كشفت تقارير صحفية إسرائيلية، عن خطة لقيام "الإدارة المدنية" الإسرائيلية بالاستيلاء على مهام السلطة الفلسطينية، كخطوة متقدمة لاستباق انهيارها، في قراءة معمقة لتزايد احتمالات فشل المساعي السياسة المبذولة على أساس حل الدولتين، بالإضافة لاحتمالات وقوع صراع على السلطة في حال حدوث غياب مفاجئ للرئيس محمود عباس، استناداً لتقدمه بالسن، ووضعه الصحي، وكذلك انعدام فرص تحقيق المصالحة الفلسطينية، ليبرز التساؤل حول تحرك القيادة الفلسطينية أمام الخطة الإسرائيلية المثيرة للقلق والاهتمام؟
المغزى السياسي للخطة ...
يقول وزير شؤون القدس سابقاً والكاتب السياسي زياد أبو زياد، حول المغزى السياسي من عزم إسرائيل إعادة بناء الإدارة المدنية في الضفة الغربية إن "التخطيط لمرحلة ما بعد انتهاء السلطة الوطنية الفلسطينية، لاعتقادهم أن وجودها مرحلي وسينتهي، بوجود حكومة إسرائيلية في الضفة الغربية، تحت مسمى الإدارة المدينة، تدير شؤون الضفة الغربية، بما يشمل الفلسطينيين والمستوطنين على حد السواء".
وأكد في مقابلة مع "وكالة قدس نت للأنباء"، أن احتمالات انتهاء وجود السلطة قائمة على عدة اعتبارات من بينها، فشل مفاوضات الحل السياسي القائمة على مبدأ حل الدولتين، وقرار فلسطيني أو إسرائيلي بإنهاء وجود السلطة، بالإضافة لاحتمالية فشل جهود المصالحة، بما يمهد لفصل نهائي بين الضفة الغربية وقطاع غزة
وتؤكد التقارير الإسرائيلية أن الهيئة الأمنية الإسرائيلية أعدت مخططاً واسع النطاق لرفع مستوى الإدارة المدنية في الضفة الغربية، وأن في بؤرة هذا المخطط مضاعفة القوى البشرية، وإلغاء الصيغة التاريخية للإدارة المدنية كوحدة عسكرية، وهذا يعني إعادة تسمين وتفعيل جهازها الإداري الذي انخفض عام 94، من حوالي 450 موظفاً إلى حوالي 2000 موظف بما يتناسب مع الدور الذي أعد لها.
وأضافت التقارير إلى إعادة بناء وتوسيع أجهزتها ونطاق عملها لتتولى إدارة شؤون الفلسطينيين والمستوطنين على حد سواء. أي أن تكون حكومة الضفة الغربية التي تتولى شؤون الطرفين.
الموقف الأمريكي مائع...
وبشأن موقف الولايات المتحدة من انهيار السلطة، بالتزامن مع الترويج لما يسمى صفقة القرن، أكد أن "الموقف الأمريكي مائع ولا يحسم الأمور، وخير دليل، التسريبات التي وردت على لسان مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط جاريد كوشنر بقوله "لن يكون حل للصراع"، بالإضافة لتصريح ترامب عقب اللقاء الذي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو بشأن حل الدوليتين "نقبل بالحل الذي يقبل به الطرفان".
وأضاف أن "التصريحات تؤكد تخلي الولايات المتحدة عن حل الدولتين، معللاً الأمر بأن معظم متحدثي السلطة، باتوا يطالبوا الإدارة الأمريكية بموقف واضح إلى جانب حل الدولتين، وهذا يعطي انطباعا أن لديهم قناعة أن أمريكا تخلت عن حل الدولتين".
وشدد على أن وجود السلطة مرحلياً يخدم عدة أطراف، ويخدم أوروبا بوجود حل لأزمة الشرق الأوسط، والولايات المتحدة باستفرادها بالعملية السلمية، ويخدم إسرائيل بإعطائها غطاء لاستمرار سياسة الاستيطان والتهويد، وفرض وقائع جديدة على الأرض، مستدركاً أنه بعد استنفاذ جميع الأطراف أهدافها لن يبقى مبرر لوجودها.
تصفية للقضية الفلسطينية .....
وفيما يتعلق باستجابة الجانب الفلسطيني، لخطة إحياء الإدارة المدنية في الضفة الغربية توقع أبو زياد أن " انهيار السلطة الفلسطينية، سيوجد فراغاً، سيتولد عنه صراع بين القوى الموجودة على الأرض، منوها إلى أن إسرائيل لن تسمح بالفراغ والفوضى بين حدودها وعلى المستوطنات وستقوم باحتلال الضفة الغربية بشكل عسكري مكثف لضبط الأوضاع، والضغط على الشعب الفلسطيني ليبقل بالأمر الواقع".
ونوه إلى أن الكثيرون في الساحة الفلسطينية يعتقدون أن انهيار السلطة، ليس بكارثة، ما دام الشعب الفلسطيني باقٍ على أرضه، معللاً الأمر بأن الصراع ممتد، فيما يرى البعض وجود السلطة أسوأ من عدم وجوده.
وبشأن مصير قطاع غزة أكد أن "الأمور تذهب بالقطاع نحو دويلة، والفصل النهائي بين الضفة وغزة رغم كافة الشعارات التي ترفع، بما يكرس للانفصال على حساب الضفة الغربية والقدس، مشدداً على أنها جريمة ترتكب بحق القضية الفلسطينية".
وبشأن المطلوب من القيادة الفلسطينية لتفادي سيناريو إعادة إحياء خطة "الإدارة المدينة " في الضفة الغربية أكد زياد أن "صراع كافة الفصائل الوطنية والإسلامية، بما فيها قيادات الفصيلين الأكبر في الساحة الفلسطينية فتح وحماس، من أجل سلطة غير موجودة، قادت الشعب لمستقبل مظلم".
ونوه إلى أنه في حال سقطت سلطة رام الله وأقام الاحتلال حكومة في الضفة الغربية، وخرجت غزة من المشهد بتشكل دويلة فيها أياً من كان يحكمها، وعاد الحكم العسكري المشابه لما قبل احتلالها عام 67، يعد ذلك تصفية نهائية للقضية الفلسطينية يتحمل مسؤولياتها كل من قال "أنه قائد فلسطيني وبيده القرار"، على حد قوله .
وجدير بالذكر أن الإدارة المدنية الإسرائيلية تأسست عام 1981، بموجب الأمر العسكري رقم 947 والذي جاء فيه أن الهدف من تشكل الشؤون المدنية هو " إدارة جميع الشؤون المدنية من أجل رخاء ومصلحة السكان " المحللين"، وبهدف تزويد وإدارة الخدمات العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة للحفاظ على الحكم الصالح والنظام العام".