الحل الممكن بديلا عن حل الدولتين ..

بقلم: هاني العقاد

مضي اكثر من ثلاث شهور على زيارة دونالد ترامب للمنطقة وخاصة العربية السعودية وحديثة عن امكانية التوصل الى صفقة القرن والتي من خلالها تقدم الادارة الامريكية حل نهائي للصراع في الشرق الاوسط دون اي تقدم ملموس في العلاقات الامريكية العربية من جانب ودون اي تقدم حقيقي على مسار السلام في الشرق الاوسط المنطقة شهدت عشرات الجولات لمبعوث الادارة الامريكية جيسون غربنيلات ومستشار ترامب المراهق اليهودي والفارغ سياسيا جاريد كوشنر اجريا خلالها العديد من المباحثات حول اليات دفع العملية السياسية في المنطقة دون اختراق حقيقي على المستوي العملي ودون النجاح بإقناع الإسرائيليين بأهمية الاعتراف بحل الدولتين وتهيئة الاجواء لعلمية سلام حقيقية وكأن جولاتهما ما هي الا تحسين مستوي العلاقات بين الإسرائيليين والأمريكيين واثارة بعض الدخان في الاجواء ليراها الفلسطينيين وبالتالي يصدقوا ان الامريكان يطبخوا على نار هادئة وبهذا يقتنع الفلسطينيين ان الادارة الامريكية تبذل جهدا كبيرة للتوصل الى حل حقيقي للصراع .

منتصف فبراير من العام الجاري تلقي الرئيس ابو مازن اتصالا هاما من الرئيس الامريكي دونالد ترامب استمع فيه الرئيس ابو مازن باهتمام لما يريد ان يستكشفه دونالد ترامب فيما يتعلق بحل الصراع وهنا اكد الرئيس ابو مازن ان حل الدولتين هو الحل القابل للتطبيق واكد التزامه بذلك وتلقي الرئيس ابو مازن دعوة رسمية لزيارة البيت الابيض في مايو جاءت زيارة الرئيس ابو مازن للبيت الابيض وقال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع أبو مازن نحن نريد خلق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وسوف نعمل على ذلك، وسوف نحققه. وأضاف ترامب أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأن الإسرائيليين والفلسطينيين سوف يبدؤون العمل من أجل محادثات السلام. لم تنقطع الاتصالات بين الجانين لكن الجديد ما اتخذه الكونغرس الامريكي من قرارات لتقليص الدعم الامريكي لخزينة السلطة بادعاء ان السلطة تدفع الاموال للأسري والمعتقلين والمحررين من السجون الاسرائيلية واطلقوا عليها مخصصات منفذي الهجمات ضد اسرائيل يعني مرحلة ابتزاز سياسي بدأت والمثير للقلق ان ادارة البيت الابيض دعمت مشروع الكونغرس القاضي بتقليص التمويل الامريكي للسلطة الفلسطينية.

جيسون غرينبلات وكوشنر سيصلان المنطقة هذه الايام من اجل جولة مباحثات موسعة في تل ابيب ورام الله والرياض والقاهرة وعمان والامارات واتمنى الا تكون مباحثاتهما لطرح صورة للحل الممكن مع الاحتلال وخاصة هذه الزيارة تأتي في ظل تسارع اسرائيلي مخيف للإجهاز على حل الدولتين واجراءات اسرائيلية مستمرة لتقسيم المسجد الأقصى ما دفع القيادة الفلسطينية تجميد الاتصالات مع دولة الكيان بما فيها التنسيق الامني الذي تحاول اسرائيل الايحاء انه مستمر واتمنى الا تكون جولة كوشنر وغرنمبلات لإعادة العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية الى سابق عهدها لا اعرف اذا ما كان الرئيس ابو مازن سيلتقي غرنبلات هذه المرة على خلاف المرة السابقة ابان ازمة البوابات الالكترونية ام لا لكن انا اعتقد ان اي لقاء بين الرئيس ابو مازن وغرنبلات لابد وان يحدث علي اثر نجاح امريكي في احداث اختراق سياسي حقيقي اي نجاح غرنبلات في اقناع الإسرائيليين وقف التغول الاستيطاني في اراضي الضفة و وقف الاقتحامات والاعتقالات واحترام السيادة الفلسطينية في مناطق أ وهذا يعني ان جولة الرجلين جاءت بفائدة وحققت اهدام تعيد الحياة لمبدأ حل الدولتين لكن اشك حتى اللحظة في قدرة الامريكان وخاصة غرنبلات ورئيس الطاقم كوشنر على التوصل لأي تقدم يساهم في الحفاظ على حل الدولتين بسبب انحيازهم الكامل للسياسة الاسرائيلية في المناطق المحتلة و تبنيهم للحلول الممكنة واطلاق المفاوضات دون شروط فلسطينية ودون تثبيت امريكي لحل الدولتين كأساس للمفاوضات التي ان انطلقت دون خطة ودون جدول زمني ودون توقف كامل للاستيطان فأنها ستكون مفاوضات كارثية سوف تستغلها اسرائيل لتحقيق مشروعها الاستيطاني الكبير بفصل كل مناطق الضفة الغربية عن بعضها البعض وبالتالي اختزال حل الصراع الى حل مؤقت بدويلة فلسطينية لا تربطها اي حدود مع محيطها العربي وخاصة الاردن .

ما بات واضحا ان الموقف الأمريكي من حل الصراع بات فاترا وقد يستمر في الفتور خلال الايام والشهور القادمة ويبدوا ان الامريكان منشغلين اليوم بالملف الكوري الشمالي الان ولم يعد ملف الصراع علي سلم اولويات الادارة الامريكية لذا لا نلاحظ تركيز امريكي على متطلبات حل الصراع والاكثر احتمالا ان الامريكان اقتنعوا ان الصراع معقد الى درجة كبيرة لا تستطيع الادارة الامريكية الحالية حله وهذا ما عبر عنه كوشنر امام متدربين في الكونغرس الامريكي عندما قال الحل غير ممكن لكن احياء محادثات السلام هي احدي الامور التي طلبها منا ترامب هنا بات مصطلح الحل الممكن يطفوا للسطح اي الحل الذي يرضي اسرائيل ويقفز عن الحقوق الفلسطينية واخشي ان يكون بديلا للحل على اساس حل الدولتين دون اسس او رجعيات مع نسف كامل لمبادرة السلام العربية واخشي اليوم ان جولة مبعوثي ترامب تتمحور حول ما هو ممكن وليس الحل المنطقي اي حل الدولتين وهذا ما يفسر فتور الاستعداد الامريكي لحل الصراع وعدم توظيف ادوار فاعلة باتجاه اسرائيل لإجبارها على احترام متطلبات السلام الشامل وانهاء الاحتلال والرحيل عن حدود الرابع من حزيران والمساهمة في استعادة امن واستقرار المنطقة من خلال اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية.

بقلم/ د. هاني العقاد