فيديو سيراً نحو فلسطين

توقف في إحدى الغابات المحاذية للطريق العام في مدينة أنغلهولم السويدية، خلع حذاءه الرياضي المريح، نصب خيمته، أوقف عربته وعلّق بها علم فلسطين، وأشعل ناراً ليحضّر طعام العشاء. طبق الليلة بعض الأرز والخضار، قلّما يهم، وهو الذي خاض إضراباً عن الطعام منذ فترة تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
كان قد قطع أكثر من 170 كيلومتراً وما يزال أمامه الكثير، مسافات طويلة، ظروف مناخية قاسية، حدود يجهل ماذا تخبئ له. أيضاً لا يهمّ. هو اعتاد على القيام بأمور جنونية، حسناً قد تكون هذه الرحلة أكثرها جنوناً، لكن على أرض فلسطين ما يستحق.
هكذا يفكّر بنجامين لادرا، الشاب السويدي والناشط من أجل القضية الفلسطينية. طريقته الجديدة المبتكرة للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتعريف الناس بمعاناته لفتت أنظار كثيرين.
في 5 آب/ أغسطس الحالي انطلق من منزله في مدينة غوتنبرغ متجهاً إلى فلسطين سيراً على الأقدام في رحلة يتوقع أن تستغرق قرابة العام. لا يؤمن بنجامين بتحقيق الأهداف، يثق أكثر في السعي، يراه هدفاً بحدّ ذاته. فباتت فلسطين وشعبها المظلوم جزءاً من سعي يومي انتصاراً لهما.
يروي بنجامين لموقع "الميادين نت" بداية هذه العلاقة مع فلسطين يوم تعرّف إلى شاب فلسطيني نشأ وترعرع في مخيم اليرموك ليصبح لاحقاً صديقه الأقرب. كان ذلك قبل ثلاث سنوات ونصف، اعتاد خلالها على تثقيف نفسه والقراءة وتبيان الحقيقة والوضع على أرض الواقع لا من خلال البروباغندا أو ما تقوله وسائل الإعلام. مذاك وهو حاضر بقوّة في فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني، وصولاً إلى زيارة فلسطين قبل عام ونصف العام. أما فكرة السير إلى فلسطين فهي لإثارة انتباه الناس. "لدي الكثير من الأمور التي أريد قولها عن فلسطين من أجل زيادة الوعي تجاه ما يحصل وليقوم الناس بأمر ما بشأن الاحتلال" يقول لنا بعد مسير دام لساعات.

عام لادّخار ثمن حاجيات الرحلة
أمضى بنجامين لادرا عامّاً وهو يدخّر المال الذي يحتاجه لشراء الحاجيات والمعدات الضرورية لرحلته التي سيواكبها الميادين نت بحملة تنطلق مطلع الأسبوع المقبل. التكلفة بلغت ألفي دولار، في نهاية الأمر يحتاج إلى ما هو جيد ونوعي ومتين لكي يتحمّل معه مشقة السفر الطويل. استقال من عمله وتخلّى عن مدخوله البسيط.

لا يملك بنجامين الكثير من المال. يقول "إنه لا يحتاج إلى نفقات كثيرة باستثناء الطعام". رغم ذلك يرفض أي نوع من الدعم المادي. يؤكد "الناس الذين ألتقيهم طيبون.. لا أحتاج المال.. لا أحتاج للمساعدة.. الناس في فلسطين يحتاجونهما وإذا أراد أحد ما المساهمة فليساهم من أجلهم لا من أجلي".


الغشّ ممنوع
مسار رحلة بنجامين، التي أرادها في الذكرى المئوية لوعد بلفور، بدأ من السويد مروراً بألمانيا والنمسا وسلوفينيا وتركيا وقبرص وصولاً إلى فلسطين المحتلة. المسافة الأطول هي تلك التي سيقطعها في بلده قبل العبور نحو ألمانيا. أثناء تواجده في السويد يحاول أصدقاء بنجامين من وقت لآخر اللحاق به ولقاءه وتناول الطعام برفقته.

يروي أحمد زيان الصحافي السويدي من أصل فلسطيني وصديق بنجامين المواكب له كيف أن الأخير رفض الصعود في سيارته لمسافة مئة متر فقط قائلاً وهو يضحك "الغشّ ممنوع"، في رحلة تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية الصادقة التي سيترجمها من خلال محطات عديدة سيتوقف فيها بنجامين لتعريف الناس بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني.   

تشومسكي وفينكلشتاين وهيدجز رفاق الرحلة
يحمل بنجامين مكتبة صوتية على هاتفه وأخرى بصيغة pdf. يقرأ حالياً لكريس هيدجز الكاتب والصحافي الأميركي الحائز جائزة "البوليتزر" لتغطيته للإرهاب الدولي والمعروف بخطابه الشهير عن الحرب الإسرائيلية على غزة التي وصفها بـ"الجريمة". يقول لنا "إن بين يديه كتاباً عن كيفية تخريب زعماء العالم للأرض واتخاذهم قرارات سيئة لمصالحهم الخاصة.
بعد هيدجز على لائحة الكتّاب الذين سيرافقون بنجامين في رحلته نعوم تشومسكي ونورمان فينكلشتاين وآخرون.  

السرّ في الإرادة.. والأفكار كثيرة
"إذا كنت تملك الإرادة يمكنك القيام بأي شيء" هكذا يجيب بنجامين الذي يعتقد أن "إرادته قوية" بما يكفي لكي تجعله يجتاز كل هذه المسافة ليصل إلى فلسطين ولكي يبدأ بالتفكير منذ الآن بالخطوة التالية التي سيقوم بها بعد هذه الرحلة، فـ"الأفكار كثيرة" كما يؤكد.

يحلم بنجامين لادرا بالمدينة الفاضلة. يقول "لم نختبرها يوماً لكن بإمكاننا أن نتخيل عالماً يعمّه السلام.. وعالماً من دون مجاعة.. نستطيع أن نتخيل فلسطين حرة. ويجب علينا أن نسعى دائماً للاقتراب من هذه التخيلات بحيث تصبح المدينة الفاضلة التي نفكر بها ممكنة".

المصدر: وكالات - وكالة قدس نت للأنباء -