الذكرى الثالثة لرحيل.. الرمز الثقافي الفلسطيني المقاوم سميح القاسم..!

بقلم: أكرم عبيد

سميح القاسم رحل عنا في التاسع عشر من شهر آب أوغسطس 2014 جسداً لكنه بقى خالدا مخلداً في تاريخ شعبنا الفلسطيني المقاوم وامتنا لتتوارث سيرته وكنزه الشعري والأدبي المقاوم الأجيال جيلا بعد جيل لأنه الشاعر والأديب العربي الفلسطيني المقاوم الذي صاغ سبيكته الشعرية النادرة من أعماق موهبته الوقادة المستمدة من رؤيته للواقع المر الذي عاشه شعبنا منذ نكبة فلسطين وما تلاها من نكبات على طريق الآلام المستمدة من خبراته الذاتية على الصعيد الوطني والمكتسبة من رصيده الإبداعي القومي العربي ومن التراث الإنساني العالمي الحقيقي .

مَنّ مِنّ شعبنا وامتنا ومثقفينا لا يعرف سميح القاسم ذاك الفتى الفلسطيني الشاعر المقاوم الذي كانت وما زالت فلسطين دارة وناره ودرب انتصاره التي حملها في أعماق روحه وعقله ليتغنى بها شعراً من القلب إلى القلب حتى رحل عنا ليغيظ سلطات الاحتلال الصهيوني بصموده وكلماته التي كانت بمستوى رصاصات الفدائيين .

لقد كان سميح القاسم وما زال وسيبقى الشاعر والأديب المقاوم الذي ساهم بقدرة واقتدار بالمشاركة الفعالة في صياغة أدب المقاومة الفلسطينية الضارب في أعماق الأرض كزيتون فلسطين المؤمن بتحرير فلسطين كل فلسطين والاراضي العربية المحتلة وكان مناهضا للاحتلال الصهيوني وسياسة الأسرلة والتذويب والتمسك الصلب بالهوية والانتماء العربي الفلسطيني الأصيل .

ولد سميح القاسم في 11 ايار 1939 في بلدة الرامة شمال فلسطين ودرس في الرامة والناصرة واعتقل عدة مرات وفرضت عليه سلطات الاحتلال الاقامة الجبرية لمواقفه الوطنية والقومية وقاوم التجنيد في جيش الاحتلال الذي فرضه على اهلنا من الطائفة الدرزية التي ينتمي اليها.

وسميح القاسم متزوج واب لأربعة اولاد هم وطن ووضاح وعمر وياسر.

وحصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات فنالَ جائزة "غار الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وحصلَ على جائزة البابطين، وحصل مرّتين على "وسام القدس للثقافة" من الرئيس ياسر عرفات، وحصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر وجائزة "السلام" من واحة السلام، وجائزة "الشعر" الفلسطينية.

لقد تميز بين الشعراء بعدة القاب من اهمها " سيد الابجدية " وشاعر " المقاومة العربية " و " قيثارة فلسطين "

و " متنبي فلسطين " و " شاعر العرب الاكبر " و " شاعر العروبة " الشاعر القديس " والشاعر المبدع دائما والمتطور ابدا " و " مغني الربابة وشاعر الشمس "

لقد تحول سميح القاسم الى ركن من اركان المقاومة في الارض المحتلة وادبها المقاوم ومارس العمل السياسي والثقافي في ارض وطنه المحتل الذي استولد المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني بكل أشكالها وفي مقدمتها المقاومة المسلحة التي أصبحت اليوم تحقق أعظم الانتصارات على الأرض التي احتضنتها سورية لتضمن استمرارها حتى دحر الغزاة المحتلين وتصفية وجودهم في فلسطين والعودة لطبيعتها كما كانت قبل ارتكاب جريمة العصر عام 1948 .

لذلك فان الشكل الثقافي للمقاومة في المفهوم الادبي سميح القاسم لا يقل أبداً عن مفهوم المقاومة المسلحة لفهم الأرض التي تحتضن بنادق الثوار لمقاومة الاحتلال .

هذا هو مفهوم أدب المقاومة عند الراحل الكبير سميح القاسم الذي لم يكن ظاهرة طارئة على الثقافة الفلسطينية وأدبها المقاوم الذي أبدع نماذج كبيرة من الأدباء والشعراء مازالت خالدة مخلدة في ذاكرة شعبنا وامتنا من أبرزها إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وأبو سلمى وتوفيق زياد ومحمود درويش ومي زيادة وفدوى طوقان غيرهم وغيرهم الكثير .

هذا هو الأدب الفلسطيني المقاوم الذي عايشه الشاعر والأديب سميح القاسم بكل ظروفه القاسية الذي يعتبر من أهم الشعراء المعاصرين ممن ارتبطت أسمائهم بشعر الثورة والمقاومة وكان من أهم رفاق الدرب للشاعر الراحل محمود درويش .

لقد اعتقل سميح القاسم وسجن مرات عدة في سجون الاحتلال الصهيوني ووضع في الإقامة الجبرية كما طرد من عمله مرات عدة بسبب نشاطه الشعري المقاوم وهددته سلطات الاحتلال بالقتل والتصفية لكنه كان شامخا صلبا كشموخ جبال الكر مل والجليل.

كان من اهم الشعراء العرب والفلسطينيين المعاصرين الذي ربط معظم قصائده الشعرية بالثورة ومقاومة الاحتلال الصهيوني كما تناول معاناة شعبنا في نكبته ونكباته المتلاحقة وما أن بلغ الثلاثين من عمره حتى نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة بين ابناء شعبنا وامتنا على امتداد الوطن العربي الكبير واسس صحيفة " كل العرب " وكان ورئيس تحريرها الفخري الى جانب مساهمته في تحرير صحيفة " الغد " و صحيفة " الاتحاد " ثم رئيس تحرير جريدة " هذا العالم " عام 1966

كان سميح القاسم رئيسا لاتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما ورئيس الفصلية الثقافية " اضاءات " التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب د. نبيه القاسم كما صَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة.

وترجِمَت العديد من أعماله وقصائده إلى عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية ولغات أخرى.

كتب سميح القاسم الكثير من القصائد الثورية المعروفة والمشهورة من بينها تلك التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل أطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة وطنية قومية "منتصب القامة امشي .. مرفوع الهامة امشي …في كفي قصفة زيتون… وعلى كتفي نعشي، وأنا امشي وأنا امشي".

توزّعت أعمال سميح القاسم ومؤلفاته ما بينَ الشعر والنثر والمسرحية والرواية والبحث والترجمة ومن أهمها :

مجموعات شعرية، منها: «مواكب الشمس»،»أغاني الدروب»، «دمي على كتفي»، «دخان البراكين»، «سقوط الأقنعة»، «ويكون أن يأتي طائر الرعد»، «رحلة السراديب الموحشة»، «طلب انتساب للحزب»، «قرآن الموت والياسمين»، «الموت الكبير»، «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم»، «أحبك كما يشتهي الموت»، «الجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب»، «جهات الروح»، «الكتب السبعة». بالإضافة إلى عدد كبير من «السربيات»، وهي شكل شعريابتكره القاسم، يعتمد على المطولات.وعدد آخر من الأعمال المسرحية والحكايات والكتب النثرية والبحثية.

رحم الله سميح القاسم الرمز الثقافي الفلسطيني ولعربي والاممي المقاوم خالد مخلد في ضمير شعبنا وامتنا وكل أحرار العالم لتتوارث الأجيال ما خلفه من كنز أدبي مقاوم ثمين جيلا بعد جيل إلى الأبد .

بقلم : أكرم عبيد

[email protected]