المشهدين العسكري والسياسي في سوريا يشهدان تطورات متلاحقة يحقق فيهما الجيش السوري وقيادته المزيد من المكاسب والإنتصارات سواء لجهة استعادة المزيد من الجغرافيا السورية من الجماعات الإرهابية والتكفيرية ....او لجهة ترسيخ سيادة وسيطرة القيادة السورية على الأوضاع وبلوغ مرحلة الإستقرار وإعادة الإعمار...ولعل اقامة معرض دمشق الدولي وبمشاركة دولية واسعة يعكس ذلك ويؤشر على ان سوريا الدولة تتعافى وأخذة اوضاعها في الإستقرار وقرب استعادتها لدورها العربي والإقليمي والدولي...سوريا التي اكتوت بنار الإرهاب وتكالب كل دول العهر والنفاق عليها عربية وإقليمية ودولية وصهيونية خدمة لأهداف ومشاريع سياسية تصفوية ورغبة في تدميرها واسقاط هويتها العروبية ونظامها الوطني والقومي،وكذلك ضخ المزيد من الأموال الى جيوب أصحاب شركات احتكار السلاح في أمريكا ودول اوروبا الغربية التي تغذي الإرهاب واستمرار الحرب على سوريا.
ما يحدث من تطورات في العالم واحداث مثل تنامي روح الفاشية والعنصرية البيضاء والنازية الجديدة سواء في أمريكا أو بريطانيا او المانيا تجاه السود والملونين والمهاجرين...والتفجيرات الإرهابية في أكثر من بلد ودولة وعاصمة أوروبية والتي كان آخرها عملية الدهس في برشلونه التي تبنتها داعش وما خلفته من ضحايا وجرحى،يؤكد بأن هذا الإرهاب عابر للقارات والمذاهب والأديان والقوميات،ولكن هناك من يحارب هذا الإرهاب،بكل قوة وجدية من اجل إجتثاثه وتجفيف منابعه وموارده الماليه وحواضنه الفكرية المغذية بتوفيرها المنابر الإعلامية والسياسية والدينية له والبنى التحتية والخدماتية والمؤسساتية والإغاثية والإجتماعية والإقتصادية ..الخ،وهناك من يهادن الإرهاب ويتستر عليه ويستغله ويستثمر فيه ويتولى تصنيفه الى إرهاب جيد وإرهاب سيء إرتباطا بالتوظيف له وبالمصالح وخدمة الإهداف،وهو ما يؤدي في النهاية الى إرتداد هذا الإرهاب على مشغليه او خروجه عن طوعهم ورعايتهم ليرتد الى عقر دورهم،وهذه نتيجة منطقية وحتمية شواهدها كثيرة في التاريخ.
سوريا بقيادتها وجيشها وصمود شعبها والتلاحم ما بين القيادة والجيش والشعب،تمكنت من ولوج مرحلة الإنتصار والوقوف على عتبات إعادة الإعمار،وكذلك هناك عوامل ساعدت في التقدم الكبير نحو ذلك،وهي أن قوى الإستعمار الغربي وامريكا باتت على قناعة تامة بأن استمرار دعمها وتبنيها للجماعات الإرهابية في سوريا،من شان ذلك ان يقوي تلك الجماعات الإرهابية،وان توجه إرهابها الى عواصمها ومدنها،ولذلك اعلنت امريكا عن وقف دعمها المالي والسياسي لتلك الجماعات الإرهابية،وكذلك الدول المغذية والمشكلة الشريان المالي والتسليحي لتلك الجماعات،دخلت في حروب وصراعات داخلية،مشيخات النفط والكاز العربية،ناهيك عن حروب التصفيات بين تلك الجماعات الإرهابية التابعة لها،كتعبير عن تلك الحروب،وصراعات على المصالح والمال والنفوذ،وهذه بدوره جعل تلك الجماعات تضعف وتتفكك وتتآكل وتنهار.
