ولنبتعد عن هذه المرحلة الموبوءة بالنفاق والضلال والخداع ، المرحلة السيئة بقادتها وأدواتهم الفاسدة ونهجهم الكاذب وسرقتهم لأحلام وأمنيات البسطاء ، ولننأى بأنفسنا عن كل هؤلاء ، فالأحرار والأوفياء يعيشون بغربة ، فلنكن غرباء خيرا ألف مرة من أن نتلوث ونخسر قناعتنا ومبادئنا ،
فهذه مرحلة ملوثة يا صديقي ، ليس مرحلة الأحرار والأوفياء ،
وقمة النضال والوطنية والوفاء لعهد الشهداء في هذه المرحلة هو أن نحافظ علي وطنيتنا وطهارة فكرتنا وقناعاتنا الثورية وأن لا نتلوث بهم ومعهم وبنهجهم الموبوء ،
آه يا صديقي كم نحن موجوعين بوجع وطننا ، فإلي متي سنبقي الضحية التي تحدث عنها محمود درويش وقال : " نحن الضحية التي جربت فيها كل أنواع القتل ... حتى أحدث الأسلحة ! لكننا الأعجوبة التي لا تموت ولا تستطيع أن تموت "
ونحن لا نستطيع إلا أن نكون أوفياء أحرار ،
كفي يا صديقي وهيا بنا نغادر فإنني متعب جدا ، وأشعر برغبة بالنوم مبكرا اليوم ، علًه يزورني حلم ويعطيني أمل بأنه مازال هناك أمل بوطن حر ومستقبل أفضل لأطفال المخيم البسطاء ،
إلي لقاء يا صديقي ، وتصبح علي وطن حر يحترم الانسان ، وطن جميل بلا منافقين ولا قادة لصوص ومخادعين.
بقلم/ حازم سلامة