سوريا المشاهد فيها عسكرية وسياسية واقتصادية وامنية تتغير لصالح القيادة السورية،لصالح وحدة سوريا،لصالح إنتصار المشروع القومي العربي.....إقامة معرض دمشق الدولي وتقاطر قيادات المعارضة السورية لإعلان توبتها وصك عملة سورية جديدة عليها صور الرئيس الأسد وبداية ورشة إعمار كبرى تتقاطر مئات الشركات العملاقة دولية وإقليمية وعربية على سوريا للفوز بعقودها...تجعلنا متيقنين بأن محور المقاومة والممانعة من طهران وحتى اليمن وفلسطين سيتقدم على طريق الإنتصار وفرض معادلات وتحالفات جديدة في المنطقة.
هناك من هم مصابون بعمى البصر والبصيرة،ويصرون على معاندة الواقع والحقائق،ولا يرون ما يتحقق على الأرض في سوريا من تبدلات نوعية في المشهد بكل تجلياته والوانه وصوره لمصلحة الدولة السورية وقيادتها وجيشها وشعبها،فإقامة معرض دمشق الدولي بعد إنقطاع دام خمس سنوات،وبهذه التظاهرة والحشد الكبير والحضور غير المسبوق لوفود وشركات ومصانع ومؤسسات وشخصيات اقتصادية ...وغيرها، لا يحمل رسائل ودلالات في الأبعاد الإستثمارية والإقتصادية والسياحية فقط،بل هناك رسائل سياسية بإمتياز،رسائل تقول ما كان لسوريا ان تقيم هذا المعرض الدولي،في ظل حالة من عدم الإستقرار الأمني وعدم إنقلاب المشهد السياسي والعسكري.
من غدروا بسوريا وكانوا ناكرين للجميل وممنين النفس لسقوطها،ومن تآمروا عليها وخانوها،هؤلاء يجب ان لا يكونوا جزء من أي عملية اعمار او عقود تجارية وإستثمارية،بل الألوية هنا لمن وقفوا الى جانب سوريا ودافعوا عنها كتفا الى كتف مع الجيش العربي السوري،او من سجلوا درعا وسياجا سياسيا حاميا لها في المؤسسات الدولية روسيا والصين على وجه الخصوص،فهؤلاء جميعن يجب ان يكونوا جزءا مهما من عمليات الإعمار وإعادة البناء.
يتسابقون على إعادة فتح سفاراتهم في سوريا،وسيلهثون خلف القيادة السورية،لكي يكون لهم نصيب من عقود الإعمار والإستثمار،وكذلك قيادات المعارضة بعد ان شعرت بأنها قد أفلست سياسيا ووطنيا،قسم منها سيرمى به من قبل الدول التي شغلته إلى مزابل التاريخ،وقسم آخر سيستثمر الأموال التي سرقها ونهبها في مشاريع استثمارية وخاصة خارج سوريا،وآخرين سيستجدون التوبة على اعتاب وبوابات دمشق التي خانوها وسعوا لتدميرها،ولا بأس من قبول توبتهم في اوسع مصالحة وطنية ومجتمعية تعيد اللحمة لنسيج الوطن مجتمعيا ووطنيا رغم عمق الجراح وألمها،فلا بد من دمل الجراح بعد المحاسبة والمصارحة.
سوريا اجتازت المراحل الخطرة والمشروع المعادي في طريقه الى الأفول والزوال،وسوريا سيسجل لها قيادة وجيشا وشعبا منع إنتاج مشروع استعماري جديد،مشروع سايكس بيكو بنسخته الجديدة الذي ارادوا له تفكيك الجغرافيا العربية وتجزءتها وتقسيمها وتذريرها وتفكيكها وإعادة تركيبها على تخوم المذهبية والطائفية والثروات،مشروع أرادوا به إعادة عجلة الأمة وتطورها الى ما قبل مئة عام.
ولكن بإنتصار سوريا سقط هذا المشروع وعادت وستعود سوريا كما قال الرئيس الراحل الكبير جمال عبد الناصر قلب العروبضة النابض.
بقلم/ راسم عبيدات